تعتزم الحكومة العراقية اللجوء الى المحاكم الدولية لاستعادة القطع الأثرية، التي نهبت من البلاد منذ نحو 18 عاماً بعد الاجتياح الأميركي عام 2003، مؤكدة حصولها على دعم منظمات عالمية لحسم هذا الملف.
لم تستطع الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 إحصاء عدد الآثار المهربة من البلاد خلال فترة الانفلات الأمني، الذي استمر حتى خروج القوات الأميركية عام 2011، لأن معظم العمليات كانت تجرى عبر العصابات التي اعتمدت على المواقع النائية وبعض الأراضي غير المنقبة أصلاً.
رئيس "الهيئة العامة للآثار والتراث" في وزارة الثقافة ليث مجيد حسين أكد أن "الهيئة ستلجأ الى المحاكم الدولية لإعادة القطع الأثرية العراقية المهربة"، مبيناً في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "هناك تعاوناً كبيراً من العديد من دول العالم لاستعادة الموروث الحضاري الذي هُرّب بطرق غير شرعية عن طريق النبش العشوائي".
وأضاف أن "هناك عدة دول أبدت استعدادها الكبير لإعادة هذه القطع، وهناك أيضاً قضايا عدة في المحاكم حول بعض الدول المتلكئة في إعادة بعض القطع"، مؤكداً أن "الهيئة عازمة على إعادة آخر قطعة أثرية موجودة خارج العراق".
وأشار الى أن "الهيئة تسلك الطرق القانونية، وستلجأ إلى المحاكم الدولية في هذا الشأن"، مشيراً إلى أن "هناك منظمات دولية، مثل الإنتربول، تساعد العراق بشكل كبير في متابعة هذه القضايا، وأيضاً في حث الدول على إعادة الموروث الحضاري بشكل قانوني وسليم".
وأكد: "بعد استعادة القطع كافة، ستكون هنالك إجراءات تتضمن استمرار المتابعة للقطع والمواد الأثرية بشكل دائم"، مبيناً أن "الظروف التي مر بها البلد، ومن ضمنها جائحة كوفيد-19، عطلت كثيراً من النشاطات الأثرية"، معرباً عن أمله "عودة بعثات التنقيب للعمل في العراق، ومنها الأجنبية التي باشرت بالعمل في المواقع الأثرية قبل الجائحة".
وذكّر بـ"أبرز الإنجازات" التي تحققت أخيراً، عبر استعادة 17 ألف قطعة من الولايات المتحدة الأميركية، وبينها لوح مسماري أثري عمره 3500 عام ويحتوي على جزء من "ملحمة غلغامش"، بعدما تبيّن للسلطات الأميركية أنّه سُرق من متحف عراقي في 1991، ثمّ هُرّب بعد سنوات إلى الولايات المتّحدة.
مسؤولون عراقيون حمّلوا الحكومات السابقة مسؤولية هذا الملف، مؤكدين أن "عمليات تهريب منظمة جرت للآثار، في فترات متأخرة، على يد شبكات وعصابات ارتبطت ببعض الأحزاب والفصائل المسلحة".
وقال عضو في لجنة الثقافة النيابية لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم الإفصاح عن اسمه، إن أكثر من 180 قضية تهريب آثار ونبش مواقع أثرية وتحايل في ملف الآثار العراقية ما زالت مجمدة في القضاء، بسبب محسوبيات سياسية معروفة.
وبيّن المصدر نفسه أن مقربين من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومن المحسوبين على فريقه الحكومي السابق متورطون في جانب غير بسيط من ملف نهب الآثار العراقية، عبر بيعها أو تسهيل نقلها إلى خارج العراق، أو توفير حماية لمتورطين بالأدلة في جريمة نهب وسطو على آثار عراقية باتت الآن خارج البلاد، مشيراً إلى أن "الحكومات السابقة تجاهلت الملف تجنباً لمشاكل سياسية وأزمات، أو لدواعي المجاملة الشخصية على حساب القانون، ما أسهم باستنزاف تهريب الآثار سنوات طويلة".