"تحت الصفر" لفرناندو نافارّو: تشويقٌ سينمائيّ معتاد بحِرفية عادية

03 فبراير 2021
خافيير غوتيريز ألفاريز في مدريد عام 2019 (كيم ليانَس/ Getty)
+ الخط -

 

6 سجناء وشرطيان يتولّيان نقلهم بشاحنة محصّنة تماماً من مخاطر الخارج، رفقة سيارة يقودها شرطيّ وزميله، في ليلٍ باردٍ للغاية، والصقيع يكاد ينفذ من الشاشة إلى غرفة الجلوس، أثناء مشاهدة "تحت الصفر" (2021)، للإسبانيّ فرناندو نافارّو ("نتفليكس"، منذ 29 يناير/ كانون الثاني 2021).

العاديّ في الحكاية مفروض في بدايات عدّة: مطر غزير ليلاً، ورجل يُعذِّب آخر قبل أن يدفنه حيّاً في حفرة كبيرة، إذْ يفشل "القاتل" في معرفة ما يريده من المقتول. ثم مطر غزير نهاراً، ورجل يُصلح عجلة سيارته، وفيها ابنته الجميلة، التي تسأله عن مصير العجلة المثقوبة، فيُخبرها بأنّه سيرميها إذْ لا فائدة منها. الرجل نفسه في مقرّ للشرطة، أحد ممرّاته مليء بمياهٍ تحوّله إلى بحيرة (فساد وإهمال)، يأتي لتسلّم أول مهمّة له في نقل سجناء. السجناء يُفتَّشون جيداً، قبل نقلهم إلى الشاحنة الحديدية.

بدايات عدّة توحي بنمطٍ مستهلك من أفلام السجن والشرطة. الرحلة ليلية، فلا أحد يعرف موعد "رحلاتٍ" كتلك، كما يُقال للشرطيّ الجديد. المعلومات تُسرد بداية: الهواتف الخلوية ممنوعة. لا أحد من السجناء يعرف موعد نقله إلا قبل لحظات. اختيار طريق فرعية أفضل، لتقليص عدد ساعات المهمّة. الليل كالح. الضباب كثيف. الصقيع قاسٍ، وقسوته بادية في تصرّفات وأقوال. أحدهم يضع سلكاً شائكاً على الأرض. ثم يبدأ الصراع، وفيه أسئلة غير مختلفةٍ عن تلك المطروحة في أفلامٍ أجنبية كثيرة: الضحية والجلاّد، الكذب والاحتيال، المواربة والانتقام، من هو السارق الفعلي، ماذا عن الماضي والراهن، وعن العلاقات والأحلام والرغبات؟

 

 

التفاصيل الجانبية عادية: مقتل شرطِيّي السيارة، ومقتل زميل مارتن (خافيير غوتيريز ألفاريز) بعد خروجه من الشاحنة. الأهمّ يبدأ بعد ذلك: هذا الـ"أحدهم" يُسيطر على الشاحنة، ويبدأ تعذيباً طفيفاً بالسجناء وبالضابط مارتن، الذين سيتعاركون أولاً فيما بينهم، قبل مقتل 4 منهم في ظروف مختلفة. الـ"أحدهم" يريد شاباً بين الأحياء، والتعذيب غير منتهٍ، والنزاعات بينهم كثيرة. إغراق الشاحنة في بحيرة جليدية خلاصٌ للضابط والمُجرِمَين الأخيرين، لكن الشاب يهرب، والآخر لن يردعه الضابط، متمنياً له التوفيق بتحقيق حلم حياته: افتتاح حانةٍ في أبعد بلدٍ ممكن عن إسبانيا.

هذا الـ"أحدهم" يطارد الشاب، ومارتن يلحق بهما. لقاء مارتن به يكشف حقيقة المطاردة: ابنة مخطوفة ومغتصبة ومدفونة في مكان ما، ووالدها يريد معرفة مكان دفنها. قول هذا لن يحول دون متابعة فيلمٍ، ينتهي بانتصار خير على شرّ، مع تبرير شرور أخفّ وطأة.

لا جديد في "تحت الصفر" (Bajocero)، لا شكلاً ولا مضموناً ولا تساؤلات ولا تمثيلاً، رغم أنّه مشغول بحرفية، تُثير تشويقاً ورغبةً في المتابعة. أقوال السجناء تبرير لأفعالٍ، وإنْ بشيء من الانتقاد، كأنْ يقول أحدهم إنّه سببُ غيبوبة أبدية لمغتصب شقيقته، فيسأله آخر: "ما المفيد بهذا لشقيقتك؟"، لكنْ لا إجابة. تبريرات معتادة، ومسار درامي عادي، وتسلية في 106 دقائق، لا أكثر.

المساهمون