- القصة تركز على سو إن، التي تتعرض لغزو طفيلي لا يستطيع السيطرة عليها بالكامل، مما يضعها في موقف معقد بين عالم الطفيليات ووحدة غري، معتمدة على الغرافيك والأداء التمثيلي.
- النسخة الحية تواجه تحديات في الحفاظ على جودة السيناريو وتقديم شخصيات معمقة، لكنها تنجح في نقل العالم الخاص بالمانغا إلى نسخة حية مستقلة، مع إمكانية لموسم ثانٍ.
أصدرت منصة نتفليكس، أخيراً، النسخة الحية من مانغا "الطفيلي" Parasyte، التي يعرفها الجمهور من نسخة الأنمي التي ظهرت عام 2014 وحازت نجاحاً كبيراً. اليوم، وبعد عشرة أعوام من ظهور الأنمي، يعود اسم "الطفيليات" للظهور بنسخة حية كورية من إخراج يون سانغ-هو، الذي قدم فيلم "ترين تو بوسان"Train to Busan.
"الطفيليات: وحدة غري" Parasyte: The Grey، ليس إعادة للقصة التي يعرفها الجمهور بالفعل، وإنما حكاية أصلية تدور أحداثها في نفس وقت الأحداث التي دارت في اليابان (في المانغا والأنمي)، إنما في كوريا. عندما تغزو طفيليات غريبة العالم عبر دخولها لأجساد البشر والحلول بدل أدمغتهم، ومن ثمة تبدأ بقتل البشر الآخرين والتغذي عليهم. لكن هذه الكائنات ولدت من مصدر غير معروف، ولديها غريزة واحدة وهي قتل البشر.
تبدأ القصة مع تعرض البطلة سو إن إلى محاولة قتل. وعندما توشك على الموت، يغزوها الطفيلي الذي يعجز عن السيطرة عليها بالكامل بسبب الجروح في جسدها، ليعيش تشاركياً في جسدها كما حدث مع بطل المانغا. وبهذا، تتورط بين عالمي الطفيليات الذين يجدونها والطفيلي الخاص بها، وبين وحدة غراي؛ الفريق المتخصص والمكلف بمهمة القضاء على الطفيليات.
في الحلقة الأولى، نتعرف على كل الخيوط الرئيسية للحبكة، الحلقة نفسها التي من شأنها جعل المشاهدين يتقبلون نسخة حية من مانغا وأنمي. لذا، كان كل الجهد الفني محصوراً فيها وإن لم يكن له داعٍ. فبدلاً من أن نعرف أكثر عن الطفيليات مثلاً، نشاهد القاتل الذي لاحق سو إن في غرفته قبل لقائه بها يتحدث مع أشخاص على الإنترنت يتحدونه لارتكاب جريمة قتل، وهو مشهد بدا قادماً من أفلام رعب الويب ولا وظيفة له. وحتى لحظة موت القاتل، لا نعود لنرى أجواء مشابهة، وكأنه مشهد تزييني فقط يساهم في خلق رعب تشويقي.
تقدم الحلقة كل أسلحة الإثارة الممكنة، جنباً إلى جنب مع الغرافيك الممتاز الذي جعل الكائنات الغريبة والمألوفة في آن بسبب أنمي، تبدو مقبولة في عالم حقيقي. بكل هذا، يتقبل المشاهد عملاً مقتبساً عن مانغا وأنمي بنسخة حية، إذ غالباً ما تفشل هذه النسخ، حيث لم تنجح إلا مع "ون بيس" One Piece. ويمكن القول إن "الطفيليات: وحدة غري" سيلحق بركب النسخ الحية الناجحة عن مانغا وأنمي.
العالم المبني بمنطقية والأداء التمثيلي المناسب والغرافيك وانطلاقة الحلقة الأولى، كلها عناصر ساهمت في جعل المسلسل مستقلاً، وليس مجرد نسخة مبتذلة تكرر قصة سابقة، إلا أن عيوب العمل كانت في النص نفسه.
من البداية نعرف ما حدث مع البطلة، وكيف وصل فريق غري إلى جثة طفيلي، وكيف يمكن للطفيلي داخل سو إن التواصل معها، الأمر الذي من شأنه التقاط اهتمام المعجبين الذين يعرفون العالم الخاص بالقصة الأصلية، وليسوا بحاجة لتضييع وقتهم في الكشف عن ماهية الطفيليات وكيف قد تتطور. بدلاً من ذلك، نكتشف الأحداث السابقة في مشاهد متفرقة موزعة على الحلقات اللاحقة.
أما في حال التوجه إلى جمهور جديد، لا يمتلك أدنى فكرة عن القصة الأصلية، سيكون من الصعب التنبؤ بقبول دوافع الشخصيات السطحية، ووصول الطفيليات لهذه المرحلة في الحلقات الثلاث الأولى. وفي هذه الحالة، لا بدّ أن العمل عوّل على التشويق البوليسي والإثارة لدفع المشاهدين إلى إكمال المسلسل المكون من ست حلقات، ومعرفة كيف حدث كل هذا. ومع مشاهد فلاش باك من شأنها عرض دوافع الشخصيات، لكن بقيت بعض الشخصيات سطحية لا تتفاعل عاطفياً كما ينبغي مع ما يحدث حولها، وخصوصاً أننا نرى بشراً مقابل كائنات ذكية أخرى.
الشخصية الأضعف كانت الشرطي الخائن الذي اشتغل عميلاً للطفيليات لسببين: الأول ذكره لزميله؛ وهو البحث عن فرصة أفضل من عمل الشرطة الذي لا يدفع فواتير التعليم، والثاني الذي نعرفه لاحقاً وهو تعرضه إلى التهديد. مع ذلك، يبدو أن التهديد لم يكن السبب المهم؛ إذ سنحت له الفرصة للقضاء على مصادر التهديد بإبلاغ الفريق المتخصص.
الدوافع البسيطة المطلقة والشخصيات السطحية، جاءت نتيجة لمحاولة العمل تقديم رسائل تعليمية ومفارقات حول طريقة عيش البشر وطبيعتهم بشكل غير موفق، على الأقل ليس عندما تقدمها شخصية حية على العكس من الشخصيات المرسومة في الأنمي التي تحتمل خطابات مباشرة أكثر بسبب الفئة العمرية الموجهة إليها تاريخياً على الأقل.
ويبدو أن صناع العمل لم يملكوا خياراً، إذ تفترض الأعمال التي تقدم تطوراً لحيوانات ما، أو دخول كائنات غريبة، وهي الطفيليات في حالة المسلسل، تقديم مفارقات أسلوب حياة الضحايا، وهم البشر العاقلون الذين يتميزون بالعواطف، مقابل الكائنات الدخيلة التي امتلكت وعياً وغريزة من دون عاطفة، لتظهر المفارقات أن البشر أكثر وحشية. ومن وحشية البشر تتعلم الكائنات الدخيلة أساليب أقسى.
وضع المسلسل كثيراً من القضايا في ست ساعات باستخدام المفارقات، مثل خيانة البشري العاطفي الواعي مقابل خيانة الطفيلي الغريزي، وقضية الأجور المنخفضة، وتقديم المناسبات العامة على سلامة المواطنين. وبالطبع، أقحم قضية البيئة في مقدمة المسلسل من دون أن يعود إلى استخدامها لاحقاً، وذلك مستوحى من الأنمي الذي قدم نهاية تقول إن السموم التي يخلفها البشر كفيلة بالقضاء على الحياة.
الرسائل الكثيرة كانت مقحمة على أجواء الرعب والإثارة في العمل، ومحاولة لتقديم مواعظ غير متناسبة مع الشخصيات ذات البعد الواحد والأجواء الحركية السريعة.
تتراجع جودة الحلقات الأربع الأخيرة مقابل الحلقتين الأولى والثانية بسبب السيناريو، لكن العمل بالعموم تمكن من نقل العالم الخاص بالمانغا إلى نسخة حية من دون التطفل على الحكاية الأصلية، ويعلن في المشهد الأخير أن هذه الأحداث حصلت بالتوازي مع ما حدث في اليابان، عندما يظهر بطل المانغا والأنمي شينتشي في مكتب فرقة غري، وفي الوقت نفسه يقدم المشهد فرصة للحصول على موسمٍ ثان.