تبِعات التغير المناخي... حسابات تلاحق طائرات الأثرياء

22 اغسطس 2022
أرنو على متن طائرته الخاصة (مارك دوفي/Getty)
+ الخط -

تستمرّ محاولات الناشطين والخبراء في المجال البيئي التحذير من خطورة الوضع وحساسية اللحظة. دعوات لاتخاذ قرارات عاجلة وصارمة، وإلا سيعيش الكوكب وسكانه خلال سنوات كوارث وتحولات خطيرة بدأ بعضٌ منها بالظهور. آثار الاحتباس الحراري والتغير المناخي أكثر حضوراً وواقعية، والهلع العالمي إلى ازدياد. تتناول أغلب الصحف والمنصات الاعلامية الأجنبية بجديّة الموضوع. وخانة "التغير المناخي" صارت جزءاً من تبويب أغلب الصحف والمواقع، حالها حال خانات الصحة والسياسة والمجتمع...
في تقرير صادر عن منظمة أوكسفام العالمية، يتبيّن أن الواحد في المائة الأغنى في العالم يُنتجون أكثر من ضعفي انبعاثات الكربون مقارنةً مع المليارات الثلاثة الأفقر. أمّا في فرنسا، وحسب تقرير حديث لمنظمتي أوكسفام وغرينبيس، يظهر أنّ 63 مليارديرا فرنسيا مسؤولون عن انبعاث كميات من غاز ثاني أوكسيد الكربون تُعادل ما يُنتجه 50 في المئة من الشعب الفرنسي. لهذا لا يُمكن تحييد سؤال المساواة خلال الحديث عن قضايا التغير المناخي وآثاره. ولكن ماذا عن هؤلاء الأثرياء حول العالم؟ هل سيأخذون مبادرات للحدّ من آثار الاحتباس الحراري؟ 
في فرنسا، ابتلعت الحرائق هذا العام مساحات هائلة من الأراضي (62 ألف هكتار حتى يوم الإثنين 15 أغسطس/آب)، وتُعاني الكثير من المناطق الفرنسية من أزمة مياه جديّة. في هذا الوقت، يرفع الكثير من الناشطين الفرنسيين الصوت للضغط لوقف بعض السياسات المساهمة في ازدياد حدّة الأزمة. لهذا، توجّهت الأعين في الأشهر الأخيرة إلى الأثرياء، وأكثر تحديداً إلى رحلات الطائرات الخاصة بأثرياء وبعض الشركات الفرنسية. فما هي القصة؟
هي مبادرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حذت حذو حركة عالمية مهتمة بمتابعة مسار رحلات الطائرات الخاصة التابعة لأثرياء من أصل روسي وشخصيات، مثل إيلون ماسك، وغيرهم. حركة هدفها إظهار مساهمة هذه الشخصيات في انبعاث الغازات وتالياً تعميق حدّة الاحتباس الحراري. فرنسياً، بدأ الأمر مع حساب باسم "طائرة برنارد" على موقع إنستغرام. ثمّ انتقل بعدها إلى موقع تويتر بنفس الاسم. أمّا مهمته فتتركّز بشكل أساسي على متابعة الطائرة الخاصة بالملياردير الفرنسي برنارد آرنو، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة لوي فيتون (المختصة ببيع السلع الفاخرة).

يُتابع عشرات الآلاف عبر هذا الحساب مسار رحلات الملياردير، سواء داخل فرنسا أو الاتحاد الأوروبي وغيرها... على سبيل المثال، وخلال شهر واحد (مايو/أيّار)، سافر آرنو 18 مرة على متن طائرته الخاصة، ولوقت مجموعه 46 ساعة، وهو ما نتج عنه انبعاث 176 طنّاً من ثاني أوكسيد الكربون. هذه الكمية، هي تقريباً مجموع ما ينتج عن مواطن فرنسي واحد خلال 17 عاماً. لكم أن تتخيّلوا الأمر. حساب "طائرة برنادر" يُقدّم معلومات يومية عن مسار رحلات الطائرة الخاصة برجل الأعمال. لا يأتي صاحب الحساب بمعلوماته من مصادر خاصة، بل هي معلومات مُتاحة ومفتوحة للجميع على بعض المواقع الإلكترونية مثل "فلايت رادار" أو غيرها.

من بين من يُركّز الحساب على متابعتهم، شركة "توتال إنرجي"، وهي مجموعات شركات فرنسية متكاملة متعددة الجنسيات للنفط والغاز. فقط في شهر واحد (يوليو/تموز)، سبّبت الطائرات الخاصة بالشركة انبعاث 133 طنّاً من غاز ثاني أوكسيد الكربون. وهو ما يُعادل مجموع ما ينتجه الفرد الفرنسي الواحد خلال ثلاثة عشر عاماً. ولمتابعة حركة طائرات الشركة، قام صاحب الحساب بتأسيس موقع خاص بتقنية 3 دي. يُقدّم الأخير عدد ساعات طيران الطائرات الخاصة بالشركة ومجموع ما ينتج عنها من انبعاث للغازات.

المساهمون