ينهي مسلسل "ستيلتو"، من إخراج علي بيلجين ودينيز يورولمازر، وهو عملٌ مُقتبسٌ عن المسلسل التركي Stiletto Vendetta، الحلقة ستين حاصداً أعلى نسبة مشاهدة على منصة شاهد التي تعرضه. ولكن ماذا عن بطلات هذا المسلسل وكيفيّة عبورهن لعالم الدراما المشتركة؟ علماً أنَّ بعضهن دخلن التجربة للمرة الأولى، مثل كاريس بشار.
تتبارى ندى أبو فرحات وكاريس بشار وديمة قندلفت وريتا حرب في سيناريو ممجوج كان ليصبح أفضل لو تنبه له المخرج ووضعه في قالب آخر ينقل معه كل المعايير الخاصة بنجاح مسلسل درامي طويل. إذ غيب المخرج عنصر الوقت بشكل أو آخر، فتجدنا من الحلقة الأولى في منتجع سكني تسكنه عائلات من جنسيات مختلفة، يُقال إنه في لبنان. أهمل المخرج، بعد عرض ستين حلقة، نقطة هامة، كانت يمكن أن تُسجَّل لصالح المسلسل في معرفة الأسباب التي أدَّت إلى كل هذا الحقد الذي يملأ 3 صديقات يواجهن صديقة رابعة، ويحاولْن النيل منها وتهميشها، فتحاول الانتحار وتفقد بذلك رحمها، وتُحرَم من نعمة الإنجاب والأمومة.
تتفوق ديمة قندلفت في الأداء. نحن أمام ممثلة تتقن دورها بسهولة، وتساعد نفسها على الخداع، وتحكم سيطرتها على محيطها بحنكة لا يمكن أن نجدها عند ممثلة أخرى. تخرج قندلفت من الأدوار التقليدية التي عززت حضورها في الدراما السورية، وتتحدى نفسها في واحد من أقوى الأدوار التي يمكن أن تؤديها ممثلة. اختارت الدخول إلى الدراما المشتركة مرة ثانية، بعدما شاركت لأوّل مرة في هذا النوع من الدراما من خلال "الهيبة" لكنها ظُلمت من خلال الورق والإخراج، ولم تأخذ المساحة الواجبة لبطلة العمل في الجزء الرابع.
اليوم، أصبحت قندلفت أكثر دراية، وركبت دورها بتقنية عالية تفوقت بها على مواطنتها كاريس بشار التي بدت مكسورة تماماً كما هو دورها في المسلسل. تبتعد بشار عن التفاصيل أو التعابير التي تشعل من نار الحماس لإكمال المشاهدة، وتعطي المساحة كاملة إلى زميلتها قندلفت التي تسجل المواقف والإيحاءات، سواء من خلال الوجه أو الحركات، وحتى في أزيائها التي لقيت انتقادات واسعة، لكنها لا تتهاون بأدائها ولا بكيفية لبس الدور إلى النهاية. دور المرأة الصلبة التي لا يقهرها إلا هجران زوجها، إذ تعمل جاهدة لعودته إلى المنزل، لكنها تقع في النهاية في فخ أعمالها والشر الذي يسكنها.
تختبر ندى أبو فرحات نفسها مرة جديدة، بعد تجربة ناجحة جداً عام 2020 في "أولاد آدم"، لليث حجو ورامي كوسا. لكن نجاحها في "ستيلتو" بدا متفاوتاً، ولو أن الشكل العام لشخصية "نايلة" المستضعفة ينقلب ضدها بعد طلاقها من زوجها الخائن "لؤي" (سامر المصري) لتعيش في سجن متأرجح.
وتجتاز ريتا حرب امتحان هذا النوع من المسلسلات بعلامة تقدم جيدة، رغم ضعف أدائها ومتابعة تصوير دورها في "ستيلتو"، بغض النظر عن الحادث الذي تعرضت له وأبقاها أسيرة المستشفى لوقت في مدينة إسطنبول التركية. تخرج حرب أحياناً عن أدائها المتواضع، لتبرهن أنها تستحق هذا النوع من الأدوار، وربما هي نقطة تحسب لشركة الإنتاج التي اختارتها للمشاركة في "ستيلتو" رغم أعمالها القليلة في التمثيل.
هكذا يمكن إيجاز العمل الذي حُرم من إنتاج أقرب إلى لغة الناس من ناحية اليوميّات وقصص مجموعات تعيش بيننا ويمكن أو تؤذينا في أي لحظة.