تقرير "العربي الجديد" حول "الفساد في مسلسلات رمضان" بمصر يثير جدلاً واسعاً

25 مايو 2021
ردود فعل واسعة بأوساط العاملين بالحقل الفني والإنتاج الدرامي في مصر (فيسبوك)
+ الخط -

أثار التقرير الذي انفرد "العربي الجديد" بنشره حول التحقيق مع مسؤولين مصريين بتهم فساد بخصوص بعض مسلسلات رمضان، التي اُنتجت بواسطة شركة الإنتاج المملوكة للمخابرات العامة، ردود فعل واسعة في أوساط العاملين بالحقل الفني والإنتاج الدرامي والإعلامي في مصر، كما أثار ارتباكاً في شركة "المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" التي تلاحق الاتهامات بعض المسؤولين فيها، مما دفع الشركة لإصدار بيان قالت فيه إنها ستعقد مؤتمراً صحافياً بعد خمسة أيام للرد، وهو ما أثار استغراب مراقبين وقالوا إن "نفي الشائعات" لا يحتاج إلى 5 أيام.
وكانت مصادر من داخل "المجموعة"، قد كشفت أنه تم تشكيل لجنة من جهات سيادية لفحص كل ملفات المجموعة التي يرأسها تامر مرسي، وخاصة شركة "سينرجي" للإنتاج الفني، لوجود "شبهة إهدار مال عام" في الأعمال الدرامية التي تم إنتاجها في رمضان بواسطة الشركة، وأعمال أخرى توقف إنتاجها.
وأشارت المصادر إلى أنه، جرى التحقيق مع حسام شوقي، المشرف العام على الإنتاج الدرامي في المجموعة، والمدير المالي أحمد وجيه، واللذين يتواجدان بالنيابة العامة للتحقيق معهما بتهمة إهدار مال عام قيمته 800 مليون جنيه (نحو 51 مليون دولار أميركي)، بمعاونة الكاتب يسري الفخراني، ورجحت المصادر أن تتم إطاحة تامر مرسي قريباً.
وتعليقاً على القضية، كتب المنتج الفني المصري البارز، صبري السماك، إن "الأخبار  المتداولة  عن تغييرات إدارية  في الشركة المتحدة، المحتكرة لسوق الدراما والقنوات والاعلانات والسينما وتغيير موقع الدكان (اللي هي مَش مفاجئة ومنطقية جداً)، أولاً، إذا لم يكن في صميمها التحقيق في إهدار المال العام، فأبشروا بأن القادم سيأتي بشلته ويغرف غرفته ويخلع منتصراً  معززاً مكرماً".
وأضاف السماك على صفحته على فيسبوك "ثانياً، هل هناك إجابات  من مديري هذة الهيكلة عن ما هو العائد على صناع السينما والدراما من هذا التغيير.. يعني البطالة التي طالت نصف العاملين، وشروط العمل، وساعات العمل، والأجور، والجودة، وعدد أيام التصوير، والمحتوى (الشلة هتحكم أم الكفاءة في اختيار المخرجين والكتاب والنجوم والمنتجين)".


‏أما الصحافي المخضرم المختص بالشأن الفني، هشام لاشين، فكتب على صفحته الخاصة على فيسبوك تحت عنوان "من تامر مرسى لكامل أبو علي: الدراما فيها سم قاتل!"، يقول إنه "بعد موسم رمضاني مزدهر بالدراما الملوثة، والتسويق السياسي للنظام، كانت هناك ليلة ساخنة في شركة سينرجي، حيث تم فجأة إقالة تامر مرسي المسؤول عن الشركة المتحدة التي تظهر في واجهة الإنتاج الفني كمحتكرة ووحيدة درامياً بتكليف من الدولة، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، والقبض على حسام شوقي المدير المالي للشركة، وتعيين رجل الأعمال والمنتج كامل أبو علي رئيساً للشركة المتحدة للإعلام".
وأضاف لاشين "يأتي ذلك بعد عامين فقط من القبض على ياسر سليم نائب تامر مرسي في الشركة بسبب فساد مالي وإعلامي، حيث أسند له شيكات بدون رصيد وشراء فضائيات من خلف ظهر الشركة وأمور أخرى. وسليم بدوره  ولمن لايعرف هو عراب عملية السيطرة  على الصحف والقنوات الفضائية في مصر منذ عام 2014 وحتى لحظة القبض عليه في 2019".
وتابع لاشين "هذا هو ما تناثر في الساعات الأخيرة عقب فضائح استبعاد المخرج محمد سامي ومسلسله "نسل الأغراب"، وفضايح أخرى بدأت قبل شهر رمضان من نوعية إيقاف مسلسل "الملك" لعمرو يوسف الذي يقدم الفرعون بأسلوب "سبارتكوس"، وليس انتهاءً بكل المشاهد المقززة ونشر البلطجة والإرهاب خلال الشهر الكريم عبر دراما مشوهة وملوثة لاتعرف شيئا عن الأسرة المصرية الحقيقية".
وقال لاشين "إذا كنت من غير المتفائلين بوجود نية حقيقية لتغيير هذا الوضع الشاذ والغريب لأعرق دراما في المنطقة باعتبار أن الجهة المحتكرة لها لم تتغير، حتى لو تغير الأشخاص، حيث هناك توجهات  وتوجيهات لا يصلح معها الاجتهاد الشخصي".
وختم قائلاً "ربما التغيير الجديد المتوقع هو استجلاب شلة مغايرة للمسؤول الجديد لتواصل الهيمنة والاحتكار وليظهر محمد سامي جديد بأسماء جديدة حتى فترة، قبل أن نعود للمربع صفر مرة أخرى. وهكذا هي دوائر الفساد والاحتكار.. دولة قديمة وغائرة مهما تغيرت الوجوه.. والضحية دوما هو المواطن الذي لا حول له ولاقوة وسلاحه الوحيد أمام الدراما المشبعة بالسم القاتل، هو الريموت كنترول أو الاستسلام التام للمسلسلات الزوؤام".

أما المخرج المصري باسل رمسيس، والذي يعيش في إسبانيا، فكتب على صفحته الخاصة على فيسبوك "اللطيف في موضوع سينرجي مش الإطاحة بتامر مرسي. أي حد ها يجيبوه ها يعمل نفس الشغل، نفس المسلسلات الأمنية، ونفس الدعاية المخابراتية.. وعادي خالص. لكن اللطيف أنهم لأول مرة، وباستخدام تعبير "إهدار المال العام"، بيعترفوا بحاجتين: أن الفلوس دي فلوسنا، مش عرق الجيش ولا المخابرات. وأنهم فعلا بيحطوا فلوس من ميزانية المخابرات في شركة هي أصلاً قطاع خاص، كبروها فجأة وبسرعة مهولة، وإتحكموا بيها في كل المجال الإعلامي، ومرة تانية بفلوسنا".


وتابع رمسيس "ماحطوهاش في "ماسبيرو" اللي هي هيئة عامة عشان تنتج، ولا في وزارة الثقافة مثلاً. لأ خالص.. دي هيئات المفروض أنها بتخضع ولو نظرياً للرقابة الشعبية والقضائية وللصحافة ولمجلس الشعب. هم راحوا حطوا "فلوسنا" في دكانة خاصة بعيد عن أي رقابة، وقعدوا يكبروا في ابنهم الصغنن حلاوة.. خلوه إمبراطور.. ولما لقوه بيحط إيده في الصندوق.. قالوا "إهدار مال عام".
وأضاف "لما يجيبوا "حلاوة" الجديد.. ها يكملوا برضوه إدارة فلوسنا والتحكم بيها في كل الإعلام المصري من جوة الأوض الضلمة، وتحت إشراف شوية ظباط مانعرفش هم مين".
وختم رمسيس قائلاً "من ضمن الفضايح اللي طالعة هي المحسوبية.. مين اتكلف بالمسلسل الفلاني، ومين إتشال عشان مين... إلخ. منتج كبير بيشتغل معاهم كتب علني من فترة أن أيوة.. عادي هانشغل الناس بتوعنا.. هايشتغل بس اللي موافقين علي توجهات السلطة والمرضي عليهم. وسقفوله!! على اعتبار أن دي مش محسوبية".

من جهتها أصدرت "المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" بياناً مقتضباً اليوم الاثنين، قالت فيه إنها "تنفي ما يثار من شائعات وتؤكد اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مروجيها" دون أي ذكر لتلك الشائعات، وأضافت أن "الشركة تعقد مؤتمراً صحافياً السبت المقبل للإعلان عن ما تحقق من إنجازات وملامح التطوير وخططها المستقبلية".
الناشر المصري المعروف هشام قاسم كتب تعليقاً على بيان الشركة قال فيه "طيب وشركة إيجيبت ميديا برضه حتاخدوا إجراءات مع مروجي الإشاعات عنها، وياسر سليم فتى الإعلام الأول السابق، وأمل مصر الإعلامي بتاعكم، فين دلوقتي ياترى، أبو زعبل والا طرة والا اللي حيقول كدة برضه حتاخدوا ضده إجراءات، وياترى إيه اللي تم في التحقيقات مع داليا خورشيد وإيه مصير الشركات اللي بشرتونا بإنهم حيكونوا أساس نهضة الإعلام الحديث في مصر، حصل فيهم إيه...".
وتابع قاسم "ده طبعا اللي تيسر من الذاكرة عن مسيرة الفشل الإعلامية بقيادة ضابط اسمه أحمد شعبان، هو العامل المشترك في كل قصص الفساد والفشل الإعلامي من وقت قرار سيطرة النظام على الإعلام المصري بالكامل، وحالا ما حيظهر شخص جديد يتعمل وجهة وتتعمل شركة أو شركات جديدة وتتواصل مسيرة الفشل...".
وكتبت الصحافية منال عبد الله، والمعروفة بمناصرتها للرئيس السيسي على صفحتها الخاصة تقول "المشكلة في سينيرچي اتضح أنها تهم إهدار مال عام، 800 مليون جنيه، بسبب مسلسلات الملك أحمس وخالد بن الوليد". وتعليقاً على نفي الشركة قالت: "وهو اللي عايز ينفي شائعة ينتظر أسبوع علشان يعمل مؤتمر صحفي ينفيها؟".
وفي إطار الجدل الواسع الذي تفجر بسبب القضية، كتب العقيد أحمد شعبان، الساعد الأيمن لرئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل، منشوراً على صفحته الخاصة على "فيسبوك" يقول فيه "من يبغي إصلاحاً لا يكون فضّاحا.. ومن يسعى لتطوير وفكرة لا تعنيه الأشخاص..  ولا خير فيمن كان سعيه لنفسه ولو افتتن الناس.. وخير "الردع" ما صاحبته الحكمة وشر القرار ما اقترن بالرعونة والانتقام.. والسلام لمن كان الإصلاح غايته والإحسان وسيلته ، فحسنت غايته والوسيلة".
واعتبر شعبان في منشوره أن الإعلان عن التحقيقات في شبهات "إهدار مال عام" بمثابة فضيحة، لا يجب أن تتم، وكأن المال العام هو شأن داخلي، سيقوم الجهاز بإصلاحه بالحكمة والإحسان فقط".
وأكدت مصادر من داخل "المتحدة" لـ"العربي الجديد" أن الفترة القادمة ستشهد تغييرات في هيكل الشركة المملوكة للمخابرات العامة، حتى لو لم يتم الإعلان عن ذلك، وأضافت المصادر أن ردود الفعل الواسعة التي أحدثها تقرير "العربي الجديد"، وكثرة التعليقات على الموضوع، لا سيما التركيز على الأموال الطائلة التي أهدرت في إنتاج المسلسلات، تسبب في حالة من الارتباك داخل الشركة، والقلق من أن يتطور الحديث إلى اتهام قيادات بالجهاز، ولذلك أصدرت المجموعة البيان الذي وصفته المصادر بـ"التخويفي" من أجل أن يتوقف الحديث عن "الفساد" داخل الشركة، وهو ما حدث بالفعل.
وقالت المصادر -التي رفضت الكشف عن هوياتها- لـ"العربي الجديد" إن اللجنة المشكلة قررت فتح ملف مسلسل "خالد بن الوليد"، بطولة عمرو يوسف، والذي بدأ التصوير فيه بالفعل مطلع العام 2020، لكن الخلافات بين بطل العمل والمخرج رؤوف عبد العزيز "الذي يرتبط بصلة قرابة لرئيس المجموعة المتحدة، تامر مرسي، وصلت لحد الشتم"، فتوقف المسلسل الذي أسندت شركة سينرجي برئاسة تامر مرسي، تنفيذه لشركة "كودكس" المملوكة لقريبه المخرج رؤوف عبد العزيز.

وبحسب المصادر فقد قررت اللجنة فتح الملف الخاص بمسلسل "الملك- أحمس" والذي كشفت المصادر أنه تم إهدار 55 مليون جنيه  مصري  فيه قبل أن تعلن الشركة وقف تصويره، ومسلسل "نسل الأغراب"، والذي تخطت ميزانيته 100 مليون جنيه، واعتبره المسؤولون إهداراً للمال العام.

المساهمون