القضاء المغربي يحسم الأربعاء مصير مسلسل "قهوة نص نص"

03 مايو 2021
"قهوة نص نص" هو مسلسل كوميدي تبثه القناة الأولى المغربية (فيسبوك)
+ الخط -

حددت المحكمة الابتدائية بالرباط، بعد غد الأربعاء، كموعد للحكم في الدعوى الاستعجالية المقامة لوقف عرض المسلسل الكوميدي "قهوة نص نص"، الذي تبثه القناة الأولى المغربية، بدعوى "مساسه بمهنة المحاماة ومكانتها الاعتبارية ووقارها".

وقررت المحكمة الابتدائية بالرباط، خلال جلستها المنعقدة الاثنين، إدخال القضية التي رفعها المحامي محمد الكصي، ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، للمداولة تمهيداً للنطق بالحكم، وذلك بالتزامن مع خروج المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري عن صمته، معلناً تشبثه بحرية الإبداع وأن "التمثيل النقدي لمهنة معينة في عمل فني لا يشكل قذفاً".

وكانت الدعوى المقامة قد اعتبرت أن مسلسل "قهوة نص نص"، الذي تبثه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، "يروم بشكل واضح المساس بالمكانة الاعتبارية للمحامي، وإلى الانتقاص من دوره في أداء مهام الدفاع في إطار قانون مهنة المحاماة والقوانين الداخلية لهيئات المحامين بالمغرب، وكذا الأعراف والتقاليد المهنية التي يريد ترسيخها وطنياً ودولياً، وذلك كله من أجل مبدأ سيادة القانون وتحقيق الأمن الحقوقي لفائدة المواطن".

ولفتت الدعوى المقامة إلى أن المسلسل يتضمن مجموعة من المشاهد تسيء إلى سمعة مهنة المحاماة، وذلك عند ظهور الممثلة بديعة الصنهاجي وهي تحمل البذلة وتستقبل زبائنها في مقهى، وتتسول الزبائن والموكلين، وأحياناً تقدم استشارات قانونية هناك.

واعتبرت أن "مهنة المحاماة في جوهرها، وبحكم طبيعة العمل الذي يؤديه رجال ونساء الدفاع ليست مجرد مهنة فحسب، ولكنها قبل هذا وذاك رسالة لخدمة العدالة والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والدفاع عن احترام مبدأ سيادة القانون، وبالتالي فإن المحامين هم الأقدر على أداء هذا الدور، من خلال قسم المحاماة وانتمائهم لأعرق رسالة في التاريخ وأمجد وأنبل المهن".

ويأتي قرار المحكمة، غداة تأكيد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، على أهمية صيانة حرية الإبداع، وذلك على خلفية توصله بشكايات تقدم بها أفراد أو جمعيات أو تنظيمات مهنية، للاحتجاج على تضمن بعض الأعمال التخيلية المعروضة على القنوات التلفزية المغربية، لمشاهد وحوارات تعتبرها ماسة بمهن معينة ومسيئة لمنتسبيها.

وتشبث المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بحرية الإبداع الفني كما هي مضمونة دستوريا، لا سيما في الأعمال التخيلية، معتبراً أنها جزء لا يتجزأ من حرية الاتصال السمعي البصري، لافتاً إلى أنه "لا يمكن للعمل التخيلي أن يحقق وجوده ويكتسب قيمته دون حرية في كتابة السينايو، وفي تشخيص الوضعيات والمواقف، وفي تحديد الأدوار وتمثيل الشخصيات، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعمل هزلي أو فكاهي".

وبدا مثيراً للانتباه خلال الأيام الماضية، توالي بيانات استنكارية وتوجه نحو القضاء في مواجهة أعمال تليفزيونية بدعوى إساءتها لعدد من المهن، كالمحاماة، والتمريض والسكك الحديدية، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أصوات محذرة من سعي البعض إلى فرض الرقابة على الأعمال الفنية، والمساس بحرية الإبداع والتعبير والتضييق عليهما، واستنساخ التجربة المصرية من خلال إقامة دعاوى قضائية ضد الفنانين والممثلين.

وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستقرره المحكمة الابتدائية بالرباط، الأربعاء القادم، بشأن الدعوى الاستعجالية المعروضة أمامها لوقف عرض "قهوة نص نص"، يرى الناقد المغربي عادل السمار، أنه "بالرغم من الانتقادات الموجهة إلى الأعمال المعروضة على القنوات المغربية خلال شهر رمضان من حيث الجودة، إلا أنه من غير المقبول فرض الرقابة على برنامج أو عمل درامي، ومحاولة التحكم فيه من خلال تقديم صورة إيجابية عن فئة من فئات المجتمع".

واعتبر الناقد المغربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأمر يكتسي خطورة حينما تطالب بعض التنظيمات المهنية، من قبيل مستخدمي السكك الحديدية من هيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالتدخل بصفتها الرقابية من أجل الحد مما سمتها تصريحات تدخل في إطار التمييز العنصري ونشر صور نمطية، في وقت لا يدخل ذلك في صلاحيات الهيئة.

من جانبه، يقول الإعلامي والناشط الحقوقي سامي المودني لـ "العربي الجديد": "نتفهم أن تثير الصور التي تنقلها الأعمال التلفزيونية عن بعض المهن حساسية لدى ممتهنيها، لكن لا يحق لهم أبداً المطالبة بوقف سلسلة معينة لأنها لا تروقهم أو تنقل صورة يعتبرونها مسيئة لهم، لأن هذا يصبح اعتداء على حرية الإبداع والحق في التعبير".

المساهمون