الفيلم الفرنسي... انتشارٌ في العالم رغم كورونا

31 يناير 2021
"أريكة في تونس" للمخرجة منال العبيدي في المركز التاسع لقائمة "يونيفرانس" (Getty)
+ الخط -

الوباء العالمي لا يزال يترك آثاره السلبية على السينما في فرنسا والعالم. لكنّ صناعة السينما الفرنسية تقاوم، وكورونا لم يمنع وجود الفيلم الفرنسي خارج فرنسا في العام الفائت. فرغم تراجع إيراداته بنسبة 70 بالمئة، تمكّن من الحفاظ على مكانته في السوق العالمية، وحضر في مهرجانات دولية. الفضل في هذا يعود، في جزءٍ منه، إلى الإنتاج المشترك.

يذكر تقريرٌ لـUnifrance (يونيفرانس: الهيئة المعنيّة بترويج السينما الفرنسية في الخارج)، نشر مؤخّراً، أنّ عام 2020 كان خارج التوقّعات، ومتفرّدا بأحداثه. لكنّ الفيلم الفرنسي، رغم المخاطر، لا يزال له موقع خارج فرنسا وداخلها، في الصالات والمهرجانات، مع عروض 611 فيلماً فرنسياً، مقابل 869 عام 2019. يشير التقرير إلى الأزمات السابقة التي لحقت بالسينما، كالتقنيات الجديدة، وتغيّر عادات الجمهور، والتطوّر في العمل السينمائي والعاملين فيه، بالإضافة إلى ظواهر اجتماعية وسياسية أثّرت على الإنتاج والتوزيع. 

في العام الماضي، هناك شاشات مطفأة في كلّ مكان، وتصوير معلّق، ومهرجانات ملغاة أو مؤجّلة أو افتراضية، وتوزيعٌ يراجع كلّ خططه. في أجواء كتلك، بدا الرقميّ نافذة وحيدة فُتحت للبعض، إذ سمحت للعاملين في المجال السينمائي بالتواصل، وللأفلام بإيجاد جمهورها. لكنّ فسحة الأمل الحقيقية كانت في ردّة فعل الجمهور، الذي أثبت خلال إعادة فتح الصالات لأشهرٍ عدّة، في فرنسا والعالم، بأنّه لم يفقد رغبته ولا متعته في التردّد عليها.

لكنّ التقرير يأسف لكون "يونيفرانس" (تأسّست عام 1949) لم تعلن من قبل عن انخفاضٍ مماثل في عدد التذاكر المباعة عالمياً للفيلم الفرنسي. فمع حوالي 14 مليون تذكرة (منها 10.6 ملايين لأفلام باللغة الفرنسية)، بعائدٍ بلغ 86 مليون يورو في العام الماضي، يبدو الرقم بعيداً عن المعدّل العام السنوي، الذي كان يصل إلى نحو 73 مليون تذكرة. مع هذا، عرفت السينما الفرنسية، بفضل تنوّعها وتعبيرها عن التعدّد الثقافي، الحفاظ على موقع عالمي لها، بفضل الإنتاج المشترك، إذ إنّ 4 ملايين تذكرة تقريباً ذهبت إلى أفلامٍ غلب الإنتاج الأجنبي فيها على الفرنسي، و3 ملايين لأفلامٍ، لغتها غير فرنسية.

أما بالنسبة إلى السوق المفضّلة للفيلم الفرنسي، فإنّ أوروبا الغربية تبقى، للعام الخامس على التوالي، الأكثر انجذاباً إليه، مُشكّلة أكثر من 50 بالمئة من سوقه، مع 7 ملايين بطاقة مباعة، متقدّمة بذلك على أوروبا الشرقية والوسطى، التي تشكّل 20 بالمئة من مبيعاته. مع هذا، كانت روسيا البلد الأكثر ميلاً إلى الفيلم الفرنسي، مع 1.46 مليون بطاقة، متفوّقةً في موقعها الأول على إسبانيا وايطاليا، ثم ألمانيا فهولندا. 

روسيا هي البلد الأكثر ميلاً للفيلم الفرنسي بـ1.46 مليون بطاقة

كما أنّ سوق هذا الفيلم تتوسّع في آسيا، حيث يتزايد عدد البلدان الآسيوية التي تبرمج الفيلم الفرنسي في صالاتها. في كوريا الجنوبية مثلاً، ارتفعت مبيعات الفيلم الفرنسي العام الفائت بفضل "لوحة فتاة ملتهبة" (2019) لسيلين سيامّا، الفيلم الروائي الأكثر نجاحًا في الأعوام الخمسة الأخيرة في كوريا، مع 150 ألف مُشاهد، و"الزمن الجميل" ( 2019) لنيكولا بودوس، و"البؤساء" (2019) للادج لي. أما في شمال أميركا، فهبطت نسبة العروض بسبب إغلاق الصالات.

في التقرير نفسه، يبدو أنّ الفيلم الكوميدي هو الأكثر انتشاراً، مُحقّقاً ثلث الإيرادات، تليه الأفلام الاجتماعية. والمفاجأة مع أفلام التحريك، التي تتموضع في المركز الثالث، بتحقيقها 16 بالمئة من الإيرادات، تليها أفلام المغامرات والخيال العلمي والفانتازيا والسِيَر الذاتية والحروب. "لوحة فتاة ملتهبة" الأكثر انتشاراً عالمياً، تلاه "إنّي أتّهم" (2019) لرومان بولانسكي، و"البؤساء". أما "أريكة في تونس" (2019)، للفرنسية التونسية منال العبيدي، فله المركز التاسع على هذه اللائحة.

يجد الفيلم الفرنسي أيضاً سوقاً كبيرة له في المهرجانات العالمية. في العام الماضي، عُرض 163 فيلماً في 8 مهرجانات، مُشكّلاً بهذا 19 بالمئة من نسبة العروض. أما أكثر المهرجانات التي برمجت الفيلم الفرنسي، فكان "مهرجان برلين السينمائي (برليناله)"، مع 33 فيلماً، مقابل 26 فيلماً أميركياً. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

واستقر الفيلم الفرنسي في المركز الأول في مهرجانات عدّة: "كانّ" و"روتردام"، وكان ثانياً في الـ"برليناله" بعد الفيلم الألماني، وفي "بوسان" بعد الكوريّ الجنوبي، و"فينيسيا" بعد الإيطالي، وثالثاً في "تورنتو" و"ساندانس".

يعود أحد أسباب انتشار السينما الفرنسية عالمياً إلى الإنتاج المشترك، الذي يسمح لها بتمثيلٍ متعددٍ للثقافات، وبفرصةٍ أكبر للعرض في تظاهرات ثقافية في العالم. فمن بين 163 فيلماً مُشاركاً في المهرجانات، هناك 35 ذات إنتاج فرنسي بالكامل، و128 ذات إنتاجٍ مشترك. وتُعدّ بلجيكا أكثر البلدان التي تتشارك الإنتاج مع فرنسا، تليها ألمانيا والبرازيل والمملكة المتحدة، ثم خمسة بلدان أخرى في المركز الرابع، بينها قطر. 

وحصدت هذه السينما جوائز عدّة في مهرجانات مختلفة، كالـ"برليناله" بدورتها الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020)، مع فوز بولا بير بـ"الدبّ الفضي كأفضل ممثلة"، عن دورها في "أوندين" لكريستيان بيتزولد، المُنتج بالشراكة مع ألمانيا. و"الدبّ الفضّي" للعيد الـ70 كان لـ"محو التاريخ" (2019) لغوستاف كِرِفرن وبونوا دولبين. ونال الفرنسي المكسيكي "نظام جديد" (2020)، لميشال فرنكو، "الأسد الفضي" في "مهرجان فينيسيا الـ77" (2 ـ 12 سبتمبر/ أيلول 2020). إلى ذلك، تسود اللغة الفرنسية في نصف الأفلام المختارة في المهرجانات، تليها الإنكليزية والعربية، التي تحتلّ المركز الثالث، وتصل نسبتها إلى 11 بالمئة، تأتي بعدها الإسبانية فالألمانية.

المساهمون