تغير المناخ والهجرة... حلول تكيّف البشر لن تكون سحرية

01 يوليو 2023
المهاجرون يتعرضون للمخاطر الاجتماعية والبيئية (شون غالوب/Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي يعترف فيه كثير من المؤسسات البحثية بالهجرة، كإحدى الطرق الفعالة للتعامل مع مخاطر تغير المناخ، أو شكل من أشكال التكيف، طرحت دراسة جديدة تصوراً مختلفاً؛ إذ وصف المؤلفون الهجرة بأنها بعيدة كل البعد عن أن تكون حلاً جذرياً للتكيف مع تغير المناخ.

في الدراسة التي نشرت يوم 16 يونيو/ حزيران الماضي، في مجلة One Earth، طرح فريق بحثي يضم خبراء من بلدان آسيوية وأفريقية وأوروبية ثلاثة معايير، لتقييم نجاح الهجرة كإجراء للتكيف في مواجهة تغير المناخ. كانت هذه المعايير الثلاثة هي: مستوى الرفاه، والعدالة، والاستدامة.

وأشارت الدراسة إلى أنه فيما تساعد التحويلات المالية (من المهاجرين) في تحسين الرفاهية المادية للعائلات والأسر في الأماكن التي ينتقل منها المهاجرون، فإن هذا غالباً ما يكون على حساب رفاه المهاجرين أنفسهم. 

تعني الهجرة هنا نقل مكان الإقامة، وهي تشمل ما يعتبر تحركات طوعية من قبل الأفراد والأسر، إما مؤقتاً وإما هجرة طويلة الأجل، بالإضافة إلى النزوح غير الطوعي الذي غالباً ما يكون مؤقتاً نتيجة لظروف غير متوقعة، بما في ذلك أحداث الطقس المتطرفة. ويشمل التنقل داخل البلد نفسه، وكذلك إلى البلدان المجاورة أو وجهات دولية أخرى.

يجادل المؤلفون بأن بعض البلدان تستبعد المهاجرين من حسابات التخطيط والسياسة، وتستبعدهم من الهياكل والخدمات الحضرية، كما هو الحال في بنغلادش على سبيل المثال. ولمثل هذا الأمر تداعيات على جميع جوانب حياة المهاجرين اليومية مثل الظروف المعيشية، وتأمين الدخل، وفي النهاية قدرتهم على الاستمرار في إعالة أسرهم في الوطن.

وأوضح المؤلف المشارك في الدراسة، نيل أدجار، أستاذ الجغرافيا البشرية في جامعة إكستر البريطانية، أن فكرة الهجرة كتكيف تضع مسؤولية التنبؤ والاستجابة للمخاطر المستقبلية على عاتق الأفراد، ويمكن أن تبرر عدم اتخاذ أي إجراءات سياسية، وهو ما يمثل مشكلة، لأنه في حالة ما لم يجرِ اتباع سياسات مناسبة لحماية المهاجرين، يمكن أن يعزز ذلك قابلية التأثر والتهميش لهذه المجتمعات، وتعريض نجاح خطط التكيف للخطر في نهاية المطاف. 

وأضاف أدجار، في تصريح لـ"العربي الجديد": "قد تكون الأسرة بشكل عام أفضل حالاً من الناحية المالية بفضل التحويلات المالية من المهاجرين، ولكن أفراد الأسرة من الإناث اللائي يزداد عبء العمل عليهن مع هجرة الرجال، قد يكافحن للحفاظ على المزرعة، ويجب عليهن اتخاذ خيارات صعبة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تفاقم القابلية للتأثر بتغير المناخ بدلاً من الحد منها".

وشرح العلاقة بين الهجرة والتكيف، موضحاً أن القيود المفروضة على المساواة بين الرجال والنساء على مستوى الأسرة والمجتمع المحلي في كثير من المجتمعات الريفية، كما في آسيا وأفريقيا، غالباً ما تؤدي إلى الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية وإدارتها. ولكي تكون الهجرة أو النزوح إجراءً ناجحاً من إجراءات التكيف مع تغير المناخ، يجب أن تكون مؤشرات الرفاه والاستدامة والعدالة إيجابية لكل أطراف الظاهرة الاجتماعية، سواء المهاجر، أو أسرته في بلده الأصلي.

"من المهم أن ندرك أيضاً أن بعض الآثار قد لا تكون واضحة على الفور، ولكنها قد تتكشف خلال أطر زمنية أطول. لذلك، لا بد من إجراء تقييمات لنجاح الهجرة كتكيف، مع الأخذ بالاعتبار نتائج عملية الهجرة على المهاجرين وأسرهم، سواء أفراد أسرهم في أماكن المنشأ، أو في المجتمع المضيف"، كما أوضح أدجار.

ووفقاً للمؤلفين، فإن المهاجرين في المدن على وجه الخصوص، يتعرضون بشكل غير كبير للمخاطر الاجتماعية والبيئية التي تؤثر سلباً في صحتهم ورفاهيتهم. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم يظلون مهملين وبلا صوت في دوائر السياسة.

المساهمون