عام 2014، عانى المسرح المصري كساداً امتدّ أعواماً عدّة لاحقة، فابتكر الممثل أشرف عبد الباقي شكلاً جديداً للعمل المسرحي، تمثّل بمسرحيات قصيرة مُصوّرة في حلقاتٍ، تُعرض مباشرةً على التلفزيون. حمل المشروع اسم "تياترو مصر"، ثم "مسرح مصر"، وحقّق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، خصوصاً الأطفال والمراهقين. أبرز أثر لهذا النجاح كامنٌ في أنّ جيلاً جديداً من الـ"كوميديانات" اشتهر بفضل المشروع، وأصبح عنصراً حاضراً في السينما والتلفزيون المصريين. من هذا الجيل، ظهر علي ربيع ومحمد عبد الرحمن. رغم أنّ مشروع "مسرح مصر" بدأ مبتَكَراً، وأتاح فرصاً لوجوه جديدة عدّة، ظهرت مع الوقت مساوئ لا تُصلَّح ولا تتطوّر، أهمّها الكوميديا الفَجّة للغاية، القائمة على السخرية من النساء والسُمنة واللون، ومن كل ما يُخالِف مفهوم "الصواب" في العصر الحالي. الأسوأ أنّها كوميديا مُكرّرة، تعتمد تأدية الممثل للشخصية نفسها دائماً، ظنّاً من صانعي تلك "الكوميديا" أنّ الارتجال والظهور بالشخصية نفسها، التي أحبّها الجمهور، يجعلهم غير محتاجين إلى سيناريو أو قصّة أو مخرج، أو أي شيء. وانتقل هذا بعد ذلك إلى أعمالهم كلّها، أيّاً كان الوسيط.
فيلم "الخطة العايمة" (2020)، لمعتز التوني، ثاني بطولة مشتركة بين علي ربيع ومحمد عبد الرحمن، بعد "خير وبركة" (2017)، لسامح عبد العزيز، لكن من دون أيّ استفادة من مشاكل التجربة السابقة، رغم أنّ للفيلم فكرةً شبه مُبتكرة، عن رجل أعمال ودولة (صلاح عبد الله)، يرغب في سرقة أوراق خطرة من خزانة مصرف. وبسبب ما في الأوراق من معلومات سرّية، يُقرّر ـ بمساعدة موظّف (عمرو عبد الجليل) ـ الاعتماد على مكفوفين اثنين (ربيع وعبد الرحمن)، والاستعانة بفتاة تُدعى ياسمين (غادة عادل) لتدريبهم جميعاً على الحركة والسرقة. الفكرة شبه مُبتكرة، لاقتباسها أو استلهامها أو "سرقتها" بحسب التعبير الملائم، من الفيلم الهندي Aankhen، الذي أخرجه فيبول أمرُتْلال شاه عام 2002 (تمثيل أميتاب باتشان). لكن الفرق الحقيقي أنّ العمل الهندي دراما وإثارة، وفيه عملية جادة لسرقة مصرف، بينما استخدمها المؤلّفان المصريان كريم سامي وأحمد عبد الوهاب لصنع عمل كوميدي. هذا يبدو ذكياً لوهلة أولى، ويمكن أن يُنتج كوميديا من حالات مختلفة وغير معتادة. لكن، كالعادة، انتصرت كوميديا "مسرح مصر"، وأفسدت أي محاولة ابتكار مُحتَمَلة.
بعيداً عن ضعف منطق الأحداث، وعدم وجود مبرّرات حقيقية لتحوّلات الحكاية، وهذا ربما يكون مقبولاً في عملٍ كوميدي يهدف أساساً إلى الضحك، تكمن المشكلة في هذا تحديداً: فيلمٌ رَتيب وبليد، يعتمد بشكل شبه كامل على مفارقات شخص أعمى يحاول الظهور كمُبصر، فتظهر "اسكتشات" لا تنتهي، تبدو الشخصيات فيها كأنّها تعاني البلاهة. "اسكتشات" ثقيلة، يُمكن حذفها بالكامل من دون أن تتأثّر الأحداث بالحذف: ضربٌ وتخبيطٌ جسديٌ ومواقف عبثية وإطالة، في فيلم "سرقة مصرف"، تبدأ السرقة فيه مع ربعه الأخير. هناك أيضاً علي ربيع، بطريقة حديثه المعتادة، وبالشخصية الغبية نفسها، من دون الحاجة إلى الغباء لصنع كوميديا.
تبدو سيطرة "مسرح مصر" كاملة، حتى في عدم محاولة الاستفادة من قدرات الممثلين الآخرين. فعمرو عبد الجليل أحد أهم ممثلي الأفلام التجارية المصرية مؤخّراً، لكن حضوره باهت جداً، من دون ملامح أو تفاصيل أو مواقف يُبرز فيها إمكانياته الكوميدية الكبيرة. الأمر نفسه ينطبق على غادة عادل، التي تظهر كأنّها تحاول مجاراة شيء لا تفهمه. والظهور المعتاد لبيومي فؤاد لا يتجاوز الرغبة في إظهاره في إعلانات الفيلم، لا أكثر. الوحيد الذي يملك شيئاً مُضحكاً، وإنْ نسبياً، هو محمد عبد الرحمن، ربما بسبب تلقائيّته المعتادة، ومحاولته (النسبية أيضاً) في التماهي مع الشخصية، لتقديم كوميديا مختلفة.
خلاف ذلك، الفيلم مجرّد حلقة مكرّرة ومعتادة وثقيلة من "مسرح مصر".