انتهت أعمال البحث عن الغواصة في شمال المحيط الأطلسي قرب حطام تايتانيك، الخميس، بإعلان الشركة المشغلة تعرضها إلى "انفجار داخلي كارثي" أودى بركابها الخمسة.
وقالت شركة أوشنغيت، في بيان: "نعتقد الآن أنّ رئيسنا ستوكتون راش وشاهزادا داود وابنه سليمان وهاميش هاردينغ وبول-هنري نارجوليه ماتوا للأسف".
من جانبه، أكد خفر السواحل الأميركي أنّ حطام الغواصة الذي عُثر عليه يظهر أنها تعرضت إلى "انفجار داخلي كارثي".
من المحتمل أن يكون الانفجار الداخلي قد حدث بالقرب من حطام سفينة تايتانيك الذي كانت تقصده الغواصة.
وقال الأدميرال جون موغر، في منطقة خفر السواحل الأولى، الخميس: "الحطام يتوافق مع الخسارة الكارثية لغرفة الضغط... خالص تعازينا لأحباء الطاقم".
وكان خفر السواحل الأميركي قد أعلن سابقاً، عبر "تويتر"، أنه حدّد "موقع حطام في منطقة البحث، بواسطة مركبة يتم التحكم فيها عن بُعد بالقرب من تايتانيك"، سفينة الرحلات الشهيرة التي غرقت منذ 111 عاماً في مياه الولايات المتحدة وكندا.
A debris field was discovered within the search area by an ROV near the Titanic. Experts within the unified command are evaluating the information. 1/2
— USCGNortheast (@USCGNortheast) June 22, 2023
ولم يحدد منشور خفر السواحل ما إذا كان المسؤولون يعتقدون أنّ الحطام هو حطام "تيتان" التي كانت في رحلة استكشافية لمشاهدة حطام تايتانيك، مشيراً إلى أنّ الحطام اكتشف داخل منطقة البحث بواسطة روبوت يعمل عن بعد تحت الماء، ويجري تقييم الصور.
أشارت التقديرات إلى أنّ "تيتان"، التي تقل على متنها خمسة أشخاص، كانت تحتوي على ما يقرب من أربعة أيام من الهواء القابل للتنفس عندما بدأت رحلتها صباح الأحد في شمال المحيط الأطلسي، لكن الخبراء أكدوا أن هذا التقدير غير دقيق ويمكن تمديده إذا اتخذ الركاب تدابير للحفاظ على الهواء. ولا يعلم ما إذا كانوا ما زالوا على قيد الحياة منذ اختفاء الغواصة.
وكان عناصر الإنقاذ قد قدروا أنّ الأكسجين قد ينفد من الغواصة بحلول الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش. والغواصة تشغلها شركة أوشنغيت إكسبيديشن الأميركية الخاصة لأغراض الاستطلاع السياحي، وقد فقدت منذ الأحد، وتتمتع نظرياً بقدرة على الغوص لمدة 96 ساعة.
أثار الإعلان، الأربعاء، عن سماع صوت تحت الماء عبر طائرات استطلاع كندية الآمال بإنقاذ الركاب، وأدى إلى توجيه أسطول متعدد الجنسيات من عناصر وآليات الإنقاذ إلى مكان الحادث، رغم عدم تحديد مصدر الصوت.
كانت السلطات تأمل أن تساعد الأصوات تحت الماء في تضييق نطاق بحثها الذي اتسعت منطقة تغطيته إلى آلاف الأميال - ضعف حجم ولاية كونيتيكت وفي مياه بعمق 4 كيلومترات.
أعلن مسؤولو خفر السواحل رصد أصوات تحت الماء في منطقة البحث يومي الثلاثاء والأربعاء.
وقال الخبير في علوم الأرض الجنائية في جامعة كيلي في إنكلترا، جيمي برينجل، إنه "حتى وإن كانت الضوضاء قادمة من الغواصة، فإن نقص الأكسجين هو المفتاح الآن؛ فحتى وإن عثروا عليها، فلا يزالون بحاجة إلى رفعها إلى السطح".
عملية بحث واسعة
استخدم الجيشان الأميركي والكندي خصوصاً وسائل كبيرة من مراقبة جوية بواسطة طائرات "سي-130" أو "بي-8" وسفن مجهزة بروبوتات غواصة، في موقع سفينة بولار برينس التي انطلقت منها الغواصة "تيتان".
ووصلت، صباح الخميس، سفينة البحث الفرنسية "أتلانت" المجهزة بروبوت "فيكتور 6000" القادر على الغوص حتى حطام تايتانيك القابع على عمق أربعة آلاف متر تقريباً، على ما ذكر معهد الأبحاث الفرنسي لاستكشاف البحار "أنفريمير" التابعة له.
ومثّل هذا الروبوت "الأمل الرئيسي" لعملية الإنقاذ تحت الماء، على ما ذكر للصحافيين روب لارتر، الخبير في هيئة المسح البريطانية في أنتاركتيكا، وهي منظمة بحثية بريطانية مقرها كامبريدج. وامتدت منطقة البحث على سطح المياه على مسافة 20 ألف كيلومتر مربع.
وأوضح الكابتن في خفر السواحل الأميركية، جيمي فريدريك، أنّ "مكان عمليات البحث على بعد 1450 كيلومتراً شرق كايب كود (على ساحل الولايات المتحدة الشمالي) و640 كيلومتراً جنوب شرق سان جون في نيوفاوندلاند (في كندا) يجعل حشد عدد كبير من التجهيزات صعباً للغاية".
وأكد الدكتور روب لارتر، الجيوفيزيائي البحري في هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي، صعوبة العثور على شيء بحجم الغواصة التي يبلغ طولها حوالي 6.5 أمتار وارتفاعها نحو 3 أمتار.
وقال: "أنت تتحدث عن بيئات مظلمة تماماً، حيث يمكن تفويت كائن على بعد عشرات الأمتار. إنها مجرد إبرة في كومة قش ما لم يكن لديك موقع دقيق للغاية".
وكان على متن الغواصة أميركي وفرنسي وبريطاني وباكستانيان. وكانت الغواصة التي تتسع لخمسة أشخاص ويبلغ طولها 6.5 أمتار قد باشرت رحلتها الأحد باتجاه الأعماق.
كان من المقرر أن تعود إلى سطح البحر بعد سبع ساعات، لكن الاتصال فقد بها بعد أقل من ساعتين على انطلاقها. وحذّر خفر السواحل الأميركي ظهر الثلاثاء من توفر "نحو 40 ساعة من الهواء الذي يسمح بالتنفس" فقط على متن الغواصة.
إهمال محتمل
منذ بدء عمليات البحث الأحد، كُشفت تفاصيل تدين شركة أوشنغيت مع اتهامات بالإهمال على صعيد سلامة الغواصة السياحية.
وتشير المعلومات التي كشف عنها حديثاً إلى أنه كانت هناك مخاوف كبيرة بشأن سلامة الغواصة أثناء عملية بنائها. ظهرت شكوى رفعت العام 2018، جاء فيها أنّ مديراً سابقاً في الشركة المنظمة للرحلة، ديفيد لوكريدج، صُرف من عمله لأنه شكك بسلامة الغواصة. وقال المدير السابق للعمليات البحرية في الشركة إنّ كوة الرؤية في مقدم الغواصة صممت لتحمل الضغط على عمق 1300 متر/ وليس أربعة آلاف متر.
وشارك في الرحلة صاحب شركة أوشنغيت الأميركي ستوكتون راش. وبين الأشخاص الموجودين في الغواصة رجل الأعمال البريطاني الثري هاميش هاردينغ البالغ 58 عاماً الذي أعلن عبر "إنستغرام" مشاركته في الرحلة الخارجة عن المألوف.
وبين ركاب الغواصة أيضاً الغواص الفرنسي والضابط السابق في البحرية الفرنسية بول-هنري نارجوليه البالغ 77 عاماً والمتخصص بحطام تايتانيك، على ما أفادت عائلته.
وعلى متن الغواصة أيضاً رجل الأعمال الباكستاني شاه زاده داود البالغ 48 عاما ونجله سليمان (19 عاماً)، بحسب هذه العائلة الثرية. ودفع كل واحد منهم مبلغ 250 ألف دولار لمشاهدة حطام سفينة تايتانيك التي غرقت في واحدة من أكبر الكوارث البحرية في القرن العشرين.
غرقت سفينة تايتانيك في رحلتها الأولى، في إبريل/ نيسان 1912، بعدما اصطدمت بجبل جليد ما أدى إلى غرق 1500 من ركابها وأفراد طاقمها.
وعثر على حطامها في 1985 على بعد 650 كيلومتراً من السواحل الكندية في المياه الدولية للمحيط الأطلسي. ويستقطب الحطام منذ ذلك الحين صائدي كنوز وسياح.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)