"العدّاء" الإسرائيلي مطرود من مهرجان بوش وليلى الفلسطينية باقية

17 يناير 2024
من تجهيز "عزيزتي ليلى" (موقع المهرجان)
+ الخط -

في واقعة لا تحدث إلا نادراً، سحب مهرجان بوش (PuSh Festival) في مدينة فانكوفر الكندية مسرحية للكاتب الكندي كريستوفر موريس تجري أحداثها في "إسرائيل"، بعد رفض الفنان الفلسطيني باسل زراع عرض تجهيز فني تفاعلي له في المهرجان بالموازاة مع عرض مسرحية موريس.
كان زراع قد أصدر بياناً يوضح فيه أسباب رغبته في سحب تجهيزه "عزيزتي ليلى" (Dear Laila) إثر الإعلان عن عرض مسرحية "العداء" (The Runner) بالتزامن. تدور أحداث المسرحية حول تدخل متطوع أرثوذكسي في قوة عسكرية إسرائيلية لعلاج شابة فلسطينية؛ إذ اتخذ قراراً لإنقاذها بدلاً من جندي إسرائيلي، ربما تكون قد قتلته.
وجاء في بيان زراع أن "عزيزتي ليلى" هو "عمل تركيبي أنشأته لابنتي الصغيرة، يحكي قصة الصدمة والنضال المستمر الذي تعيشه عائلاتنا كفلسطينيين منفيين، بدءاً من المذبحة التي ارتكبها الاحتلال في قريتنا الطنطورة في فلسطين عام 1948، إلى الإبادة الجماعية التي ترتكبتها إسرائيل في غزة"، موضحاً أنه لا يستطيع أن يوافق على عرض "عزيزتي ليلى" إلى جانب "العداء" لأنها "مسرحية تعزز الروايات اللاإنسانية عن الفلسطينيين".
يشير زراع إلى أن العمل المسرحي "يُظهر الفلسطينيين بشكل شبه حصري كمرتكبي أعمال عنف، ليست لديهم حتى أسماء، وبالكاد يتحدثون، في حين قدم الشخصيات الإسرائيلية بشكل واضح، كذلك لم يتم توضيح سياق الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الفصل العنصري والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني".
يضيف في بيانه: "هذه ليست حرب بين طرفين، بل هي جهد تبذله إسرائيل منذ عقود للسيطرة على شعبنا بهدف محوه، ونحن وإن كنا نرحب بالتنوع في الآراء، لكن المساعي الفنية حول هذا الموضوع يجب أن تتحمل مسؤولية تعكس حقيقة أن هناك مُستعمِراً ومُستعمَراً".
إلغاء مهرجان بوش عرض العمل المسرحي، سبقه إلغاء آخر في الثاني من يناير/كانون الثاني الحالي؛ إذ قرر مسرح بيلفري في مدينة فيكتوريا الكندية عدم عرض "العدّاء"، التي كان من المقرر عرضها في شهر مارس/آذار المقبل.
جاء القرار في أعقاب احتجاجات أطلقتها مجموعة مؤيدة للفلسطينيين في 22 ديسمبر/كانون الأول، وزّعت خلالها منشورات وعلقت ملصقات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي، وأخرى كتب عليها "فلسطين حرة"، على جدران المسرح.
من جانبهما، قال ممثلا مهرجان بوش أي مديرة البرامج غابرييل مارتن، ومديرة العمليات كيلتي فورسيث، إن إدارة المهرجان عقدت، على مدى الأسبوعين الماضيين، اجتماعات استمعت خلالها لأصوات تراوحت آراؤها بين المطالبة بإلغاء عرض مسرحية "العداء" لأنها تكرّس اضطهاد الشعب الفلسطيني، وبين المطالبين بتقديمها على أنها تقدم وجهة نظر متعاطفة وإنسانية، وكان هناك أيضًا من اعتبر المسرحية بمثابة دعاية إسرائيلية.
أسفرت المشاورات، كما جاء في بيان مهرجان بوش عن قرار بتكريم "الفنان الذي يعكس عمله تجربته الحياتية"، وأنه "من الضروري إعطاء الأولوية لعمل الفنان الذي لا يتم تمثيل وجهة نظره بشكل كبير في المسرح الكندي"، خاصة، مثل ما أفاد البيان، أن اختيار عرض التجهيز الفني الفلسطيني جاء "في سياق القصف اليومي لقطاع غزة على يد دولة إسرائيل، والذي أدى، حتى 9 يناير/كانون الثاني، إلى مقتل أكثر من 23 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، إلى جانب تشريد 85% من سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة".
إدارة المسرح المشرفة على "بوش" أصدرت بياناً أيضاً، جاء فيه: "نحن كمؤسسة ندين بشكل لا لبس فيه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والدمار المستمر الذي يحدث في غزة، ونحزن على الخسائر المأساوية للمدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما نقف ضد العنصرية والاستعمار والإمبريالية ومعاداة السامية وكراهية الإسلام والكراهية ضد العرب، ونواصل الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم المساعدات الطبية ونزع السلاح ووضع حد لهذه الإبادة الجماعية".
وفي ما يخص إلغاء عرض مسرحية "العداء" من مهرجان بوش أكدت الإدارة: "لا نتفق على أن الآن هو الوقت المناسب لعرضها؛ لأنها تركز على منظور إسرائيلي يصف الوحشية التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون، في وقت تحتاج فيه الأصوات الفلسطينية إلى إيصالها. فبسبب دعم الغرب لإسرائيل، هناك اختلال في توازن القوى، وباعتبارنا منظمة فنية، تقع على عاتقنا مسؤولية استخدام منصتنا للوقوف مع المضطهدين".
تراجع مهرجان "بوش" عن عرض مسرحية "العداء" أثار غضب زعماء الجالية اليهودية في فانكوفر، فأعلن عدد منهم عن شعورهم بخيبة أمل بسبب ما اعتبروه تراجعاً عن القيم الكندية المهمة، مثل حرية التعبير وتنوع التعبير الفني.
يُعرض "عزيزتي ليلى" في "بوش" في الفترة من 20 يناير/كانون الثاني إلى 3 فبراير/شباط، وهو نموذج لإعادة بناء منزل عائلة زراع المدمر في مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق، مع مشهد صوتي وسرد لإضفاء الحيوية على المساحة المفقودة.
منذ عرضه الأول في مؤسسة "متحف المنزل" في إبريل/نيسان 2022، استحوذ "عزيزتي ليلى" على إعجاب المهتمين في جميع أنحاء العالم، وحصل الفيلم على جائزة ZKB Audience Award من مهرجان Theatre Spektakel في زيورخ، كما عرض في كل من: مهرجان Santarcangelo في إيطاليا، ومهرجان Teatro A Mil في تشيلي.

أما صاحب العمل الفني باسل زراع، فهو فنان فلسطيني مقيم في بيرمنغهام في المملكة المتحدة. من بين أعماله السابقة، تجهيز فني يحمل عنوان "بقدر ما تأخذني أصابعي" (As Far As My Fingertips Take Me) بالتعاون مع تانيا الخوري، الحائز على جائزة الإنتاج المتميز في حفل توزيع جوائز بيسي في عام 2019. وقد عُرضت أعماله في أكثر من 40 فعالية ومهرجاناً.

المساهمون