شكلت السلطات الإسرائيلية فريقاً مشتركاً بين عدد من وزاراتها، لـ"النظر في المزاعم حول إساءة استخدام برنامج تجسس تبيعه شركة إسرائيلية على نطاق عالمي"، وفق ما كشف مصدر اليوم الأربعاء لوكالة "رويترز".
وأفاد المصدر بأن الفريق يرأسه "مجلس الأمن القومي" الإسرائيلي الذي يرفع تقاريره لرئيس الوزراء نفتالي بينت ولديه مجالات خبرة أوسع من وزارة الدفاع التي تشرف على صادرات برنامج "بيغاسوس" التابع لشركة البرمجة والهايتك الإسرائيلية "أن إس أو غروب".
وقال المصدر إن "هذا الحدث خارج نطاق اختصاص وزارة الدفاع"، في إشارة إلى رد فعل دبلوماسي محتمل بعد تقارير إعلامية بارزة هذا الأسبوع عن انتهاكات مشتبه بها لـ "بيغاسوس" في فرنسا والمكسيك والهند والمغرب والعراق.
وكشفت مواقع إخبارية إسرائيلية أن الفريق يضم ممثلين من وزارة الدفاع ووزارة العدل ووزارة الخارجية والاستخبارات العسكرية و"الموساد"، نقلاً عن مصادر لم تسمها.
أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس، اليوم الأربعاء، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا إلى إجراء سلسلة من التحقيقات في قضية برنامج التجسس "بيغاسوس".
كانت صحيفة "لوموند" الفرنسية قد ذكرت، أمس الثلاثاء، بأن هاتف ماكرون الذي استخدمه بانتظام منذ عام 2017 مدرج في قائمة الأرقام التي اختارتها الاستخبارات المغربية للتجسس الإلكتروني المحتمل. وذكرت أن التقنية استهدفت أيضاً رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب و14 وزيراً في 2019.
واستبعد مصدر "رويترز" فرض قيود جديدة على صادرات "بيغاسوس". وامتنع عن وصف مهمة الفريق بأنها تحقيق رسمي، قائلاً إن "الهدف هو معرفة ما حدث والنظر في هذه القضية واستخلاص العبر".
لم يتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي لمسألة "أن إس أو" في كلمة ألقاها في مؤتمر عن الإنترنت، اليوم الأربعاء.
وفي السياق نفسه، حثت منظمة "مراسلون بلا حدود"، اليوم الأربعاء، رئيس الوزراء الإسرائيلي على "فرض وقف فوري لصادرات تكنولوجيا المراقبة إلى حين وضع إطار تنظيمي وقائي".
كان إدوارد سنودن قد قال إن على الحكومات فرض حظر عالمي على التجارة الدولية لبرامج التجسس، وإلا فـ"مواجهة عالم لا يكون فيه هاتف محمول آمناً من المتسللين الذين ترعاهم الدولة".
سنودن الذي أطلق عام 2013 صافرة الإنذار من برامج المراقبة الجماعية السرية لـ "وكالة الأمن القومي" الأميركية، وصف مطوري البرمجيات الخبيثة الربحية بأنهم أصحاب "صناعة لا ينبغي أن تكون موجودة"، وذلك في مقابلة مع صحيفة "ذا غارديان" البريطانية يوم الاثنين الماضي، بعد أولى التقارير التي نشرت ضمن "مشروع بيغاسوس". وحذّر من أنه "إذا لم تقدم الحكومات على أي خطوة لوقف بيع هذه التكنولوجيا، فلن تقتصر الأهداف على 50 ألفاً. سيكون هناك 50 مليون هدف، وسيجري الأمر أسرع بكثير مما يتوقعه أي منا".
وشبّه سنودن الشركات التي تقوم بتسويق نقاط الضعف في نماذج الهواتف المحمولة المستخدمة على نطاق واسع بصناعة "العدوى" التي تحاول عمداً تطوير سلالات جديدة من المرض. وأوضح أن البرمجيات الخبيثة التجارية مثل "بيغاسوس" قوية للغاية لدرجة أن الأفراد لا يمكنهم في الواقع فعل أي شيء لوقفها.
ورداً على سؤال عن كيفية حماية الأشخاص لأنفسهم، قال: "ما الذي يمكن أن يفعله الناس لحماية أنفسهم من الأسلحة النووية؟". وشدد على أن الحل الوحيد القابل للتطبيق لتهديد البرمجيات الخبيثة التجارية، فرض حظر دولي على بيعها. وقال: "ما يكشفه (مشروع بيغاسوس) هو أن (أن إس أو غروب) تمثل حقاً سوقاً جديداً للبرامج الضارة (...) السبب الوحيد وراء قيام (أن إس أو) بذلك ليس إنقاذ العالم، بل كسب المال".
وفق تحقيق نشرته الأحد 17 وسيلة إعلامية دولية، سمح برنامج "بيغاسوس" الذي طورته شركة "أن إس أو" الإسرائيلية بالتجسس على ما لا يقل عن 180 صحافياً و600 شخصية سياسية و85 ناشطاً حقوقياً و65 صاحب شركة في دول عدة. واستند التحقيق المشترك الى قائمة حصلت عليها "منظمة العفو الدولية" و"فوربيدن ستوريز". وأعلنت المنظمتان أن زبائن شركة "أن إس أو" حددوا في الإجمال ما يصل إلى 50 ألف رقم يمكن التجسس عليها منذ عام 2016.
تزعم "أن إس أو" أن منتجها مخصص فقط للاستخدام من قبل المخابرات الحكومية ووكالات إنفاذ القانون التي جرى التحقق منها بهدف مكافحة الإرهاب والجريمة.