حاولت تركيا التأقلم مع التبدلات التي فرضها فيروس كورونا من أجل تقليل الخسائر المترتبة على قطاع السياحة آنياً، ووضع استراتيجية بعيدة المدى، خصوصًا أنّ السياحة، إلى جانب الصادرات، تُعتبَر ركنًا أساسيًا من أركان الاقتصاد التركي. وتحلم تركيا بدخول نادي العشرة الكبار خلال مئوية تأسيس الجمهورية عام 2023، إذ يجب أن تجذب البلاد، وفق ما هو مخطط، 75 مليون سائح بعائدات تتعدى 65 مليار دولار.
ورغم تراجع السياحة بسبب كورونا، نرى استمرارًا للترويج وتأهيل البنى التحتيَّة في تركيا. وافتتحت أنقرة 3 متاحف تاريخيّة في ولايات تونج إيلي وقونية وبورصة، بعد الانتهاء من ترميمها وصيانتها. ليبقى السؤال التالي بحاجة إلى إجابة: هل حظيت السياحة التركية، والمتاحف على وجه الخصوص، بإقبالٍ افتراضي ومتابعة عبر الشاشات الرقميَّة، بعد استحالة الزيارات الفيزيائية؟ الإجابة جاءت عبر تقرير وزارة السياحة والثقافة التركية، إذ أشار التقرير إلى أن التجول في المتاحف والمواقع الأثرية وزيارتها عبر البيئة الافتراضية، سجلا عام 2020 أكثر من 11 مليون زيارة لهذه المواقع، وحصلت قمة غوبكلي تبه الأثرية على المركز الأول من حيث عدد الزوار. وتغيرت العادات المتعارف عليها للسفر والسياحة في كلّ أنحاء العالم. كما اضطر الجميع لتغيير الكثير من العادات بسبب تفشي وباء كورونا، الذي يتطلب قضاء معظم الأيام في المنزل. لذلك عمدت وزارة السياحة والثقافة إلى نقل المتاحف والأماكن الأثرية إلى البيئة الافتراضية، والتي جذبت بدورها اهتماماً كبيراً من كافة أنحاء العالم منذ الإغلاق الواقعي والافتتاح الافتراضي في آذار/مارس العام الماضي.
التجول في المتاحف والمواقع الأثرية وزيارتها عبر البيئة الافتراضية، سجلا عام 2020 أكثر من 11 مليون زيارة
ويشير الدليل السياحي كريم البوشي إلى أن "خسائر تركيا السياحية هذا العام كبيرة ولا يمكن أن تُقدَّر"، لأنها كانت تعول على 57 مليون سائح، لكن وباء كورونا شلّ هذا القطاع. وتراجعت نسبة الحجز في الفنادق لأكثر من 90%، ولم تشهد المعالم الأثريّة الإقبال المأمول "عدا بعض المواقع والمعالم مثل كبادوكيا وولاية أنطاليا على سبيل المثال". ويضيف البوشي من شركة "جاكوار" السياحية، لـ"العربي الجديد"، أن تركيا أغلقت الأسواق والمعالم، وتراجع الإقبال منذ 19 مارس العام الماضي بشكل كبير. وما كادت تعود حركة السياح، حتى عادت الموجة الثانية لكورونا، وأوقفت الموسم السياحي في ذروته. وهذه الأسباب، برأي المتخصص البوشي، دفعت وزارة السياحة والثقافة إلى الاستفادة من التكنولوجيا بفتح موقع ثلاثي الأبعاد خاص لها على الإنترنت، وذلك لتحافظ على إرثها الثقافي، وليستمتع برؤيتها كل من يرغب بذلك.
توقع رئيس جمعية السياحة الصحية في تركيا، سيرفيت تيرزيلر، أن يصل معدل نمو السياحة الصحية في تركيا إلى مستوى قياسي في عام 2021
وسجلت الزيارات للمتاحف والمواقع الأثرية، إثر افتتاح الزيارات الافتراضية منذ مارس إلى 15 ديسمبر/ كانون الأوّل العام الماضي، 11 مليونًا و400 ألف زيارة. وكانت قمة غوبكلي تبه من المواقع الأكثر زيارة، والتي وصفت بأنها نقطة الصفر في التاريخ. كما تم إدراجها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2018، وقد سجلت حوالي 3 ملايين و383 ألفًا و985 زيارة في البيئة الافتراضية. وبحسب تقارير تركية رسمية، حل في المركز الثاني بالزيارات الافتراضية مبنى البرلمان الأول الذي قام مصطفى كمال أتاتورك بالتخطيط والتنفيذ لحرب الاستقلال فيه مع رفقائه، إذ زاره مليون و869 ألفًا و319 زائرًا. وجاء في المركز الثالث الموقع الأثري أفس، الذي تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي العالمي، بتسجيله مليونًا و350 ألفًا و742 زيارة، ليحل متحف طروادة في المرتبة الرابعة بالزيارات بتسجيله مليونًا و147 ألف زيارة، تلاه متحف حضارات الأناضول بتسجيله مليونًا و31 ألفًا و447 زيارة.
استفادت وزارة السياحة والثقافة من التكنولوجيا بفتح موقع ثلاثي الأبعاد خاص لها على الإنترنت
وتوقع رئيس جمعية السياحة الصحية في تركيا سيرفيت تيرزيلر أن يصل معدل نمو السياحة الصحية في تركيا إلى مستوى قياسي في عام 2021، بعد برنامج تلقيح شامل ناجح ضد فيروس كورونا. ويقول تيرزيلر، خلال تصريحات، إن حجم مبيعات السياحة الصحية في تركيا قد يصل إلى مستوى قياسي بحلول النصف الثاني من هذا العام، بعد جدول التطعيمات الناجح، معلناً عن وصول الدفعة الأولى المكونة من 3 ملايين جرعة من لقاح "سينوفاك" الصيني إلى العاصمة التركية أنقرة في 30 ديسمبر/كانون الأول 2020.