في جولة على موقع "يوتيوب" قد يصادف المستخدم عشرات الفيديوهات الجديدة من العراق: "أفضل بيتزا في العراق"، "شاب أميركي يلتقي بفتاة عراقية"، "اكتشاف بغداد، كم هي خطيرة؟"، "إيما في حديقة الزوراء"، وغيرها من المقاطع التي رفعها صنّاع محتوى أجانب بعد رحلاتهم السياحية إلى بلاد الرافدين.
إيما، شابة اسكتلندية، وواحدة من صانعي المحتوى، زارت العراق مرتين قضت في زيارتها الأخيرة شهرين متواصلين في البلاد، من بغداد إلى الفلوجة والرمادي والبصرة، وقد نقلت تجربتها هذه إلى متابعيها عبر "يوتيوب".
وفي حديث مع وكالة "فرانس برس" تروي بشغف تجربتها: "تعتقد أنهم بعد كل ما مروا به، بعد عقود من العزلة والحروب، سيكونون شعباً تعيساً...لكنهم طيبون وكرماء مع الغرباء".
أما صاحب قناة World Nomac على يوتيوب (115 ألف مشترك)، فنشر 13 فيديو في الأشهر الأخيرة لتوثيق رحلته إلى العراق، أشهر هذه الفيديوهات وأكثرها شعبية هو ذاك الذي يصوّر فيه زيارته إلى مطعم يصنع البيتزا في البصرة.
على المنصة نفسها أي "يوتيوب" وثّق دوغ بَرنار، وهو مدوّن سفر شهير، عبر قناته (354 ألف مشترك) رحلته إلى العراق، ليحصد الفيديو الذي صوّره مع شابة عراقية رافقته لتعريفه إلى بغداد أكثر من مليون مشاهدة في أشهر قليلة.
قبل عام، باتت تأشيرة الدخول تُمنح عند الوصول إلى بغداد للعديد من الجنسيات الأجنبية، بعد عزلة عقود فرضتها الحروب، أنست العالم مواقعه الأثرية الهامة المدرج بعضها على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي تنافس دولا مثل مصر وسورية والأردن.
ويأتي بعض السياح بشكل فردي، بينهم صانعو محتوى، يستكشفون البلاد وينشرون على "يوتيوب" فيديوهات عن الطعام والسكان والآثار لعشرات الآلاف من متابعيهم. فيما يأتي آخرون ضمن مجموعات سياحية مع شركات محلية خاصة تنظم جولات من بغداد إلى البصرة جنوباً، ثم الموصل شمالاً.
عدا السياحة الدينية التي تعاني من المشاكل نفسها، القطاع جديد نسبياً على البلاد، ولا يزال يفتقر للتنظيم والتمويل والبنى التحتية اللازمة واهتمام الحكومة، كما يقول أصحاب شركات خاصة يجهدون بشكل ذاتي لجذب السياح.
تروي إليانا، المقيمة في كاليفورنيا، والتي تجول العراق، أنها تحلم بزيارة العراق منذ أن تلقّت عنه دروساً في تاريخ الفنون قبل 20 عاماً. وتقول لـ"فرانس برس": "حين علمت أنه بإمكاننا الحصول على تأشيرة الدخول عند الوصول، جئت حالما استطعت (...) أنا متحمسة لأرى كل ما يرتبط بمهد الحضارات". لكن حماستها لم تمنعها من ملاحظة تهالك البنى التحتية في البلاد.
أما الأميركي جاستن غونزاليس (35 عاما) فيتحدث بابتسامة عن تجربته في العراق. ويقول "على موقع حكومتي يوجد تحذير من الذهاب إلى العراق بسبب خطر الخطف والعنف، لكنني لم أر أيا من ذلك".
عام 2021، دخل أكثر من 107 آلاف سائح العراق، بينهم أكثر من 300 من فرنسا والنرويج وبريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة وتركيا غيرها، مقابل نحو 30 ألفاً في 2020، بحسب أرقام زوّدت بها هيئة السياحة الحكومية فرانس برس.
يعمل العراق تدريجاً على ترميم مواقعه الأثرية. وأعيد تجديد شارع المتنبي في بغداد بمبادرة مصارف خاصة. أما الشارع الموازي له، شارع الرشيد الذي يحمل الأهمية التاريخية نفسها في قلب المدينة القديمة، فهو عبارة عن ركام ونفايات.
بيوت بغداد القديمة المشيّدة بالطوب العراقي الأصفر متهالكة في معظمها ومعرّضة للانهيار. فتح المتحف الوطني في بغداد أبوابه أيضاً في آذار/مارس بعدما كان مغلقاً لثلاث سنوات، فيما ينوي العراق افتتاح أكثر من متحف جديد.
ومدينة أور الأثرية الواقعة في جنوب العراق، حيث صلى البابا فرنسيس العام الماضي، طاولتها حملة الترميم لمناسبة الزيارة فقط. في نينوى ومركزها الموصل، دمر تنظيم "داعش" العديد من المواقع الأثرية الهامة.
مع ذلك، تسعى هيئة السياحة إلى "تأهيل المواقع الأثرية سياحياً"، كإنشاء محطات استراحة، من ضمن أهداف أخرى.
(العربي الجديد، فرانس برس)