استمع إلى الملخص
- **التحول السياسي لتايلور سويفت:** منذ عام 2018، بدأت سويفت في دعم القضايا السياسية مثل حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية، مما ساهم في زيادة تسجيل الناخبين الشباب واهتمامهم بالسياسة.
- **التساؤلات حول تأثير سويفت في انتخابات 2024:** مع اقتراب انتخابات 2024، تزايدت التساؤلات حول دعم سويفت لهاريس مجدداً وتأثيرها على الناخبين الشباب، وسط تكهنات بدعمها السري لترامب.
أعلنت المغنية الأميركية تايلور سويفت، صباح الأربعاء، تأييدها لنائبة الرئيس الأميركي ومرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة كامالا هاريس بعد المناظرة الرئاسية أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وقالت سويفت عبر حسابها على "إنستغرام" (283 مليون متابع)، إنها ستصوّت لهاريس في الانتخابات المقررة في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
تايلور سويفت... أكثر الشخصيات تأثيراً في الانتخابات؟
في منشور على موقع ريديت، سأل أحد المستخدمين في الخامس من مارس/آذار الماضي: هل تايلور سويفت أقوى شخصية في العالم؟ ورغم عشوائية السؤال، فإنّه يبدو مشروعاً إذا ما نظرنا إلى سيرة الفنانة الأميركية وسلسلة النجاحات والجوائز والتأثير الذي راكمته منذ انطلاق مسيرتها الفنية عام 2005.
اليوم، عند متابعة الإعلام الأميركي، يمكن صياغة السؤال نفسه بصورة أخرى: هل تكون تايلور سويفت أكثر الشخصيات تأثيراً في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة؟ وهل موقفها من دعم هاريس يحسم المنافسة المتقاربة؟ الجواب الأول والأكثر بديهية هو "لا"، لكن تحليل الواقع ليس بهذه السهولة ولا بهذه التلقائية.
ففي الأسابيع الماضية وبينما انتظر الناخبون الأميركيون بدء المناظرات بين المرشّحَين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، كان واضحاً أن كثيرين ينتظرون موقفاً ثالثاً، هو موقف سويفت. هذا الانتظار تُرجم في وسائل الإعلام الأميركية والغربية الكبرى التي نشرت تقارير ومقالات حول موقف سويفت (34 عاماً)، الذي لم يكن قد توضّح بعد، نذكر منها صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وذا غارديان البريطانية وغيرها.
فمنذ اعتماد الحزب الديمقراطي ترشيح هاريس، بات واضحاً أن سويفت لاعبة مؤثرة وغير تقليدية في الساحة السياسية، وفي هذه الانتخابات تحديداً. وقبل أسابيع من الانتخابات المتقاربة، وجدت سويفت نفسها جزءا من الانقسام الأميركي، وانتظر الحزبان موقفها، لتاثيرها المباشر على مئات آلاف الشباب الأميركيين.
التحوّل السياسي لتايلور سويفت
في بداية مسيرتها الفنية، تجنبت تايلور سويفت الانخراط في السياسة علناً، على اعتبار أنّ التعبير عن رأيها قد يضرّ بمسيرتها الفنية. ولكن منذ عام 2018 ومع تحوّلها إلى نجمة وحيدة على عرش الأغنية الأميركية، مزيحة منافسات أخريات أبرزهن بيونسيه، بدأت في استخدام شهرتها للتحدث عن القضايا السياسية، إذ شجعت متابعيها على التصويت في الانتخابات النصفية في ذلك العام، منتقدة المرشحين المحافظين في ولاية تينيسي، مسقط رأسها. ومع اقتراب انتخابات الرئاسة لعام 2020، أعلنت عن دعمها للمرشح الديمقراطي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. وبعد ساعات من إعلان موقفها هذا، بدأت موجة كبيرة من تسجيل الناخبين الشباب الذين كانوا غير مهتمين بالتصويت لأي من المرشحين.
هذا التحول كان له تأثير كبير على الساحة السياسية، إذ أظهرت استطلاعات الرأي وقتها أن نسبة الشباب الذين يهتمون بالسياسة ارتفعت بفضل مواقف سويفت، بعدما ساهم دعمها لبايدن هذا في تغيير ديناميكيات الانتخابات، خصوصاً أنّ جمهور سويفت ينظر إليها لا كفنانة فقط، بل كشخصية ملهمة وقريبة من قضاياه، مثل حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتغيّر المناخي.
الترقب الطويل لموقفهامع اقتراب انتخابات 2024، ازدادت التساؤلات حول موقف تايلور سويفت السياسي، وما إذا كانت ستدعم كامالا هاريس هذه المرة كما فعلت في انتخابات 2020؟ خصوصاً أن التكهنات بدعمها المرشحة الديمقراطية هو الأكثر احتمالاً، إذ يفترض (نظرياً على الأقل)، أن هاريس تمثل القيم الليبرالية التي تدعمها سويفت، مثل الدفاع عن حقوق المرأة وقضايا العدالة العرقية.
في المقابل، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية نظريات عن دعم سويفت "السرّي" لدونالد ترامب، وذلك بعد انتشار صورة لها وهي تعانق بريتاني ماهومس، وهي زوجة لاعب كرة قدم أميركي وصديقة سويفت، ما أثار الجدل بسبب دعم ماهومس الواضح لترامب. لكن هذه النظريات لم تمنع الآراء المحافظة من مهاجمة الفنانة الأميركية، خصوصاً إذا ما استعدنا الأزمة الحقيقية التي يعاني منها الحزب الجمهوري في استقطاب الشباب. ففي انتخابات 2020، صوّت 61% من الناخبين بين سنّ 18 و29 لصالح بايدن، مقارنة بـ37% فقط لدونالد ترامب، وهو ما يشير إلى فجوة كبيرة بين الحزبين في ما يتعلق بجذب الشباب. وتعدّ هذه الفئة العمرية من أكثر الفئات حساسية للقضايا الليبرالية، مثل حقوق الإنسان، والتغيّر المناخي، والرعاية الصحية، وهي قضايا تتبناها سويفت بوضوح.
هل سويفت حقاً مؤثّرة؟قبل الدخول في تأثير تايلور سويفت على الحياة السياسية الأميركية، لا بد من سؤال آخر: ما الذي يجعل تأثير سويفت بهذه الضخامة؟ عشرات الدراسات الجامعية حاولت تحليل ظاهرة سويفت وتكريسها لمفهوم تداخل الثقافة الشعبية بالحياة العامة في الولايات المتحدة، بينما اختارت جامعات أخرى، بينها هارفارد، تقديم مقررات عن سويفت في منهجها الدراسي. ودارت أغلب التحليلات التي حاولت الإجابة عن هذا السؤال حول قرب الفنانة الشابة من جمهورها، وتقديمها أغاني تلامس واقعه اليومي بطريقة بسيطة وبلا ادعاء، إلى جانب موهبتها الموسيقية في الكتابة والأداء.
وعند محاولة الإجابة عن هذا السؤال، يظهر سؤال آخر: هل رأي تايلور سويفت مؤثر فعلاً في الانتخابات الأميركية؟ أظهرت التجارب السابقة أنّ تأييد مشاهير كبار لا ينعكس بالضرورة على شعبية المرشحين. ففي عام 2004، حظي جون كيري بتأييد مشاهير مثل ليوناردو ديكابريو، لكنه خسر، وفي عام 2020، حظي بيرني ساندرز بدعم أريانا غراندي وخسر أيضاً. وفي الانتخابات النصفية عام 2018، تذكر صحيفة نيويورك تايمز أن سويفت دعمت فيل بريديسن، وهو ديمقراطي وحاكم سابق لولاية تينيسي، في وجه مارشا بلاكبرن في سباق مجلس الشيوخ، وقد فازت بلاكبرن.
ما سبق لا يهدف للتقليل من تأثير سويفت، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى نتائج استطلاع للرأي أجرته شبكة "إن بي سي نيوز" في عام 2023، وأظهر أنّ 80% من الناخبين المسجلين يحبون أو محايدون في مشاعرهم تجاهها. لكن في النهاية كل الأسئلة المطروحة حول تأثير سويفت أو عدمه مجرّد تحليلات ستتبلور على الأرض في الساعات المقبلة بعد إعلان سويفت تأييدها هاريس.