الشموع... فنّ لا يذوب

21 ابريل 2014
+ الخط -
انقلبت حرفة الشمع على تقليدها. لم تعد الشمعة عابرة تنيرعتمة المنازل، بل تحوّلت على يدي يوسف دندن، ونجله غسان، إلى تحفة فنية غاية في الإتقان والدقّة.
فقد قاربت صناعة الشمع اليوم، عالم النحت لتكون فنّاً مبهراً. إذ تماشت الحرفة مع التطوّر وتعولمت خوفاً من أن تندثر. في "معمل الشموع الحديث" بالصالحية، شرق مدينة صيدا اللبنانية حكاية 25 عاماً مع الشموع يرويها الأب يوسف دندن، ونجله غسان.
بات يرتبط الشمع في حياتنا لمناسبات سعيدة عاطفية وعائلية وبأعياد عدّة، أبرزها أعياد الفصح التي نواكبها اليوم، نوقد خلالها الشموع أو نزيّن بها المنازل... صارت حاجتنا الى الشمع مرتبطة بالتزيين والاحتفال، لذا لا بدّ أن نقدّر من يصنع هذه الشموع بلمسة فنية ودقّة حرفية، كما يفعل يوسف، وغسان.
يواظب الأب وابنه على صناعة الشمع، في حرفة عمرها ربع قرن من الزمن في عائلتهم. انقلبت خلال السنوات معايير تلك الحرفة، دخلت الألوان والأحجام المختلفة، وباتت صناعة الشمع فنّا وليست "حاجة".
يمضي الأب دندن، وقتاً طويلاً من يومه داخل مصنعه، في ابتكار شموع تناسب جميع الأعمار والمناسبات "خلال الحروب في لبنان، وأثناء التهجير، وبسبب الحاجة إلى تأمين الشموع مع إقفال الطرق وانعدام التواصل بين المناطق، جمعت بقايا الشموع داخل الكنائس وأعدت تذويبها وتصنيعها لتأمين ما نحتاج إليه".
ويكمل دندن، الشغوف بعمله الفنيّ، مدافعاً عن شموعه التي تنافسها شموع بخسة الثمن آتية من المعامل الصينية: شموعنا أجمل من تلك الآتية من الصين. نحن نصنع أشكالاً نادرة بالحفر اليدوي، وهذا يتطلّب وقتاً وجهداً كبيرين.


سافر دندن، لرؤية مصانع شموع بين ألمانيا وكندا وإيطاليا لمعرفة كل جديد عن عالمها: "سألت نفسي: لماذا لا يكون في لبنان مثلها، بل أجمل منها، خصوصا أنّها تتوافق مع الأبحاث اللاهوتية.. فهي نور". ويجيب هو عن السؤال بطريقة حزينة لاحظاً المعوقات الكثيرة التي تعترضه وأبرزها ارتفاع أسعار المواد.  
أخذ الابن غسان (30 عاماً) الحرفة النادرة عن أبيه، عنها يقول "للعربي الجديد": الحفر يحتاج أحيانا إلى أيام، قد يحتاج إلى يوم كامل أو ساعات وفق حجم القطعة التي ننوي تشكليها، لأنّه عمل يحتاج إلى تأنٍّ ودقّة وتناسق ليبدو جميلا.
ويضيف: إدخال الفنّ الراقي إلى عملنا هو ما حافظ على المهنة وضمن استمرارها بوجه الانقراض الذي يطيح بالحرف القديمة وأمام تقنيات الإضاءة الشديدة التطوّر.
يبقى أنّ أسعار هذه الشموع تتراوح تبعاً لأحجامها وأشكالها، من ألف ليرة لبنانية (0.66 دولار أميركي) كحدّ أدنى للشمعة العادية، إلى 10 آلاف ليرة (6 دولارات ونصف الدولار تقريباً) وصولاً إلى 25 ألف ليرة (17 دولاراً تقريباً)، وقد تصل أحياناً إلى أكثر من ذلك إذا كانت بناء على طلب مسبق، وإذا تضمّنت رسوماً أو نقوشاً أو زينة معيّنة.
 
دلالات
المساهمون