القضاء المصري يحسم أزمة مخصصات الصحافيين: حق وليس منحة

29 مايو 2021
لجأ النقيب للقضاء بعد محاولات فرض ضرائب على بدل التدريب والتكنولوجيا (الأناضول)
+ الخط -

قضت المحكمة الإدارية العليا المصرية، صباح اليوم السبت، بأنّ بدل (مخصصات) التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحافيون حق وليس منحة، ولا يجوز أن يخضع للضرائب، ليصبح حكماً نهائياً وباتاً.

وأكدت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية، في حكمها، مجموعة من المبادئ، وهي أن علة بدل التكنولوجيا إتاحة الفرصة للصحافيين للاستعانة بأدوات العصر، لمواجهة تحديات تطور فنون صناعة الصحافة. وأشارت المحكمة إلى أن بدل التكنولوجيا "حق لصيق للحياة المهنية للصحافي، ومن دونه لا تستطيع الصحافة وضع الحقائق أمام أعين الشعب وتبصيره بما يجرى حوله من إنجازات".

بدل التدريب والتكنولوجيا هو عبارة عن مخصصات مالية، يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصريين شهرياً، من قبل "المجلس الأعلى للصحافة" (جهة حكومية)، وقيمته نحو 2100 جنيه مصري (نحو 135 دولارا أميركيا)، وبالزيادة الأخيرة أصبحت قيمته 2520 (نحو 160 دولارا أميركيا).

وناشدت المحكمة المشرع بتقنين بدل التكنولوجيا للصحافيين، "بعد أن صار لصيقاً بالحياة المهنية لا ينفك عن الصحافي وإعادة تقدير قيمته، كما أن التسلح التكنولوجي يكفل للصحافة المصرية أن تكون عابرة للحدود والقارات وقادرة على مخاطبة الرأي العام العالمي، وبناء شخصية الصحافي الموسوعي في عالم التخصص القاعدة الصلبة لبناء الحصن المنيع للدفاع عن حقوق المجتمع، ومن دون وسائل التكنولوجيا تتكبل حركة الصحافي ويتحول إلى مجرد موظف لا تظهر قدراته الحقيقية وإسهاماته المهنية".

وأوضحت المحكمة أن "الصحافة المصرية أثرت الحركة الوطنية، وأرست حجر الأساس في البناء الديمقراطي"، وأن "رواد القلم قدموا تضحيات رائعة، والصحافة هي الضمير العام للأمة".

وقالت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية إن مقطع النزاع يكمن في مدى استحقاق المدعى وعموم الصحافيين والصحافيات ــ بناء على طلب نقيب الصحافيين ضياء رشوان ــ المقيدين في جدول نقابة الصحافيين في صرف بدل التدريب والتكنولوجيا حال عدم وجود نص في القانون أو اللائحة ينص على تنظيمه وتقريره، وعلى الرغم من أن الدولة تصرف ذلك البدل منذ أكثر من 20 عاماً، وبغض النظر عن الصحيفة التي يعمل فيها سواء كانت قومية أو مستقلة أو حزبية أو وكالات أنباء، وسواء كانت ورقية أو إلكترونية.

وقد استبان للمحكمة أنه لا يوجد قانون صادر من السلطة التشريعية أو لائحة صادرة من السلطة التنفيذية تنظم تقرير منح بدل التدريب والتكنولوجيا لعموم الصحافيين، وعليه فإن القضاء الإداري يبسط ولايته المعقودة له بحكم الدستور والقانون، ليضع تصرف الإدارة المدعي عليها في ميزان المشروعية في ضوء ما قررته نقابة الصحافيين، والمدعي من أن الدولة تصرف ذلك البدل منذ أكثر من 20 عاماً.

كان نقيب الصحافيين المصريين، ضياء رشوان، قد قرر اللجوء للقضاء من أجل حسم أزمة بدل التدريب والتكنولوجيا ومحاولات إخضاعه للضرائب، وذلك استناداً للمادة رقم (52) من قانون النقابة التي تخوله تمثيل النقابة أمام الجهات القضائية والإدارية، برفع دعوى مستعجلة أمام القضاء الإداري، للمطالبة بتطبيق صحيح تفسير أحكام القضاء الإداري الباتة في شأن البدل ونصوص قانون الضريبة على الدخل، بعدم خضوع البدل للضريبة على المرتبات وما في حكمها.

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، شهدت الجماعة الصحافية في مصر حالة من الجدل، بسبب ما نشر عن اعتزام مصلحة الضرائب المصرية فرض "ضريبة دخل" قيمتها 10% على بدل التدريب والتكنولوجيا المخصص لأعضاء نقابة الصحافيين المصريين، الأمر الذي دفع رشوان إلى إصدار بيان رسمي أكد فيه استمرار صرف البدل من دون خصم، معلناً اعتزامه إقامة دعوى عاجلة لدى القضاء الإداري لحسم الخلاف المثار حول هذه المسألة.

الصحافيون أبدوا تخوفهم من استقطاع جزء من بدل التدريب والتكنولوجيا في صورة ضرائب، قبل حتى أن يصدر نقيب الصحافيين بيانه الذي وعد فيه بتحدث مجلس النقابة مباشرةً مع وزير المالية المصري محمد معيط لحل هذه المشكلة.

وقال ضياء رشوان، في بيان له، إنه بالعودة إلى الكتاب الدوري الداخلي لمصلحة الضرائب المصرية في وزارة المالية رقم (18) لسنة 2010، يتبين أن هناك خلافاً حول خضوع البدل للضريبة من عدمه. وفسر: "على الرغم من انحياز الكتاب الدوري المشار لخضوع البدل للضريبة على المرتبات، إلا أن أحد عشر عاماً مرت منذ صدوره، ولم يتحول خلالها هذا الكتاب لقرار من مصلحة الضرائب يبلغ لجهتي صرف البدل، وهما نقابة الصحافيين والمؤسسات الصحافية القومية، فلم تتلق أي منهما أي مخاطبة بهذا الشأن طوال تلك الفترة. وتكرر انحياز مصلحة الضرائب المصرية لرأي إخضاع البدل للضريبة على المرتبات في مذكرة داخلية أخيرة بتاريخ 5 مايو/أيار الحالي، مرفوعة للسيد رئيس المصلحة، وأيضاً لم يصدر بناء عليها أي قرار تخاطب به الجهتين ذاتَي الصفة المشار إليهما سابقاً، أي نقابة الصحافيين والمؤسسات الصحافية القومية حتى اللحظة".

وقال رشوان "الخلاف حول خضوع البدل للضريبة من عدمه لا يزال قائماً، لذا فإن نقابة الصحافيين ستتبنى وتعلن رأيها استناداً إلى أحكام القضاء الإداري النهائية في شأن البدل وقانون الضريبة على الدخل، بأن البدل لا يخضع للضريبة على المرتبات وما في حكمها؛ بناءً عليه تستمر النقابة في صرف البدل وفق نفس القواعد المطبقة عليه منذ بدء إقراره التي تعتبره غير خاضع للضريبة على المرتبات".

ودعت النقابة المؤسسات الصحافية القومية إلى مواصلة كل منها تطبيق ما استقرت عليه داخلها من قواعد لصرف البدل خلال الفترات الماضية، وأن تنحاز لرأي النقابة بأنه غير خاضع للضريبة على المرتبات وما في حكمها.

تاريخياً يصرف هذا البدل مقابل ما تحصل عليه الدولة من نسبة 36% من ضرائب وإعلانات الصحف التي تقدر بالمليارات، لكنه مع الوقت تحول لوسيلة ضغط من جانب الحكومة على الصحافيين تهدد في أي وقت بتوقفه، وتدعم من خلاله مرشحها الذي يعد بزيادته حال فوزه. وهذا ما فعلته الدولة لصالح ضياء رشوان الذي ينفي أنه مرشح النظام.

المساهمون