يبدو أن بعض شركات إنتاج الأعمال السورية قد استنفدت وسائل الابتكار لأفكار جديدة، فحاولت استنساخ أعمال عربية أخرى وقولبتها بقالب سوري. هذه المرة، قررت شركة "غولدن لاين"، عرض نسخة ثانية من مسلسل "إجازة"، إذ ألفت الكاتبة السورية سلام كسيري نسختين من العمل، الأولى جاءت عبر المسلسل السعودي المؤلف من عشر حلقات " ويحمل عنوان إجازة" وهو من بطولة أسيل عمران وتركي اليوسف، والثانية كانت عشارية بعنوان "طبق الأصل" من ضِمن مسلسل "بصمة حدا" السوري المكون من ثلاث عشاريات.
حقيقةً لم تنتهِ "طبق الأصل" بعشر حلقات، بل امتدت حتى ثلاث عشرة حلقة، وهذا ما زاد الأمر سوءاً، فالعمل كان بطيئاً بأحداثه رغم عدد الحلقات القليل، فلا تكثيف ولا ترابط بالقصة، والتشتت كان واضحاً في الأحداث.
ورغم أن القصة مؤسسة على الغموض الذي لا تُكشَف خيوطه حتى النهاية، إلا أن البطء كان سيد الموقف، ولم نعرف حقيقة المشكلة التي يعاني منها بطل المسلسل وائل، ولم يفهمها الجمهور حتى عندما حلّت النهاية، حيث جاءت متوقعة ولا غريب فيها. في حين كان إخراج علي محي الدين علي كلاسيكياً، فلا لقطات ساحرة، ولا حركات كاميرا سلسة أو لافتة، بل كان النمط تقليدياً يعيدنا إلى مشاهد الأعمال أيام التسعينيات، حيث لا ابتكار متفرد ولا تجديد تقني واضح، وربما لعبت الميزانية الضعيفة دوراً في هذا الإطار.
أما على صعيد الأداء، فلعب الفنان عباس النوري دوره بطريقة متقنة، لكنه ربما كان الفنان الوحيد المتميز في العمل، حيث قدمت الفنانة الشابة نور علي أداءً باهتاً وغير مقنع، مع العلم أنها حلت بديلةً عن النجمة كاريس بشار، لكنها لم تقدم أفضل ما لديها لتستطيع منافستها، وكانت قدراتها محدودة، رغم تقديم نور لأدوار مهمة سابقاً، ولا سيما "عروس بيروت"، في حين كان دورا ميلاد يوسف وهبة نور مكرّرَين ولم يخرجا عن التنميط، فلم يضيفا جديداً يذكر أو رسما شخصيات جديدة تبقى في ذاكرة المتلقين.
أما الشخصيات الثانوية مثل عهد ديب، رشا ابراهيم، وترف التقي، تهمّشنَ في العمل وكررنَ أنفسهن، لتكون الشخصيات مهمشة، وكأن لا أثر لها، مع أن لها دوراً في تحريك الأحداث ولو بالقليل.
النص الذي كتبته سلام كسيري، لم يعطِ أي روح تجديدية للعمل، بل جاء بلا عبارات رنانة، وبالغ في الغموض المحيط بالقصة بشكل مستفز ورديء شابه الشطط لتصبح الحكاية رتيبة يستعجل الجمهور نهايتها بأي شكل ليتفاجأ أنها تنتهي أيضاً بلا مضمون أو أثر واضح يمنح فرصةً في تقديم سيناريو مختلف.
من جديد، إذن، يقع نص سوري في فخ الاستنساخ والتعليب والحوارات المطاطة، من دون إضفاء أي تفصيل مبتكر يقدم للجمهور قصة جاذبة تشده من الألف إلى الياء. باتت معظم الأعمال الجديدة تُنجز على عجالة، بذرائع مرتبطة بالتمويل، وقلة الدعم اللوجستي. ويبدو أنّ الاتكاء على أسماء لامعة ومهمة، لاستدراج الجمهور من أجل متابعة المسلسلات، لم يعد كافياً أو مرضياً. هكذا، يبقى المشاهد باحثاً عن المتعة التي قدمتها الدراما السورية يوماً حين كانت الحلقات محبوكة التفاصيل منذ بدايتها، وحتى نهاية آخر مشهد في الحلقة الأخيرة.