ترشيحات "سيزار" الـ46: أفلام تتحدّى كورونا وسينمائيون يغيبون عن اللائحة

06 مارس 2021
إيمانويل موري: 13 ترشيحاً لـ"سيزار" عن "أشياء تُقال وأخرى تُفْعل" (برتران غَيْ/فرانس برس)
+ الخط -

حان الوقت لتنتهي سنة سينمائية استثنائية، للاحتفال بالذين تمكّنوا من دعم صناعةٍ تضرّرت، لكنّها لا تزال تكافح. في 12 مارس/ آذار الحالي، تنوي "أكاديمية فنون السينما وتقنياتها" الفرنسية تنظيم احتفالها الـ46 لتوزيع جوائز "سيزار" على صنّاع السينما الفرنسية الذين، رغم الظروف الصعبة لعام 2020، قدّموا أفلامهم للجمهور، وإنْ في فترات مؤقّتة ومختصرة، في سنةٍ سادت فيها "الظلمة"، لكنّها ليست ظلمة دور العرض، ولا العتمة المريحة الغريبة المُبهجة للصالات، ولا التي نحبّها لأنّها تُخرجنا من حياتنا وأنفسنا، وتجمعنا؛ بل "ظلمة ضوء منطفئ، وأبواب مغلقة، ومواعيد فائتة"، كما تُعلن الأكاديمية نفسها.

هذه المؤسّسة المستقلّة ـ التي تضمّ 4959 عضواً يمثّلون 10 أقسام فنية وتقنية وإعلامية، تساهم في صناعة السينما ـ تنظّم في فرنسا، سنوياً، منذ 46 عاماً، حفلة توزيع جوائز "سيزار" لـ"أفضل" أفلامٍ فرنسية مُنتجة في العام السابق على موعد الحفلة، مع جائزة خاصّة بـ"الفيلم الأجنبي". حفلة تدوم 3 ساعات، وتُبثّ مباشرة على شاشة محطة "كانال بلوس" بحضور 1700 مدعو، تُعلن فيها نتائج تصويت يتمّ على مرحلتين، حلّلتهما شركة متخّصصة بإشراف رجل قانون.

حفلة العام الماضي أقيمت، كالعادة، نهاية فبراير/ شباط. حينها، لم يعلن رسمياً عن وصول فيروس كورونا إلى فرنسا. هذا العام، لا تزال التخمينات قائمة حول إقامة الحفلة، المقرّر موعدها في 28 فبراير/ شباط 2021، قبل تأجيلها إلى 12 مارس/ آذار الحالي، على أمل وضوح الرؤية بالنسبة إلى الفيروس المشاكس. كلّ شيء يعتمد على قرار الحكومة التي ربما تُعلن إغلاقاً عاماً في باريس، أو تُشدّد الإجراءات بما يمنع تنظيم الحفلة، رغم أنّ الترتيبات الحالية تتضمّن اتّخاذ إجراءات صحية صارمة، وإقامة الحفلة من دون جمهور، وإجراء تعديلات على النظام الداخلي للأكاديمية، كأنْ يتمّ التصويت عبر الـ"إنترنت"، وتُلغى المقابلات مع المرشّحين، وتُختصر ترشيحات كلّ فئة من 7 إلى 5.

يترّأس حفلة هذا العام، المُقامة في مسرح "أولمبيا"، الممثل الفرنسي رشدي زيم. سيُكرّم الممثل الفرنسي الراحل ميشال بيكولي (2020)، علماً أنّ الملصق الدعائي لحفلة هذا العام تحتوي على صورته المستلّة من تمثيله المتميّز في "أشياء الحياة" (1970) لكلود سوتيه.

في قائمة ترشيحات "سيزار 2021"، يبرز "الأشياء التي تُقال، الأشياء التي تُفعل" لإيمانويل موري، الحاصل على أكثر الترشيحات، في 13 فئة، منها تلك التي تُعدّ الأهم: أفضل فيلم وإخراج وتمثيل نسائي (كاميليا جوردانا) ورجالي (نِل شنايدر). ينهل الفيلم من الكلمات الساحرة والمشاعر المتضاربة والمواقف المربكة، لخلق علاقات عاطفية بين نساء ورجال، تمرّ في حبّ وتواصل، مع نفور وبُعد.

يليه "وداعاً للمغفلين"، لألبير دوبونتِل، الحاصل على 12 ترشيحاً، أبرزها في فئات أفضل فيلم وإخراج وتمثيل نسائي (فرجيني إفيرا) ورجالي (ألبير دوبونتِل): هجاء اجتماعي ساخر، وهَزلٌ غير معقول يتميز بهما دوبونتِل، عن امرأة في الأربعينيات من عمرها، تعلم أنّها مُصابة بمرض خطر، فتُقرّر البحث عن طفلها الذي أُجبرت على التخلّي عنه عندما كان عمرها 15 عاماً.

12 ترشيحاً آخر لـ"صيف 85"، لفرنسوا أوزون، أبرزها في فئات أفضل فيلم وإخراج، وأفضل عمل رجالي (للممثِلَيْن بنجامان فُوَازن وفِليكس لوفيفر): قصّة عاطفية عن فترة المراهقة والحبّ الأول، وعن الصداقة واكتشاف العلاقات والأجساد والمشاعر الغامضة بين شابين.

وجاء "أنطوانيت في جبال سيفِن"، لكارولين فينيال، في المركز الرابع مع 8 ترشيحات، منها أفضل فيلم وتمثيل نسائي (لور كَلامِي)، ليهب أوقاتاً ممتعة ومرحة، في طبيعة ساحرة، تمضي فيها أنطوانيت عطلتها، لتعيد النظر في علاقة عاطفية شائكة مع رجل متزوّج، بأسلوب يخلو من المآسي، وخفيف يتّسم بالظرافة والمواقف الطريفة.

أما "مراهقات"، لسباستيان ليفشيتز، الحاصل على 6 ترشيحات، منها في فئتي أفضل فيلم وإخراج، فله المركز الخامس، يليه "الزوجة الصالحة" لمارتان بروفُست مع 5 ترشيحات، وADN لمايوين مع 4 ترشيحات (منها في فئة أفضل إخراج، لفيلم يبحث عن الهوية والانتماء). 4 ترشيحات أخرى نالها "اثنتان" لفيليبو مينيغيتّي، منها في فئتي أفضل فيلم أول وأفضل تمثيل نسائي (باربارة سوكوا ومارتين شوفالييه): علاقة هوى بين عجوزتين.

في فئة التمثيل الرجالي، وبالإضافة إلى المذكورين أعلاه، رُشّح لامبرت ويلسون عن دوره في فيلم السيرة "ديغول" لغابريال لوبومان، وسامي بو عجيلة عن "بيك نعيش (ابن)" لمهدي برصاوي. يُذكر أيضاً أن "أريكة في تونس"، للفرنسية التونسية منال العبيدي، مُرشّح لجائزة أفضل فيلم أول، مع "ظريفات" لميمونة دوكوريه، و"بكل بساطة أسود" لجان ـ باسكال زيدي، و"اثنتان"، و"صبي خِرْقة" لنيكولا موري.

أما في فئة الفيلم الأجنبي، فهناك "1917" للبريطاني سام ماندس، و"المناولة" للبولوني يان كوماسا، و"مياه داكنة" للأميركي تود هاينس، و"الثمل" للدنماركي توماس فنتربيرغ، و"عذراء أغسطس" للإسباني خوناس ترويبا.

أثارت الترشيحات انتقادات مختلفة، فور إعلانها في 12 فبراير/ شباط الماضي، إذْ عبّر فنانون عديدون عن المرارة لغيابهم عن اللائحة، كجولييت بينوش، التي ظهرت في فيديو ساخر أعربت فيه عن دهشتها لعدم ترشيحها عن دورها في "الزوجة الصالحة" لمارتن بروفوست، بينما رُشِّح مشاركون معها في الفيلم نفسه لجوائز أفضل عمل نسائي ورجالي.

وتأسّفَ المخرج جان ـ بول سالومي لغياب إيزابيل أوبير عن ترشيحات أفضل ممثلة، عن دورها في فيلمه الأخير La Daronne، زعيمة تهريب المخدّرات في أوساط عربية في باريس.

وعبّر المخرج غوستاف كيرفيرن عن خيبته من غياب "محوّ التاريخ"، الذي أخرجه مع بونوا دولِبين، عن قائمة الترشيحات لفئتي أفضل فيلم وأفضل إخراج، واقتصار ترشيحه على فئة أفضل سيناريو. إنْ يستحقّ الفيلم ترشيحاً، بل فوزاً في هذه الفئة، فمن المؤسف والمستغرب غيابه عن الفئات الأخرى، لأنّه من أفضل الأفلام الفرنسية في العام الفائت، لأسلوبه المبتَكر، ومعالجته الساخرة والهزلية والموجعة لبؤس الحياة المعاصرة، ولتوهان ناسها في النسيان والإهمال، وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي.

المساهمون