انتقدت السلطات المغربية، الثلاثاء، الخارجية الأميركية، معتبرة التصريحات الصادرة عن المتحدث باسمها، نيد برايس، بشأن محاكمة الصحافيَّين، سليمان الريسوني وعمر الراضي، تستند إلى معلومات "منحازة".
واعتبرت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان أن "تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بشأن اثنين من المشتبه فيهم، حكم على الأول، ابتدائياً، بالسجن لمدة خمس سنوات في قضية حق عام، فيما يوجد الثاني في طور المحاكمة، يستند إلى معلومات منحازة صادرة حصرياً عن داعمي المتهمين".
وقالت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، في أول رد رسمي على تصريح المتحدث باسم الخارجية الأميركية، إن المعلومات التي استند إليها "حجبت عن عمد وجهة نظر المشتكين ودفاعهم، وذهبت إلى حد إنكار وضعهم كضحية وحقهم المعترف به عالمياً في تقديم شكوى".
وتابعت المندوبية، في بيان لها، أنها "لاحظت بذهول أن تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يشير فقط إلى مزاعم الشخص المدان، مع التركيز على وضعه المهني"، وإلى "مزاعم انتهاكات المعايير المتعلقة بمحاكمة عادلة"، فيما أكد بيان للنيابة العامة المختصة، صدر الاثنين، "وضوح الطابع العادل للمحاكمة المذكورة".
وكان برايس قد قال خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء الاثنين، إن الإجراء القضائي الذي أفرز الحكم الصادر في حق الريسوني "يتعارض مع الالتزامات المغربية بمحاكمات عادلة للأفراد المتهمين بارتكاب جرائم، ويتعارض مع وعد دستور 2011 وأجندة إصلاح جلالة الملك محمد السادس"، لافتاً إلى أن "الريسوني زعم أنه كانت هناك انتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة".
وأوضح أن الإدارة الأميركية لديها "مخاوف بشأن التأثير السلبي لهذه الحالات في حرية التعبير وحرية تأسيس الجمعيات وحرية الصحافة المغربية من أجل مجتمعات مزدهرة وآمنة"، لافتاً إلى أنّ "على الحكومات أن تضمن للصحافيين أداء أدوارهم الأساسية بأمان دون خوف من الاعتقال الجائر أو التهديدات".
وتابع: "نحن نتابع هذه القضية من كثب وقضايا للصحافيين المحتجزين الآخرين في المغرب، بمن في ذلك عمر الراضي، وقد أثرنا هذه المخاوف مع الحكومة المغربية، وسنواصل القيام بذلك".
وكانت محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء قد قضت، ليل الجمعة الماضية، بسجن الصحافي الريسوني لمدة خمس سنوات، بعد إدانته بتهمتي "هتك عرض بعنف" و"الاحتجاز". فيما حُكم بتعويض للمشتكي بـ100 ألف درهم ( 10 آلاف دولار).
ومنذ انطلاق محاكمته في 9 فبراير/ شباط الماضي، اعتبرت هيئة دفاع الريسوني أن ملفه "سياسي بامتياز، يستهدف ضرب حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة"، محمّلة الجهات المسؤولة عن اعتقاله أيّ مساس بحقه في الحياة والسلامة البدنية والنفسية.
في المقابل، تشدد السلطات المغربية على استقلالية القضاء وقانونية الإجراءات المتخذة بحق الريسوني، نافية حدوث أي تراجع على مستوى الحقوق والحريات في البلاد.
وعلى صعيد متصل، تواصلت الثلاثاء محاكمة الصحافي والناشط الحقوقي المغربي عمر الراضي، المعتقل منذ عام، بتهمتي "التجسس" و"الاعتداء الجنسي" في جلسة مغلقة بقرار من المحكمة "مراعاة لشرف" المدّعية، بينما اعتبر المتضامون معه القرار "خرقاً جديداً لشروط المحاكمة العادلة".
ويلاحق الراضي (34 عاماً) بتهمة "الاعتداء الجنسي" بناءً على شكوى تقدمت بها زميلة له في العمل، وأكدت الأخيرة روايتها أمام المحكمة، نافية "أي طابع سياسي للقضية"، وفق ما أفاد دفاعها عبد الكريم مليح وكالة "فرانس برس" الثلاثاء.
وطالبت المدّعية بتعويض قدره مليون درهم (نحو 111 ألف دولار).
في المقابل، يؤكد الراضي أن علاقتهما كانت "رضائية"، وحاول دفاعه إقناع المحكمة "بانعدام أية وسائل إثبات" ضده.
وإلى جانبه يحاكم أيضاً زميله الصحافي عماد استيتو (32 عاماً) بتهمة "المشاركة في الاغتصاب". وكان الأخير الشاهد الوحيد لمصلحة الراضي خلال التحقيقات الأولية، لكن النيابة العامة قررت لاحقاً اتهامه هو الآخر.
وأكد استيتو للمحكمة رواية الراضي، وفق ما أفاد وكالة "فرانس برس".