"الدم الحرام": الأثير الفلسطيني يتصدى لجرائم القتل

13 يناير 2021
تستمر الحملة شهراً كاملاً (Getty)
+ الخط -

في وقت واحد، وعبر أثير إذاعة "القرآن الكريم" التي تبث من مدينة نابلس شماليّ الضفة الغربية، ونحو خمسة وعشرين إذاعة ومنصة عبر "فيسبوك" في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، صدح صوت المنشدان فراس وأشرف طه، إيذاناً بانطلاق "#حملة_الدم_الحرام" الرامية إلى التوعية على مخاطر جرائم القتل، التي تصاعدت بشكل متسارع في المجتمع الفلسطيني، أخيراً. وردد المنشدان: "يا من تستهتر بدماها تلك النفس حرام، نفسك باريها زكاها بدوام الإكرام، اسمع واصغ قد قلناها بعريض الأقلام، هي حملتنا اسميناها (الدم الحرام)".

يقول رئيس تحرير إذاعة القران الكريم أسامة ملحس لـ"العربي الجديد": "انطلقت الحملة يوم العاشر من يناير/ كانون الثاني الجاري، ولك أن تتخيل أننا فقدنا عشرة أرواح من أبناء شعبنا في أول عشرة أيام فقط منذ بداية العام الجديد، هذا فظيع جداً، وغير مسبوق، إنه نزف مؤلم ومروع، ولا يمكننا في إذاعة القرآن الكريم التي تهدف أصلاً إلى تعزز القيم والمبادئ الدينية والشرعية والأخلاقية إلا أن نعلنها صرخة قهر، كفى للقتل".

الحملة التي تستمر شهراً كاملاً، وُظِّفَت كل برامج الإذاعة، سواء المسجلة أو المباشرة لصالحها، إضافة إلى بث أناشيد و"سبوتات" إذاعية توعوية وتحذيرية من الوقوع في "الدم الحرام". أما البرنامج الرئيسي، فسيكون مرتين أسبوعياً، وكل حلقة ستتناول محوراً معيناً، إذ يشير ملحس إلى أن متابعي الإذاعة سيستمعون إلى مقابلات ومداخلات من أشخاص لم يعهدوا خروجهم على أثير إذاعة القرآن.

الحملة تركّز على انتشار جرائم القتل في فلسطين المحتلة وتستمر شهراً كاملاً

وسعياً للتكامل بين الإعلام المرئي والمسموع، توافقت إذاعة القرآن الكريم مع تلفزيون "المدينة" التفاعلي، بصفته الشريك الإعلامي، على إنتاج الترويجات المصورة والمادة المرئية الخاصة بالحملة، وتحديداً الميدانية القائمة على إجراء مقابلات مع المواطنين في الشارع حول تفشي ظاهرة القتل، حيث ستُبَث تلك المواد المصورة عبر صفحة "فيسبوك" و"يوتيوب" للإذاعة والتلفزيون والصفحات الشريكة على مستوى الوطن، وفق ملحس.

ويتابع ملحس: "لن نكتفي بالدعاة والمشايخ، بل سيكون معنا مختصون في المجال الأمني، وكذلك من علماء النفس والاجتماع، ورجال العشائر ولجان الإصلاح، وسنعمل للوصول إلى العائلات الثكلى لنسمع عن معاناتها، وكذلك لمن ارتكبوا جرائم قتل، ليكونوا عبرة لغيرهم قبل الوقوع في المحظور".

الحملة ستركز أيضاً على انتشار جرائم القتل في فلسطين المحتلة، حيث فاق عدد القتلى هناك الـ 143 قتيلاً عام 2020، وخمسة منذ بدء العام الجديد، وفي الشأن يقول ملحس: "نحن لا نفرق بين الضفة الغربية وقطاع غزة أو الداخل المحتل عام 1948، هذه كلها فلسطين، لكننا نستشعر خطورة ما يجري هناك، في ظل تقاعس شرطة الاحتلال الإسرائيلي عن القيام بدورها، كذلك فإن الإذاعة ستركز على جرائم قتل النساء، وتحديداً تلك التي تقع بـ (داعي الشرف، وأيضاً القتل على خلفية الثأر)".

ولمحاولة الوصول إلى أوسع شريحة من المواطنين على اختلاف أماكن وجودهم، عرضت الإذاعة على الجسم الصحافي والإعلامي دعم الحملة والترويج لها، بصفتها حملة وطنية وليست خاصة، إذ إنها تحمل "همّاً عاماً" يشترك فيه الجميع. ويقول ملحس: "هذا الملف الشائك مسؤولية جماعية، وإدراكاً منّا لأهمية الإعلام، وخاصة الإعلام الاجتماعي بكل تفرعاته، فقد توصلنا مع الإذاعات المحلية ومع مسؤولي صفحات الفيسبوك العامة، ولاقينا تجاوباً فورياً منهم، إذ اشترك نحو خمس وعشرين إذاعة محلية وصفحة فيسبوك في نقل الحلقة الأولى من برنامج (الدم الحرام)، التي وصلت إلى نحو 600 ألف متابع، وحظيت بأكثر من 300 مشاركة (شير)، ونتوقع أن يتضاعف أعداد وسائل الإعلام المشاركة في حملة خلال الأيام القليلة القادمة".

ويرى الصحافي محمد أنور منى، رئيس تحرير راديو "هوا نابلس"، أن الإعلام بات اليوم على المحك تجاه هذا الانحدار القيمي الذي يعاني منه المجتمع الفلسطيني، وعليه واجب كبير في وقفه أو إبطائه على الأقل. ويتابع منى في حديث لـ"العربي الجديد": "استشعاراً بخطر هذه المرحلة، تشاركنا في بث حملة (الدم الحرام) على الهواء مباشر، وعبر صفحتنا على "فيسبوك"، فهذا ما تحتمه علينا المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقناً، ونحن نعول على الحملة - وعلى إذاعة القرآن أيضاً التي لها جمهور واسع في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948- لتعزيز الوازع الديني لدى أفراد المجتمع، لما له من أهمية كبرى في وقف جرائم القتل، وكذلك في إعادة هيبة القانون والضغط على المشرعين لتعديل قانون العقوبات الذي يعتبره البعض متساهلاً في هذا المجال".

المساهمون