أفرجت السلطات الهندية بكفالة عن الصحافي المسلم صدّيق كابان (43 عاماً) بعد حوالى عامين من السجن لمحاولته مقابلة عائلة شابة من الداليت (المنبوذون أو أدنى الطبقات الاجتماعية الهندية) تعرضت للاغتصاب الجماعي في هاثراس في ولاية أوتار براديش (شماليّ الهند).
وكانت الشابة - الضحية (19 عاماً) قد تعرضت للاغتصاب الجماعي والضرب، ما أدى إلى وفاتها عام 2020، وقيل وقتها إن الشرطة أحرقت جثتها بعد ذلك من دون موافقة أسرتها. وفي 5 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه اعتقلت الشرطة كابان عندما كان في طريقه إلى هاثراس لتغطية القضية، واحتجزته بحجة التحريض على الإرهاب والفتنة وتهم أخرى. واستندت الشرطة بشكل غير مفهوم، إلى قانون منع الأنشطة غير المشروعة لعام 1967 (UAPA)، وهو قانون صارم لمكافحة الإرهاب.
وكتبت الشرطة في لائحة الاتهام المقدمة إلى المحكمة أن كابان كتب "في كثير من الأحيان تقارير فقط لتحريض المسلمين"، وأنه "يتعاطف مع الماويين والشيوعيين". وأشارت لائحة الاتهام إلى أنه عمل في مركز أبحاث تابع لجماعة سياسية إسلامية، أي "الجبهة الشعبية الهندية" (PFI)، وبحسب اللائحة نفسها، فإن الجبهة متورطة في أنشطة تتعلق بالإرهاب.
وأصر كابان في التحقيق على أنه كان ذاهباً إلى هاثراس فقط لتغطية اغتصاب الفتاة وقتلها، لصالح موقع Azhimukham، لكن الشرطة رفضت الإفراج عنه، وبقي معتقلاً، رغم مناشدات المنظمات المحلية والدولية التي طالبت السلطات الهندية بالإفراج عنه، معتبرة اعتقاله قمعاً لحرية عمل الصحافيين، ومزيداً من التضييق على عمل الصحافيين المسلمين الذين يواجهون ضغطاً غير مسبوق من قبل حكومة ناريندرا مودي المتطرفة.
وأصدر وقتها المعهد الدولي للصحافة (مقره فيينا) بياناً أدان اعتقاله، وجاء فيه: "نحن قلقون للغاية من أن كابان قد استُهدِف واحتُجِز بسبب نشاطه الصحافي". وقال نائب مدير المعهد سكوت غريفن، العام الماضي: "في غياب أدلة تبرر هذه الاتهامات، يجب إسقاط جميع التهم الموجهة إلى كابان على الفور". وقالت لجنة حماية الصحافيين إن التهم التي وجهتها الشرطة لكابان كانت "وهمية" وطالبت بالإفراج عنه على الفور.
كل ذلك لم يمنع محكمة الله أباد العليا، من رفض طلب الكفالة المقدم من كابان في أغسطس/آب الماضي. ثم انتقل ملفه بعد ذلك إلى المحكمة العليا للطعن في أمر محكمة الله أباد. وقال رئيس المحكمة العليا في الهند، يو لاليت، بعد منح كابان الكفالة يوم الجمعة الماضي: "لكل شخص الحق في حرية التعبير. إنه يحاول إظهار أن الضحية بحاجة إلى العدالة ورفع صوت مشترك. هل هذه جريمة في نظر القانون؟". وأشار من جهته محامي كابان، هاريس بيران، إلى أن الادعاء فشل في تقديم أدلة تدعم التهم الموجهة لموكله.
وفصّل المحامي المسار القضائي الذي اتخذته القضية، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، "قال الادعاء إن الجبهة الشعبية للهند أودعت مبلغ 45000 روبية (564 دولاراً) في حساب كابان المصرفي لدعمه نشاطات متعلقة بالإرهاب. لكننا قدمنا دليلاً يوضح كيف ومتى قام كابان نفسه بإيداع المبلغ في حسابه". وقال بيران إن حجة الادعاء بأن الجبهة قدمت أموالاً لأنشطة إرهابية باءت بالفشل في المحكمة العليا.
وخلال الجلسة في المحكمة العليا، ادعى محامي الشرطة أن كابان كان ذاهباً إلى هاثراس في مؤامرة "للتحريض على الشغب" هناك، لكن عندما طلبت المحكمة أدلة على هذ التآمر، لم يتمكن الادعاء من تقديم أي دليل.
وفي تعليقه على الحكم، قال الأستاذ في جامعة دلهي، أبورفاناند، الذي يستخدم اسماً واحداً فقط، في حديث مع "ذا غادريان"، إن المحكمة العليا لاحظت أن كابان كان يمارس عمله أي "الكشف عن الظلم والمطالبة بالعدالة للمظلومين". ويرى أن القبض على كابان حصل "لأنه صحافي ولأنه مسلم.. أن تكون مسلماً في الهند يعتبر بحد ذاته مؤامرة على الأمة. وقد دفع كابان ثمناً باهظاً لكونه مسلماً. دعونا لا ننسى أنّ ثمّة مسلمين آخرين ما زالوا في السجن".