الشرطة الدنماركية تعزّز دورياتها الرقمية

11 سبتمبر 2022
محاولات لحماية القاصرين من الجرائم الإلكترونية والابتزاز (شون غالوب/Getty)
+ الخط -

قد يبدو غريباً مشهد ضباط شرطة يتجولون افتراضياً في دوريات على منصتي تيك توك وتويتش وبرامج لألعاب إلكترونية حيث ملتقى المراهقين. لكنّ الأمر لم يعد بهذه الغرابة في الدنمارك، بل باتت بعض محطات الشرطة تضم غرفاً تضيء بضوء مماثل لما بين صغار السنّ الذين يمارسون ألعاب الفيديو.

ستائر تعتيم مكتب ضباط الألعاب الإلكترونية تعطي أجواء ليلية في عز النهار. الأضواء تسطع من شاشات الكومبيوتر ولوحات المفاتيح، ثم تبدأ اللعبة التي يشارك فيها الضباط الشباب مع اليافعين. هم يجيدونها بالتأكيد، ومهمتهم البقاء متيقظين لتصيد دخلاء ومجرمين يحاولون استغلال هذه المنصات لمآرب جنائية.

لكن، لمَ تنفق الدولة الدنماركية أموال دافعي الضرائب ليلعب بعض المنتسبين إلى شرطتها عبر الإنترنت مع الصغار والمراهقين؟ تتبع ما يجري على الشبكة سيكشف بعض الأجوبة. فُعّل دور "دورية الشرطة على الإنترنت" بين القاصرين بعد نحو عام من تبني أغلبية برلمانية في كوبنهاغن إنشاء ما يسمى "الدوريات الرقمية" Police Online Patrol. الأمر لا علاقة له بالرقابة الإلكترونية على ما ينشره المواطنون، ولا بمكافحة التطرف، سواء اليميني أو غيره، بل بدوريات تجعل من التقاء الشباب آمناً، بعد العديد من القضايا التي سجل فيها انتهاك لخصوصيات البعض وتنمر على آخرين. ببساطة، وجدت أغلبية الأحزاب عام 2021 أنّ الحلّ يتمثل "في أن تقوم الشرطة بدوريات واضحة ومرئية في مجموعات مفتوحة على وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت لمنع الجريمة".

في إبريل/نيسان الماضي انطلقت أولى الدوريات، لكن بدل أصوات سياراتها المزعجة والأضواء الزرقاء، تحولت إلى مكاتب أشبه بغرف المراهقين، بنوافذ معتمة وإضاءات متطابقة مع عالم "غيمر". بدأت الدوريات بداية في عالم "فيسبوك"، ثم توسعت إلى "إنستغرام" و"تيك توك"، بينما بقي مجتمع منصات اللاعبين الهدف الأبرز، إلى جانب منتديات الدردشة مثل ديسكورد وموقع البث المباشر تويتش. سرعان ما تقبل اليافعون هذه الدوريات، وخصوصاً أن الضباط الشباب يتصرفون بطريقة قريبة لتصرفاتهم، ويعلنون عن هوياتهم عبر منصاتهم وهم باللباس الرسمي. ويكشف تصفح أنشطة الشرطة على الإنترنت، خلال الأشهر الماضية، كيف أن اليافعين على "فيسبوك" باتوا يلاحظون بالفعل وجود هؤلاء على المنصة، بينما يتابع الضباط عبر "تويتش" نحو 4500 يافع، وعلى "تيك توك" لديهم 14 ألف و500 متابع. وإجمالاً، بات نحو 56 ألف شخص يتابعون دوريات الشرطة، وشوهدت مقاطعها نحو 9.5 ملايين مرة.

في تصريحات لصحيفة بوليتيكن، ذكرت مسؤولة الدورية الرقمية في الشرطة، سيسه بيربيك، أن الهدف من كل ذلك هو "إقامة تواصل مع الأطفال والشباب على المنصات أينما كانوا. نحن نرتدي ملابسنا الرسمية، ليعرفوا أنه بإمكانهم التواصل معنا إذا واجهوا مزعجاً أو مجرماً، أو حادثاً يلفت الانتباه". تشبّه الشرطة، التي خصص لها 10 ضباط في مباني شرطة غلوستروب، جنوب العاصمة كوبنهاغن، عملها في الفضاء الإلكتروني بعملها بين الشباب واليافعين في أندية كرة القدم في المجتمعات المحلية، أو أثناء سيرها في الشارع.

تتعاون الدوريات الإلكترونية مع مركز الجريمة الوطني التابع للشرطة الدنماركية، ويستند عملها إلى مفهوم الوقاية ومنع الجرائم والتحقيق فيها، من دون أن تغفل التعاون الوثيق مع سلطات الخدمات الاجتماعية في البلديات، إذ تجعل ارتكاب الجرائم على شبكة الإنترنت أكثر صعوبة، من خلال برامج مشتركة مع تلك السلطات وإشراك الأهالي في الحلول.

في كلّ الأحوال، يبدو أن تكثف استخدام الإنترنت في الدنمارك (نحو 6 ملايين نسمة)، بواقع 90 في المائة من سكانها فوق 12 سنة، وفق أرقام نشرتها الوكالة الدنماركية للثقافة، نبّه سلطاتها إلى الشكاوى والتقارير المتعلقة بانتهاك خصوصية من هم دون الثامنة عشرة تحديداً.

ووفقاً لتقرير نشرته منظمة أنقذوا الأطفال، فإن نحو 42 في المائة من مستخدمي الوسائط الرقمية والألعاب من الأطفال واليافعين قد تعرضوا لانتهاك رقمي واحد أو أكثر خلال 2021. ومن بين الانتهاكات، تلقي صور أو مقاطع جنسية وتهديدات والتعرض للابتزاز.

وكانت الشرطة الدنماركية استغلت تواجد ضباطها على "تيك توك" بعيد الهجوم على مركز تسوق فيلدز قرب كوبنهاغن، في يوليو/تموز الماضي، لبث مقاطع تابعها عشرات آلاف القاصرين، لمواجهة الأخبار الزائفة. وقد واجه الأمن السيبراني في كوبنهاغن مشكلة استغلال بعض المحتالين حادثة إطلاق النار لإفراغ جيوب هؤلاء القاصرين بحجة "التبرع".

المساهمون