استبدل الفنان الفلسطيني رائد النبريص من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة مشاركته في عدد من المعارض الفنية التي كان من المقرر تنظيمها في هذا الوقت، بمعرض فني افتراضي، بعدما ألغيت جميعها بفعل تفشي فيروس كورونا داخل القطاع.
وتسببت جائحة كورونا التي فرضت نفسها على أرض الواقع في قطاع غزة، بمنع مختلف المعارض الفنية والأنشطة والتجمعات، وذلك مع الإعلان رسميًا عن اكتشاف إصابات خارج مراكز الحجر الصحي، في 24 أغسطس/ آب 2020، وما تبعه من حظر للتجوال التام على جميع محافظات قطاع غزة.
وتأثرت الأنشطة الفنية، على مستوى الحركة الفنية في قطاع غزة، وذلك بعد إلغاء بعضها وتأجيل البعض الآخر، نتيجة استحالة تنفيذها في ظل خطر فيروس كورونا، والإجراءات الوقائية المتخذة للتخفيف من حدة تفشيه في المجتمع، والقضاء عليه، وقد طاول التأثير المعارض الفنية وورش العمل والمشاريع التي تقيمها المجموعات والهيئات والأجسام الفنية في غزة، فيما اتجه البعض إلى تنفيذ بعض من تلك الأنشطة إلكترونيًا.
وتناول المعرض الفني الإلكتروني "فلسطين قضيتي"، الذي أقامه الفنان رائد النبريص (43 عامًا)، بمشاركة عدد من الفنانين، لوحات تتحدث عن فلسطين، وتفاصيل القضية الفلسطينية، بهدف مواجهة الحملة التي تعرضت لها القضية الفلسطينية، وتوجه عدد من الدول العربية للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما يجهز النبريص لمعرض فني آخر بعنوان "في اتجاه ما"، كان من المقرر تنظيمه على أرض الواقع، وتحويله إلى معرض فني إلكتروني.
ويرى النبريص في حديث مع "العربي الجديد" أن المعارض الافتراضية لا تحل محل المعارض الواقعية، وأن تأثير فيروس كورونا متفاوت على الفنانين، حيث اتجه بعضهم إلى استغلال فترة الحجر المنزلي في إنتاج فني يلائم المرحلة، ويعبر عنها، فيما تأثر البعض الآخر بعوامل الإحباط نتيجة "الأسر الإجباري" والحبس والحجر الصحي، خاصة في ظل وجود عوامل قهر إضافية، مثل انقطاع التيار الكهربائي، إلى جانب نفاذ خامات العمل.
ولم تفلت الفنانة الفلسطينية بسمة الصوالحي من أزمة فيروس كورونا، إذ تعطل معرضها الخاص بعنوان "طيف بلادي"، والذي كانت تجهز لتنظيمه، ويضم لوحات تعبر عن الوطن وعن تفاصيل القضية الفلسطينية.
وتقول الصوالحي لـ "العربي الجديد" إن معرضها الفني كان سيعبر بشكل أساسي عن معاناة الفلسطينيين وفق مبدأ "ما لا نقدر على إيصاله قولا سنوصله بريشتنا وألواننا"، آملة انتهاء الأزمة الحالية والتي أصابت الوسط الفني بشكل كبير، حيث تحولت الصفحات الإلكترونية للفنانين إلى حملات توعية من مخاطر الوباء.
أما الفنانة الفلسطينية عواطف السقا، فلم تتمكن هي الأخرى من الالتحاق بالمشاركة في معرض فني جماعي، كان يجري التحضير له مع عدد من الفنانين الفلسطينيين، حيث تأخر تنفيذه إلى أن تم إلغاؤه بفعل جائحة كورونا.
وتقول الفنانة السقا لـ "العربي الجديد" إن الأزمة التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة، وما تلاه من حظر كامل للتجوال، أثر كذلك على مخطط سفر للخارج، للمشاركة في معرض فني جماعي، حيث كانت قد حصلت على الدعوة، وقامت بتجهيز أوراقها كافة.
وتوافقها الفنانة ألاء كامل الجعبري (25 عامًا)، خريجة إدارة صحية من جامعة القدس المفتوحة، حيث تقول إن عددا من المعارض والفعاليات التي كانت ستقام قريبا ألغيت بسبب فيروس كورونا، وتحولت الكثير من اللقاءات والاجتماعات إلى لقاءات افتراضية عبر تطبيق الزوم، أو وسائل التواصل الاجتماعي، مما قلل من إمكانية التواصل المباشر.
وقف المعارض الفنية التي كانت ستشارك فيها الجعبري، وعدم الخروج من المنزل، "أدى إلى قلة التغذية البصرية المباشرة التي يحتاجها الفنان، وعدم التواصل مع اللوحة بشكل مباشر ولمسها أيضاً، إضافة إلى الحواجز التي صنعت بين الفنانين، حيث لم تخدم التكنولوجيا والعالم الافتراضي بشكل مشابه للطبيعة".
وترى أن تأثير فيروس كورونا، امتد إلى الناحية النفسية والاجتماعية، حيث جذب شعور الخوف، وعدم الاطمئنان، وقد انعكس ذلك الشعور على لوحاتها، والتي باتت تدور حول الأفكار المتأثرة بالإغلاق، والشعور بالانفصال عن العالم، والحبس داخل الصندوق، إلا أنها تستدرك بالقول: "لكن يبقى الفن هو وسيلتنا الأولى للبحث عن الأمان والهدوء، من خلال وضع أفكارنا على أوراق ولوحات بمختلف الأفكار".