وصف المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، جون برينان، فيلم المخرجة الفلسطينية فرح النابلسي "الهدية"، الذي كان مرشحاً لنيل جائزة "أوسكار"، بأنه "سرد محكم ومفجع" لما يعانيه أب فلسطيني (خالد)، وطفلته (ياسمين)، عند المعابر الإسرائيلية.
جاء كلام جون برينان في مقالة رأي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أمس الثلاثاء، تحت عنوان "لهذا السبب على بايدن (الرئيس الأميركي جو بايدن) مشاهدة هذا الفيلم الفلسطيني".
فيلم "الهدية"، للمخرجة فرح النابلسي، مدتة 25 دقيقة، وكان مرشحاً لنيل جائزة "أوسكار" في فئة الأفلام القصيرة في الدورة الـ93 التي أقيم حفلها مساء يوم الأحد.
كان الزميل نديم جرجوره قد كتب أن "الهدية" يروي حكاية بسيطة وعادية. ساعات عدّة تفصل بين خروج "خالد" و"ياسمين" من منزلهما، وعودتهما إليه محمّلين بأغراضٍ قليلة، وهدية واحدة، وآلامٍ عدّة. المشكلة أنّ خالد عاجزٌ عن تمرير "الهدية"، المشتراة من محل لبيع الأجهزة المنزلية، عبر الحاجز؛ والإسرائيلي يتعنّت في رفض السماح له بالمرور إلى جانب الحاجز. ياسمين تتحدّى الجميع، وتغلبهم.
المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قال إن مشاهدة الفيلم، وتحديداً المشهد الذي يفتش فيه جنود الاحتلال ممتلكات خالد أمام أنظار طفلته، أعاد إليه ذكريات زيارته الضفة الغربية عام 1975، "بعدما عبر نهر الأردن ووصل إلى نقطة تفتيش إسرائيلية". قال إنه كان حينها تلميذاً في "الجامعة الأميركية في القاهرة" ومتحمساً لزيارة القدس وقضاء ليلة الميلاد في بيت لحم. ووقف حينها في طابور أمام معبر إسرائيلي.
وقال: "على بعد أقدام قليلة كنت أرى رجالاً ونساء وأطفالاً في طابور طويل محاط بسياج من الشبك كتب عليه (فلسطينيون وعرب). شاهدت البعض يتعرضون للفظاعات وعمليات التفتيش العدوانية على يد الجنود الإسرائيليين".
ورغم أن جون برينان كان شاهداً على هذه الفظاعات و"شعر بالأسى"، إلا أنه استدرك في مقالته "كنت أعلم أن لدى إسرائيل مخاوف أمنية مشروعة في أعقاب حربي 1967 و1973، وهي مخاوف تفاقمت بسبب الهجمات على أهداف إسرائيلية ويهودية" من قبل المنظمات الفلسطينية التي وصفها بـ"الإرهابية".
وأضاف: "على الرغم من الانخفاض الحاد في التوتر بين إسرائيل والعالم العربي، إلا أن الشعب الفلسطيني نفسه لم يشهد أي تقدم ملموس في سعيه للعيش في دولته ذات السيادة".
وعن دور الولايات المتحدة الأميركية، كتب برينان أنها "تجاهلت خلال ولاية ترامب (الرئيس السابق دونالد ترامب) المصالح والتطلعات الفلسطينية"، مشيراً إلى نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وقطع التمويل عن السلطة الفلسطينية وإنهاء المساهمات الأميركية لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن المشهد الختامي في فيلم "الهدية" جعله "يفكر في الإحباط الذي يشعر به كل فلسطيني عليه أن يتعايش مع الإجراءات الأمنية الخانقة والقمع السياسي المصاحب للاحتلال العسكري الإسرائيلي". لكن مشاهدة الطفلة ياسمين لما مر به والدها هي "ما أقلق" المدير السابق للوكالة الأميركية، الذي قال "لا يسعني إلا أن أتخيل أثر مثل هذه التجارب على الفتيات والفتيان الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة. لقد نشأوا مصدومين من الظلم والتمييز والعنف. إنهم يعيشون وهم يشعرون بأن وجودهم يتحكم فيه أشخاص لا يهتمون برفاهيتهم أو سلامتهم أو مستقبلهم".
وأضاف "تتعامل إدارة بايدن مع مجموعة من المشاكل المحلية والدولية، لكن السعي الفلسطيني لإقامة الدولة يستحق المشاركة المبكرة من فريق الأمن القومي. يتعين على الولايات المتحدة أن تطلب من القادة الإسرائيليين الكف عن البناء الاستيطاني الاستفزازي والممارسات الأمنية القمعية الموصوفة في (الهدية)".