إيماناً بدور الفن والثقافة الفاعل في خدمة القضايا الإنسانية، ولا سيما القضية الفلسطينية، أطلق مسرح المدينة في بيروت بالتعاون مع متحف نابو، سلسلة فعاليات ثقافية وفنّية بعنوان "إلى غزّة سلام"، بدأت في مساء الثامن من يناير/ كانون الثاني الحالي، ومن المقرر أن تمتدّ لفترة أسبوع حتى تاريخ الرابع عشر منه.
جميع عروض الأسبوع مجّانية ومتاحة للعموم، على أن يساهم الحضور بتقديم تبرّعات ماديّة تُخصّص جميعها لصندوق غسّان أبو ستّة للأطفال الجرحى في قطاع غزّة، وهي مبادرة أعلن عنها الطبيب الجرّاح الفلسطيني، غسان أبو ستة، في السادس والعشرين من الشهر الماضي، من على خشبة مسرح المدينة، إذ قدّم شهادة عرض فيها تجربته في مستشفيات القطاع المحاصر أثناء أربعين يوماً من العدوان الحالي.
"تحيط خاصرتها بالألغام وتنفجر. لا هو موت ولا هو انتحار. إنه أسلوب غزّة في إعلان جدارتها بالحياة". بهذه العبارات، انطلقت ليلة افتتاح "إلى غزّة سلام"، مع الممثلة والمخرجة المسرحية المؤسِسة لمسرح المدينة، نضال الأشقر، في أمسية قراءات شعرية لفلسطين، بدأتها مع نص "صمت من أجل غزّة" لمحمود درويش، وتلتها بنصوص لكل من نزار قباني وسميح القاسم وتوفيق زياد.
تشاركت الأشقر الخشبة مع الفنان خالد العبد الله مغنّياً وعازفاً على العود، بمرافقة إيقاعات موسى طعّان. الليلة التالية (9 يناير) كانت مخصصة للسينما مع المخرجة الفلسطينية كارول منصور وفيلم "خيوط السرد"، الذي يشمل لقاءات مع عدد من النساء الفلسطينيات، يروين قصصهن المتعلّقة بالبلاد والقضية بإلهام من لوحات مطرّزات فلسطينية. يرسم الفيلم خريطة فلسطين من النهر إلى البحر. لمخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان حضور بارز في فعالية "إلى غزّة سلام"، إذ استضاف المسرح في العاشر من هذا الشهر فرقة "عشّاق الأقصى" من مخيم البدّاوي للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، بأمسية من الأغاني الوطنية، كما يستضيف، غداً، شباب النادي الثقافي الفلسطيني وفرقة جفرا التي ستقدّم أغنيات فلسطينية وعرضاً للرقص التعبيري. عود الفنان زياد سحّاب سيرافق زاهي وهبي في تحية شعرية ليلة الثالث عشر من الشهر. أما ختام الأسبوع في الرابع عشر فسيكون مع السوبرانو غادة غانم، بأمسية غنائية يرافقها فيها كل من سماح أبي المنى (أكورديون)، ومكرم أبو الحسن (كونترباص)، وجويل الدباس (عود)، ولبنان عون (إيقاع).
يأتي هذا الأسبوع استكمالاً لسلسلة أنشطة "غزّة في القلب" التي أطلقها مسرح المدينة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، في مبادرة تهدف إلى الحفاظ على زخم ثقافي نشط، تحضر فيه فلسطين بشكل دائم قولاً وفعلاً.
عن "إلى غزّة سلام"، وأخواتها تحدّثنا ميرفت أبو خليل من فريق تنظيم الفعالية؛ فتقول إن أهمية النشاطات هذه تكمن في خلق حالة استدامة من التضامن مع فلسطين بشكل ملموس، ليس معنوياً وضماناً لاستمرارية الحياة الثقافية في بيروت وحسب، إنما بشكل هادف، ليس من منطلق الفن من أجل الفن فقط. تقول أبو خليل: "بعد محاضرة غسّان أبو ستّة في مسرح المدينة، كان السؤال الملحّ للناس هو: ماذا يمكننا أن نفعل لنساعد الأطفال في غزّة؟. ولذلك خصّصنا مساهمات حضور الفعاليات بالكامل لدعم صندوق الدكتور أبو ستّة المخصص لعلاجات الأطفال الجرحى في غزّة".
وبحسب أبو خليل، فإن نشاطات مسرح المدينة لدعم فلسطين لن تنتهي مع انتهاء فعالية "إلى غزّة سلام"، فالمسرح اليوم يستعد لتنظيم فعالية جديدة متوقّعة مع نهاية هذا الشهر ومجموعة أخرى من العروض الفنية الأدائية، إضافةً إلى إقامة معرض للفن التشكيلي مع نهاية شهر فبراير/ شباط المقبل؛ إذ يشارك فيه عدد من الفنانين من بيروت وخارجها. ويبقى الهدف الأوّل والأسمى لهذه الأنشطة هو دعم أطفال قطاع غزّة، تتويجاً للفعاليات السابقة، واستعداداً لأخرى قادمة بالمزيد من العطاءات الفنية والتضامن مع فلسطين.