لم تعد أسراب الروبوتات ذات القدرة على قتل البشر مجرد خيال علمي. أنظمة الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل باتت جزءاً من واقع الحروب اليوم، وأنواع الذكاء الاصطناعي كذلك.
في حرب أوكرانيا، انتشرت أخبار أن موسكو نشرت ذخيرة كلاشينكوف ZALA Aero KUB-BLA التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، بينما استخدمت كييف طائرات تركية الصنع من طراز "بيرقدار تي بي 2" تتمتع ببعض القدرات الذكية الذاتية.
وعلى عكس الطائرات التقليدية من دون طيار، تتمتع هذه الأنظمة بالقدرة على التنقل بمفردها، ويمكن لبعضها تحديد الأهداف.
وأوردت صحيفة "فورين بوليسي" أن إسرائيل وروسيا وكوريا الجنوبية وتركيا على الأقل قد نشرت أسلحة ذات قدرات ذاتية، وتستثمر أستراليا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة بكثافة في تطوير أنظمة الأسلحة الفتاكة الذكية.
أوكرانيا وروسيا تستخدمان الذكاء الاصطناعي
وتستخدم أوكرانيا الطائرة من دون طيار "
تي بي 2" تركية الصنع، والتي يمكن أن تقلع وتهبط وتحلق بشكل مستقل، على الرغم من أنها لا تزال تعتمد على عامل بشري لتقرير موعد إسقاط القنابل.
وفي الوقت نفسه، تمتلك روسيا طائرة من دون طيار من طراز "كاميكاز" مع بعض القدرات المستقلة تسمى Lantset، والتي يقال إنها استخدمتها في سورية، ويمكن استخدامها في أوكرانيا.
وLantset مصممة لمهاجمة الدبابات أو خطوط المركبات أو تجمعات القوات. بمجرد إطلاقها، فإنها تدور حول منطقة جغرافية محددة مسبقاً حتى اكتشاف الهدف، ثم تصطدم به وتفجر الرأس الحربي الذي تحمله.
وجعلت روسيا من الذكاء الاصطناعي أولوية استراتيجية. إذ قال فلاديمير بوتين في عام 2017 إن كل من يصبح قائداً في الذكاء الاصطناعي "يصبح حاكم العالم".
تعاون ممكن بين الصين وروسيا
مع ذلك، أجرى باحثون في مركز التحليلات البحرية، الذي تموله الحكومة الأميركية، تقييماً خلُص إلى أن روسيا تتخلف عن الولايات المتحدة والصين في تطوير الذكاء الاصطناعي في القدرات الدفاعية.
وفي مقابلة مع "بوليتيكو"، قال أحد مؤلفي الدراسة، صمويل بينديت، إن روسيا ستستخدم بالتأكيد الذكاء الاصطناعي في أوكرانيا للمساعدة في تحليل بيانات ساحة المعركة، بما في ذلك لقطات المراقبة من الطائرات من دون طيار.
وقال أيضاً إنه من الممكن أن تزود الصين روسيا بأسلحة أكثر تقدماً تعتمد الذكاء الاصطناعي لاستخدامها في أوكرانيا، مقابل الحصول على بيانات حول كيفية دمج روسيا الطائرات من دون طيار بشكل فعّال في العمليات القتالية.
استخدامات غير قتالية للذكاء الاصطناعي في حرب أوكرانيا
وقد يلعب الذكاء الاصطناعي أيضاً دوراً حيوياً في حرب المعلومات. ويخشى مراقبون غربيون من أن تقنيات مثل التلاعب المعمق (مقاطع فيديو مزيفة واقعية للغاية جرى إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي) ستزيد من حدة حملات التضليل الروسية، على الرغم من عدم وجود دليل حتى الآن على استخدامها.
ويمكن أيضاً استخدام التعلم الآلي للمساعدة في الكشف عن المعلومات المضللة. وتقوم منصات الوسائط الاجتماعية الكبيرة بالفعل بنشر هذه الأنظمة، على الرغم من أن سجلها في تحديد المعلومات المضللة وإزالتها بدقة لا يزال أقل من المطلوب.
واقترح خبراء أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تحليل الكم الهائل من المعلومات الاستخبارية مفتوحة المصدر، القادمة من أوكرانيا من مقاطع تيك توك ومنشورات تلغرام، لتشكيلات القوات والهجمات، التي جرى تحميلها من قبل الأوكرانيين العاديين.
وهذا يمكن أن يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالتحقق من صحة الادعاءات التي قدمها طرفا الحرب، وكذلك توثيق الفظائع وانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة. وقد يكون هذا أمراً حيوياً لمحاكمات جرائم الحرب في المستقبل.
أين الباحثون من استخدام تقنياتهم في الحروب؟
إلى ذلك، وصف موقع "فورتشن" نقاش الباحثين البارزين في مجال الذكاء الاصطناعي بأنه "ساذج" عندما يتعلق باستخدام تكنولوجياهم في الحروب، وبـ"المنفصل عن حقائق السياسة الدولية والحرب والسلام".
ويقول الموقع إن هذا الانفصال من جانب الباحثين عن الواقع "مقلق"، حيث إنه "إذا لم يتمكن هؤلاء المطورون من فهم الآثار المترتبة على ما يبنونه وكيف يمكن استخدامه، فإننا جميعاً في خطر".
ويتابع أن الفيزيائيين العاملين في مجال الطاقة النووية فهموا على الفور تداعيات ما كانوا يصنعونه، وكانوا في طليعة الجهود المبذولة للتحكم في الأسلحة الذرية، حتى لو كانوا مفرطين في التفاؤل بشأن احتمالات السيطرة الدولية.
لكن، بحسب موقع "فورتشن"، يبدو أن عدداً كبيراً جداً من علماء الكمبيوتر اليوم "عميان عن عمد" بشأن الأبعاد السياسية والعسكرية لعملهم، ومستعدون جداً لترك المهمة الصعبة المتمثلة في معرفة كيفية إدارة الذكاء الاصطناعي للآخرين. وربما تكون هذه الحرب جرس إنذار لهم أيضاً.