الجمال النائم... حين تستعيد الملابس سيرة أصحابها

19 يوليو 2024
يُقام المعرض برعاية "تيك توك" (الموقع الرسمي للمتحف)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تاريخ وتنوع قسم الأزياء**: يضم قسم الأزياء في متحف متروبوليتان للفنون أكثر من 33 ألف قطعة ملابس تغطي سبعة قرون من التاريخ، منذ القرن الخامس عشر وحتى اليوم، وتأسس عام 1937.

- **معرض "الجمال النائم: إعادة إحياء الموضة"**: يضم المعرض 220 قطعة من الملابس والإكسسوارات من القرن الثامن عشر، ويهدف إلى إعادة إحياء الأزياء عبر تجارب حسية متكاملة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

- **التكنولوجيا والتفاعل الحسي**: استخدم المتحف الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنيات الذكاء الاصطناعي لخلق تصورات واقعية، مع توظيف الروائح والخدع البصرية لتوفير تجربة تفاعلية فريدة للزوار.

بين أقسام متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، هناك قسم مُخصص للأزياء يضم ما يزيد على 33 ألف قطعة ملابس. تأسّس هذا القسم عام 1937، وتغطي مجموعته من الملابس نحو سبعة قرون، بداية من القرن الخامس عشر الميلادي وحتى اليوم. من بين هذه المجموعة الكبيرة، يُنظم المتحف بين الحين والآخر العديد من المعارض النوعية، وهي معارض تعتمد غالباً على خط زمني أو تقليعة من تقليعات الموضة القديمة أو الحديثة.

هذا العام، قرّر المتحف الخروج عن هذه القاعدة، بتنظيم معرض لمجموعة الأزياء التي لا يراها الجمهور. فمن بين هذه المجموعة الكبيرة من الملابس، انتقى أمناء المتحف قطعاً بعينها غالباً ما كانت تُستبعد من أي عروض بسبب هشاشتها وصعوبة وضعها على عارضات الأزياء. أطلق المتحف على معرضه هذا اسم "الجمال النائم: إعادة إحياء الموضة" (Sleeping Beauties: Reawakening Fashion). يستدعي اسم المعرض، رمزياً، الحكاية الخيالية الشهيرة، "الجميلة النائمة".

المعرض المستمر حتى الثاني من سبتمبر/ أيلول المقبل يعيد هذه القطع من جديد إلى بؤرة الضوء، ويبث فيها الروح عبر عدد من العروض التفاعلية. لا يقتصر العرض هنا على الرؤية فقط، إذ تستعيد التظاهرة التجربة الحسية الكاملة لهذه الأزياء، من الملمس ورائحة الأقمشة وحتى الأصوات، إلى جانب الرؤية البصرية بالطبع. يتيح "الجمال النائم" للزائر خوض هذه التجارب الحسية عبر مجموعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتدخلات البصرية.

يضم المعرض نحو 220 قطعة من الملابس والإكسسوارات التي يعود بعضها إلى القرن الثامن عشر. يمكن للزائر أن يشمّ رائحة القبعات ذات الزخارف النباتية التي كانت ترتديها نساء المجتمع الراقي في مطلع القرن العشرين، أو يلمس جدران صالات العرض المُزينة بأقمشة لها الملمس نفسه للملابس المختارة. هذه الملابس التي كانت ذات يوم جزءاً حيوياً ومهماً في حياة أحد الأشخاص، تظهر اليوم بلا حراك ولم يعد من الممكن ارتداؤها، إذ تُعامل بوصفها قطعاً فنية.

يقول كبير أمناء قسم الأزياء في متحف متروبوليتان، أندرو بولتون، إن فكرة المعرض تعتمد على إعادة إحياء هذه الأزياء عبر الحواس المختلفة. أما النماذج التي استحال عرضها تماماً، فقد صنعت لها نسخاً ثلاثية الأبعاد. يؤمن بولتون بقدرة التكنولوجيا غير المحدودة، فمن طريقها يمكن استدعاء الماضي بسهولة، كما يقول، بدءاً من عرض الشرائح على الحائط، وحتى الأساليب الأخرى الأكثر تقدّماً وتعقيداً، مثل الذكاء الاصطناعي والصور المخلقة بالكمبيوتر. من طريق هذه التطبيقات، يمكن لمن يحضر المعرض تبادل الحوار مع الشخصيات التاريخية التي كانت ترتدي تلك الملابس.

يظهر جمال الملابس وإتقانها في حال ارتدائها، فحضورها يعتمد أولاً وأخيراً على الجسم البشري، الذي من دونه تفقد هذه الملابس وظيفتها وتصبح مجرد قطع من القماش المهمل. في "الجمال النائم"، يتعذر تحقيق ذلك بالطبع بسبب هشاشة القطع المعروضة، لذا فقد استعان المتحف بالتكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما يقول بولتون، لخلق تصورات واقعية لكل قطعة ملابس. إلى جانب كل قطعة من هذه الملابس المطوية داخل الفيترينات يوجد كود مشفر، إذا ما مسحه الهاتف، سيتمكن المُشاهد من رؤية هذه الملابس وهي في كامل رونقها، بينما يرتديها أشخاص متخيلون. وبينما يتجول الزوار بين القطع المعروضة، ستبث في فضاء العرض معزوفة "الجمال النائم" لتشايكوفسكي.

يتعامل العرض مع قطع الملابس كأعمال فنية أو كشكل من أشكال الفنون التفاعلية التي تحتاج إلى وسيط لعرضها أو تقديمها. من أجل تحقيق هذه الرؤية الفنية الشاملة، استعان المتحف بمجموعة من شركات التكنولوجيا وخبراء الصوت والعطور والخدع البصرية. بين هؤلاء، مثلاً، تأتي النرويجية سيسيل تولاس، وهي باحثة معروفة في مجال العطور. اعتماداً على مجموعة من العمليات الكيميائية المعقدة، استخلصت تولاس عدداً من الروائح التي كانت عالقة في بعض الملابس. وُظفت هذه الروائح التي استخلصتها تولاس في طلاء عدد من جدران غُرف العرض، ويمكن للزوار الاقتراب من هذه الجدران ولمسها للتعرف إلى الرائحة الخاصة بكل ثوب. تقول تولاس إن "الروائح المُستخلصة من هذه الملابس ليست روائح العطور التي كان يستخدمها أصحاب هذه الملابس فقط، بل هي مزيج من هذه العطور وروائح أجسادهم، كأننا نستعيد جانباً من هؤلاء الأشخاص".

في مساحة أخرى، أعاد المتخصصون تصور التطريز المعقد لبعض الملابس التي تعود إلى بداية القرن السابع عشر. وبواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد، أُنتجت مساحات مختلفة من أوراق الحائط ذات الملمس البارز، التي تغطي جدران بعض القاعات، ويمكن للزوار لمسها والإحساس بطبيعة هذه الأقمشة عن قرب.

يُذكر أن شركة تيك توك هي الراعي الرئيسي للمعرض، وتدعم العرض تقنياً عبر عدد من التطبيقات. وقد أثير، أخيراً، العديد من التساؤلات عن وضع الشركة القانوني إذا ما طُبِّق هذا الحظر بالفعل خلال فترة المعرض. ورداً على هذه الاستفسارات، صرح المتحدث باسم المتحف بأنهم لا يريدون استباق الأحداث، من دون أن يُفصح عن الإجراء الذي سيُتخذ في حال تطبيق الحظر.

المساهمون