الحياة الاجتماعية تساعد الفيلة اليتيمة على التخلص من التوتر

17 يوليو 2022
استطاعت فيلة صغيرة مواساة بعضها إثر نفوق والدتها (Getty)
+ الخط -

قدّمت دراسة أُجريت على مجموعة من الفيلة تعيش في البرية في كينيا دليلاً جديداً على القدرة الكبيرة التي تتمتع بها هذه الحيوانات في شأن التواصل اجتماعياً، إذ استطاعت فيلة صغيرة مواساة بعضها إثر نفوق والدتها، بفضل عيشها ضمن قطعان.

واستند العلماء إلى هرمونات خاصة بالتوتر موجودة في براز الفيلة، لدراسة التبعات الناجمة من نفوق فيلة على صغارها التي يجمعها بها رابط قوي يستمر حتى بعد فطامها.

وطُرحت فكرة الدراسة من جينا باركر، وهي طالبة دكتوراه شابة من جامعة ولاية كولورادو الأميركية شغوفة بالعمل على الفيلة الخاصة بسهول السافانا الأفريقية، المصنّفة ضمن الأنواع المهددة بالانقراض في القائمة الحمراء التي وضعها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وذلك بسبب تعرّضها للصيد الجائر وتدمير موائلها.

وتوضح الباحثة في علم البيئة والمعدة الرئيسية للدراسة، التي نُشرت هذا الأسبوع في مجلة كوميونيكيشنز بيولوجي، لوكالة فرانس برس، أنّ "التأثير العالمي للصيد الجائر غير معروف بشكل جيد على هذه الحيوانات الاجتماعية جداً". وتضيف: "عندما نراقب قطيعاً من الفيلة ندرك مدى أهمية الأسرة، فالحيوانات تكون إلى جانب بعضها، فيما نادراً ما تسير الصغار على بعد عشرة أمتار من أمهاتها، بالإضافة إلى أنها تلمس بعضها عندما تأكل، ثم تستريح وتراقب الأخرى وهي تتجول في المكان، أما طريقة احتفالها بلمّ الشمل بعد انفصال بعضها عن القطيع لساعات محدودة فقط فهي مذهلة".

يؤدي قتل أحد الصيادين غير الشرعيين فيلاً من القطيع إلى انهيار هذا التماسك، ما يشكل تهديداً على "صحة الفيلة، وتحديداً الصغار منها عندما تُقتل أمّها".

وسعت جينا باركر وزملاؤها إلى معرفة كيفية انعكاس الحزن الذي تشعر به الصغار التي تفقد أمها فسيولوجياً، عبر دراسة استجابة هذه الحيوانات للتوتر، وتحديداً عبر قياس مستوى الهرمونات القشرية السكرية التي تفرزها الغدد الكظرية الموجودة لدى الفقاريات (بما فيها البشر)، استجابةً لعامل توتر ما تتعرض له، كأن يشعر الحيوان أنّ صحته في خطر في ظل غياب البيئة الآمنة.

وهذه الإفرازات موجودة في الدم واللعاب والبول والبراز. وتقول الباحثة إنّ "الهرمونات القشرية السكرية المستخرجة من البراز تشكل وسيلة واسعة الانتشار وموثوقاً بها لقياس التوتر لدى الحيوانات البرية، لأنّها غير غازية".

وبين سنتي 2015 و2016، تولت إلى جانب فريقها جمع براز الفيلة الصغيرة أثناء مرور قطعان في محميتي سامبورو وبوفالو سبرينغز الوطنيتين شمال كينيا.

وأسفر هذا العمل عن جمع 496 عينة من براز 37 فيلاً صغيراً فقدت 25 منها أمها، وتشمل أنثى فيلة حصراً ــ في ظل صعوبة تعقّب الفيلة الذكور لأنّها أقل إخلاصاً لقطعانها الأساسية ــ تتراوح أعمارها بين سنتين وعشرين سنة.

وخسرت الفيلة أمها منذ فترة تتراوح بين سنة و19 سنة، نتيجة الصيد الجائر أو الجفاف، وهما عاملان كانا شائعين جداً بين 2009 و2014. وبقيت عشرون من بين الفيلة في الوحدة الأسرية نفسها بعد وفاة الأم، فيما انضمت خمسة منها إلى وحدة من أسرة مختلفة.

وتوصل معدو الدراسة إلى أنّ مستويات الهرمونات القشرية السكرية كانت متشابهة على المدى البعيد بين الفيلة اليتيمة وتلك التي لم تخسر أمها.

تقول الباحثة إنّ النتائج شكلت "مفاجأة سارة"، إذ كانت تتوقّع أنّ الفيلة اليتيمة ستشعر بمزيد من التوتر في ظل غياب الرعاية التي توفرها لها أمها.

وتوضح باركر أنّ ذلك لا يتعارض مع فكرة أنّ الفيلة تشعر بالتوتر على المدى القصير، على غرار ما اكتُشف لدى قرود من نوع شمبانزي في العامين التاليين على نفوق أمها، وكذلك لدى الجرذان وخنازير من نوع كابياء خنزيرية وبعض أنواع الطيور.

وتضيف: "لكنّ هذه التأثيرات أقلّه لا تستمر، ما يدل على قدرة الفيلة على التكيّف".

ويتمثل السبب الكامن وراء النتائج بالدور المسؤول عنه الدعم الاجتماعي القوي لدى قطيع الفيلة بالتحكم بالمشاعر والمسمى "التأثير العازل".

وتوصل العلماء كذلك إلى أنّ الصغار التي نشأت ضمن قطعان تضم فيلة من العمر نفسه، سواء كانت يتيمة أم لا، شعرت بتوتر أقل.

وتؤكد الدراسة أنّ "الفيلة التي تكون بمثابة رفيقة في اللعب"، وخاصة من العائلة نفسها، وجودها ضروري في حياة الفيلة.

وتقدم هذه النتائج فائدة لإدارة المحميات التي تضم فيلة يتيمة، إذ خلصت الدراسة إلى أن دمج فيلة يتيمة مع أخرى من العمر نفسه قد يوفر مساعدة لتلك التي خسرت أمها، كما أنّ إطلاق مجموعات من الفيلة اليتيمة التي يجمعها رابط معاً أثناء أسرها قد يسهّل عملية دمجها مجدداً في البرية.

(فرانس برس)

المساهمون