القصة الكاملة لاستبعاد مسلسل "أم الدراهم" الأردني من العرض: كوميديا وسياسة
استبعد التلفزيون الأردني المسلسل الكوميدي القروي "أم الدراهم" من خارطة عروضه الرمضانية، عشية شهر الصوم لأسباب لها علاقة بإسقاطات سياسية، بحسب تصريحات صحافية لمدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، محمد بلقر.
وأوضح بلقر أن المسلسل عرض على لجنتين فنيتين قامتا برفضه، وأضاف: "بعد إجازة أول سبع حلقات من المسلسل بمضمون اجتماعي كوميدي، تبين أن باقي الحلقات تحتوي على إسقاطات سياسية بمضمون مختلف عما تمت الموافقة عليه مسبقاً، وبالنهاية القرار يعود للجان الفنية".
والمسلسل الذي كان من المقرر أن يعرض حصرياً على شاشة التلفزيون الأردني، من إنتاج مؤسسة ميثاق، من تأليف زكي مارديني وإخراج كارو أراراد، وبطولة ساري الأسعد، ناريمان عبد الكريم، علي عليان، ديانا رحمة، نجلاء عبدالله، ومحمد الإبراهيمي، ويتناول قصة مختار الضيعة الشرير القادر على السيطرة على كل شيء والتلاعب بمصائر أهل القرية.
قصة المنع
اللافت أن التلفزيون الأردني كان قد عرض البرمو الترويجي للمسلسل على الشاشة ضمن قائمة الأعمال الرمضانية، وأرسل مديره للشركة المنتجة للمسلسل كتاباً رسمياً يفيد بشراء حقوق عرض المسلسل بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2021 بقيمة 70 ألف دينار أردني (ما يعادل مائة ألف دولار أميركي)، قبل أن يعود في اليوم التالي 8 إبريل/نيسان برفض عرض المسلسل.
ورد المنتج، فواز الصباغ، بكتاب رسمي لإدارة التلفزيون، مطالباً بالحصول على تقرير لجنتي الرقابة، مؤكداً أن جميع التعديلات التي طلبتها لجان الرقابة تم القيام بها.
وفي رده على قرار منع مسلسل، قال الكاتب، زكي مارديني: "يبدو أن لعنة الرفض أو المنع من العرض أو في أحسن الأحوال إخفاء المسلسل في الأدراج وعدم تسويقه، ستبقى ملازمة لكل الأعمال التي ترفع سقف التحدي وتناقش القضايا الحقيقية التي يجب أن تطرح على الشاشات، بعيداً عن البلطجة والشبرية والخيانات والحب التركي".
فيما اعتبر المخرج، كارو أراراد، أن المسلسل "تم إقصاؤه من قبل بعض المتنفذين في التلفزيون الأردني لأسباب غير منطقية وواهية رغم أن المسلسل اجتماعي كوميدي قروي، ومن الطبيعي أن كل عمل فني قابل للتأويل، وما المشكلة بأن يتضمن المسلسل إسقاطات سياسية؟".
وأضاف: "لكن يبدو أن هناك من يريد وضع العصي في الدواليب وإيقاف عجلة الفن الأردني لأسباب تخصه".
ويتفق الفنان، محمد الإبراهيمي، مع وجهة نظر المخرج بالقول: "يجب معرفة ومحاسبة لجان الرقابة التي تصدر قراراتها بناءً على حجج واهية، وتصر على إقصاء وقتل وتهميش الفنان الأردني".
وطالب الإبراهيمي الناس بأن تنتبه لسعر شراء المسلسل "الذي لم يصل لأجر ممثل في الدول المجاورة ومع فرق العملة".
دور نقابة الفنانين
واعتبر بطل العمل ونقيب الفنانين الأردنيين السابق، ساري الأسعد، قيام التلفزيون الأردني بالترويج للمسلسل ثم منعه من العرض لأسباب واهية مستهجناً.
وأضاف: "إدارة التلفزيون أبدت موافقتها على عرض العمل بعد مشاهدة اللجنة المتخصصة لكامل حلقاته، ومن ثم قامت بإبلاغ منتج المسلسل بهذه الموافقة، ولا أحد يعلم من تدخل لمنع عرض العمل وما هي أسبابه".
كما انتقد الأسعد عدم وقوف نقابة الفنانين مع أعضائها، مؤكداً: "لم تتخذ النقابة أي إجراء يحمي حقوق الفنانين، حتى أن النقيب حسين الخطيب ظهر في تصريحات تلفزيونية، يدرك من يسمعه بأنه غير مطلع على القضية بالكامل".
واتهم الأسعد، في حديثه لــ"العربي الجديد"، نقيب الفنانين بأنه يقف في صف إدارة التلفزيون ضد زملائه، وهو ما نفاه الخطيب جملة وتفصيلاً.
وقال الخطيب: "لولا دعم نقابة الفنانين الأردنيين لما شاهدنا أعمالاً درامية أردنية بهذه الكثرة على شاشة التلفزيون الأردني، وبالنسبة لمسلسل "أم الدراهم" فكما أعلمني شخصياً مدير التلفزيون تم رفض عرضه لأسباب تقنية فنية وليست سياسية كما يقال، وشخصياً كفنان أنا لست مع الرقابة على مواضيع الأعمال الفنية، لأن الفنان الأردني دائماً ما كان رقيب نفسه، بل مع الرقابة على المستوى التقني والفني للعمل والفنانين المشاركين، وهناك أعمال سابقة قام التلفزيون بشرائها في الأعوام الماضية، ولم تعرض بسبب سوئها التقني".
أمام القضاء
فضل المنتج، فواز الصباغ، اللجوء إلى القضاء الأردني لإنصافه، مكتفياً بالقول: "تم تسجيل قضية أمام القضاء الأردني، وإرسال إنذار عدلي إلى مدير التلفزيون من قبل محامي الشركة، وذلك لتبيان سبب وحقيقة قرارات اللجان الفنية، ومناقضة إدارة التلفزيون لنفسها بعرض ومنع المسلسل خلال 24 ساعة ومعرفة من يقف وراء ذلك".
وكان التلفزيون الأردني قد منع عام 2015 بث أغنية "سلمى" للمغني جهاد سركيس على الرغم من مشاركة التلفزيون بإنتاج جزء منها، لأن عنوانها مشابه لاسم البنت الصغرى للملك عبدالله الثاني بن الحسين، وهي القضية التي أثارها "العربي الجديد" في مايو/ أيار 2015.