وجد بحث جديد أن الفيضانات يمكن أن تؤثر على الأمن الغذائي لأكثر من 5.6 ملايين شخص في العديد من الدول الأفريقية. تأتي النتائج في وقت دمرت فيه الفيضانات باكستان والهند وأجزاء كبيرة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في الدراسة التي نشرت يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول في دورية PNAS، توصل المؤلفون إلى أن الفيضانات يمكن أن تؤثر على الأمن الغذائي على الفور، وفي الأشهر التي تلي وقوع الفيضانات. كما أن الفيضانات ألحقت أضراراً جسيمة بالبنية التحتية والأراضي الزراعية والماشية، ما أثر على إنتاج الغذاء والوصول إليه، فضلاً عن موارد المياه والصرف الصحي التي تعتبر ضرورية أيضاً للأمن الغذائي.
في السنوات الأخيرة، أدى هطول الأمطار والفيضانات القياسية إلى زيادة الاهتمام بالتداعيات على السكان المتضررين. لذلك، أشار المؤلفون إلى الحاجة الملحة إلى زيادة فهم حجم الدمار الذي لحق بهم، ولا سيما في ما يتعلق باحتياجات السكان الغذائية. وللحصول على رؤى تفصيلية حول تأثير كوارث الفيضانات، فحص المؤلفون أكثر من 12 دولة عبر غرب وشرق وجنوب أفريقيا، بما في ذلك نيجيريا، والنيجر، وكينيا، وموزمبيق، ومالاوي، من بين دول أخرى.
خلال فترة الدراسة التي امتدت بين 2009 و2020، فحص الفريق الكيفية التي تؤثر بها الخصائص الرئيسية للفيضانات، بما في ذلك الموقع والمدة والمدى، على مقياس مستقل لانعدام الأمن الغذائي تستخدمه شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة التي أنشأتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. أظهرت النتائج أن ما يقرب من 12% ممن عانوا من انعدام الأمن الغذائي في المناطق المدروسة تأثر أمنهم الغذائي بالفيضانات خلال الفترة من 2009 إلى 2020. وشملت هذه الآثار زيادات ضارة في انعدام الأمن الغذائي - كما كان متوقعاً - ولكن كانت هناك أيضاً بعض الآثار المفيدة التي خففت من انعدام الأمن الغذائي، اعتماداً على الفترة الزمنية والنطاق الإقليمي.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة ويستون أندرسون، عالم الأبحاث في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وجامعة ماريلاند، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن نتائج الدراسة تشير إلى أن الفيضانات يمكن أن تكون لها تأثيرات معاكسة على الأمن الغذائي على نطاقات مكانية مختلفة، ولا سيما في الفترات الزمنية التي تلي حدوثها. وأوضح أندرسون أنه في سنة معينة قد يؤدي هطول الأمطار الزائدة إلى حدوث فيضانات سريعة تدمر المحاصيل في منطقة محلية، لكن هذه الفيضانات ترتبط في الوقت نفسه بظروف نمو مفيدة تعزز إنتاج المحاصيل على نطاق البلد بشكل عام.
ومع ذلك، حذر أندرسون وفريقه من أن أي آثار إيجابية للفيضانات ليست مضمونة. وشدد الفريق على أهمية تحسين جمع البيانات عن الفيضانات والأمن الغذائي، للاستجابة للكوارث وتخطيط التكيف مع الظواهر والكوارث المناخية.
وشرح أندرسون: "ما نسلط الضوء عليه بشكل خاص هو أن للفيضانات تأثيرات مهمة، ولكنها معقدة على الأمن الغذائي في أوقات مختلفة ونطاقات مكانية. ومع ذلك، فإن هذا الأمر لم تتم دراسته جيداً إلى حد كبير على مستوى العالم، وبالتالي فهو غير مفهوم جيداً. ويعد تحسين المعرفة بموقع وتوقيت والمدى الذي يمكن أن تؤثر فيه الفيضانات على الأمن الغذائي أمرا بالغ الأهمية، خصوصا بالنسبة لصناع القرار في المناطق الريفية المعرضة للفيضانات والتي تساهم في الإمدادات الغذائية الإقليمية والعالمية".
وكشفت النتائج أن الفيضانات تؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي بطرق محلية ومتنوعة للغاية، وهو ما يشير إلى أن العلاقة بين الفيضانات والأمن الغذائي لا ترجع إلى بعض الإجراءات، مثل التغييرات في أسعار الغذاء على مستوى الدولة، ولكن بدلاً من ذلك إلى التأثيرات على إنتاج الغذاء، مثل فقدان المحاصيل، والوصول إلى الغذاء، مثل تدمير البنية التحتية أو الخسارة المباشرة لسبل العيش، أو استخدام الغذاء، مثل الأمراض المنقولة بالمياه وضعف الوصول لخدمات الصرف الصحي.