جمعت مكتبة ليلى المقدادي القطان، في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، عشرين طفلة وطفلاً من مركز القطّان الثقافي في غزة ومنتدى الفنون البصرية في رام الله، ضمن ورشة عمل مشتركة، فعل فيها المشاركون الذين تواصلوا عبر تقنيات الربط الإلكتروني، الرسم كأداة تواصل بصري تجاوزت العوائق المفروضة بين المدينتين، إذ تحدثوا حول حيواتهم اليومية، وكيف مثّلوا بالرسم مشاغلهم وآمالهم، ما عزّز قدراتهم التعبيرية، وأثار حواراً نقدياً إيجابياً حول رسوماتهم المنتجة في المخيمات الصيفية، عبر تمارين قراءة بصرية مشتركة، شجعتهم على تبادل وجهات النظر، وكشفت بعضاً مما تخفيه الرسومات من قصص.
كان من المفترض أن يقام المعرض في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في مقر مركز القطّان الثقافي في غزة، ومكتبة ليلى المقدادي القطان في رام الله، لكن العدوان الإسرائيلي والإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق قطاع غزة، حالا دون ذلك.
قصف الاحتلال مقر مركز القطان الثقافي في حي الرمال في مدينة غزة، ولم يعد معروفاً مصير الأطفال العشرة من غزة وعائلاتهم، وبات التواصل مع المشرفين والمتابعين للمعرض أمراً صعباً، في ظل تقطع الاتصالات وشبكة الإنترنت بين فترة وأخرى، خاصة في مدينة غزة وشمال القطاع.
وكانت المفاجأة، حسب ما أشار الفنان عبد الرحمن شبانة، منسق المعرض والفعالية لـ"العربي الجديد"، أن الفريق المشرف على المشروع من مركز القطّان الثقافي في غزة كان قد أرسل لوحات الأطفال في صباح السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، قبل إخلائهم لمقر المركز. وأضاف أن الأطفال الفلسطيينين الغزيين غالباً لا يعرفون أن لوحاتهم تعرض، وأن المعرض نُظم بالفعل.
تتنوع اللوحات في ثيماتها وموضوعاتها، وإن كانت تتمحور حول الرموز الفلسطينية التاريخية أو الدينية أو التراثية، كالمسجد الأقصى، وقبة الصخرة، وقصر هشام في أريحا، أو الثوب الفلسطيني، ورموز طبيعية كالبحر، والنباتات، وبعض الحيوانات كالأحصنة، وإن ظهرت بعض اللوحات التي تعكس دواخل راسميها من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين تسعة أعوام وأربعة عشر عاماً، لكنها جميعها تبدأ بـ"أنا" التعريفية، فنجد من بين اللوحات العشرين: "أنا شجرة المنارة"، و"أنا تقلّب الفصول"، و"أنا مدمّر الغموض"، و"أنا ربيع الورد"، و"أنا شمس قديمة"، و"أنا شجرة الحياة"، و"أنا فتاة البحر"، و"أنا الأرض"، و"أنا تكنولوجيا الطبيعة"، و"أنا فتى الحارات"، و"أنا منارة قديمة"، وغيرها.
وتخلل المعرض فعالية مشتركة جمعت الأطفال بأهاليهم، فدار نقاش حول الأوضاع الحالية في فلسطين عامة، وقطاع غزة خاصة، أدارته الفنانة والتربوية وصال خليل، من لجنة متابعة المعرض، وانعكس في لوحات رسمها الأطفال في داخل المكتبة بمساعدة ذويهم، ومنها من تناول تعرض غزة للقصف، أو الشهداء، أو البحر، أو علم فلسطين، أو المنتجات المُقاطعة، وغيرها.
وعبّرت خليل عن أملها في أن يكون أن يكون هذا اللقاء وفّر مساحة للأهالي للحديث مع أطفالهم عن غزة، والبحث في الأعمال التي تعبّر عن أصوات أطفال فلسطين وقضاياهم، مشجعة إياهم بالتحاور معهم، والعمل على الكشف معاً عن بعض ما تخفيه هذه الرسومات من قصص، كما يرونها هم لا أصحابها، إضافة إلى كون التعبير المباشر بالرسم هو تفريغ مهم للأطفال والكبار في آن، مشيرة لـ"العربي الجديد" إلى أن كل لوحة تختلف عن الأخرى، ما بين مشاعر بالفرح والأمل وبالضيق والحصار والقوة.
بدورها، أشارت مديرة منتدى الفنون البصرية في مدينة رام الله، ديمة إرشيد، لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية الحوار الذي دار بشكل مباشر قبل الحرب بين الأطفال العشرين في غزة ورام الله، فالنتيجة هي اللوحات، ولكن كان ثمة حوار عبر تطبيق "زوم"، وذلك "لتخطي الحواجز والحدود التي يفرضها الاحتلال بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ما شكل فرصة مهمة ليشعروا ببعضهم بعضاً، ويتعرفوا إلى طبيعة يومياتهم وحيواتهم، وكذلك أحلامهم وتطلعاتهم، وتجاربهم... هذه الحوارات كانت غاية في الأهمية، وأعتقد أن المنتجات النهائية تأثرت بما دار بين أطفال غزة وأطفال رام الله، التي لا تخلو من سرديات بصرية مبنية على حكايات وتجارب وقصص".
وشارك في معرض وفعالية "بين غزة ورام الله"، كل من الأطفال: لانا أبو سلمية، وتولين أحمد، وأحمد بكر، ومحي الدين صيفي، وليان عبد الله، ولانا زنايد، وميرال عصام، وملك عبد الله، ولمى اللوح، ومصطفى عاصي، وشيماء الحلو، ومحمد أبو عميرة، وشيماء الحلو، ومحمد أبو عميرة، ونور شرف، وجريس طبش، وسارة زينة، وجنى موقدي، وحياة شقورة، ودنيا سليمان، ومريم الحلبي، ورجان سامر.