الجزائر: الرئيس يطلب تعديل مسودة قانون الإعلام مجدداً

28 فبراير 2022
انقسمت الآراء حول طلب التعديل (رياض قرمدي/Getty)
+ الخط -

رفض الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، للمرة الثالثة على التوالي، مسودة قانون قدمته الحكومة تتعلق بالإعلام وقطاع الإذاعة والتلفزيون.

وطلب تبون إجراء تعديلات إضافية على النص و"إثرائه" قبل إعادة طرحه مجدداً على مجلس الوزراء، على الرغم من وعود حكومية بصدوره قبل نهاية السنة الماضية، ثم قبل نهاية الربع الأول من السنة الحالية 2022.  

وأفاد بيان لمجلس الوزراء، عقب اجتماعه أمس الأحد، بأن الرئيس تبون، "كلف في هذا الصدد الحكومة بمواصلة إثراء هذين المشروعين، قانون الإعلام وقانون السمعي البصري، من خلال تعزيز ضمانات حماية حرية التعبير، وتدقيق المفاهيم الخاصة بها، خاصة ما يتعلق بمنح صفة الصحافي المحترف، ومعايير ترقية جودة الخدمة الإعلامية وبناء خطاب إعلامي مسؤول، فضلاً عن ضمان شفافية تمويل وسائل الإعلام".

يأتي هذا على الرغم من أن مجلس الحكومة كان قد صادق، الأسبوع الماضي، على مسودة القانونين، وأحالهما إلى مجلس الوزراء للمصادقة قبل طرحهما للنقاش على البرلمان.

وهذه هي المرة الثالثة على التوالي التي يطلب فيها الرئيس تبون من الحكومة إجراء مراجعة جديدة لمسودة القانونين، بعد رفضٍ في شهر مارس/آذار من العام الماضي مسودة أولى كان طرحها وزير الإعلام السابق عمار بلحيمر، ثم رفضٍ آخر في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وعلى الرغم من أن ملف إصلاح قطاع الإعلام في الجزائر، وتسوية وضعية القنوات المستقلة، ووضع إطار جديد للصحافة والإعلام الإلكتروني، كانت أبرز الوعود والالتزامات التي قدمها تبون منذ انتخابه في ديسمبر/كانون الأول 2019، إلا أن هذه التأجيلات المتكررة لطرح القوانين المنظمة لمهنة الصحافة وقطاع الإعلام، يؤكد  تعثّر مسار الإصلاحات التي وعد بها الرئيس في قطاع الإعلام، ودخول مشاريع القوانين متاهة لا تنتهي من التسويف والتعديلات والنقاشات التي لم تثمر حتى الآن.

وكانت نقابة الناشرين ومسيّري الصحف والمواقع الإخبارية قد هاجمت، في بيان نشرته بداية شهر فبراير/شباط الحالي، وزير الاتصال الجديد، محمد بوسليماني، وكذبت تصريحاته بشأن إجرائه نقاشات موسعة حول مشروعي القانونين.

وسجلت "أنهما لم يحظيا بنقاش عميق وكبير من أهل المهنة، ولا من قبل الشركاء الاجتماعيين. عكس ما صرح به الوزير مؤخراً".

ودانت ما وصفته بالإقصاء من "اللقاءات المنتقاة لوزير الاتصال، تحت غطاء المشاورات، وهو ما يتعارض مع توجيهات رئيس الجمهورية التي دعا فيها الوزارات إلى فتح حوار حقيقي وجدّي مع الشركاء المهنيين"، وطالبت وزارة الاتصال "بفتح حوار جدي وشامل مع الفاعلين في القطاع دون إقصاء ولا تمييز".

تعميق للنقاش أم مماطلة؟

عند هذا المستوى تتباين المواقف إزاء تأجيل إصدار قانون الإعلام مرة أخرى، بين من يرى أنه مؤشر على رغبة الرئيس تبون في تعميق النقاش وتوسيعه مع كامل الفعاليات الإعلامية بسبب حساسية القطاع، وبين من يعتبر أنه تهرّب من السلطة ورغبتها في مزيد من المماطلة.

وقال الإعلامي وأستاذ القانون الدستوري في جامعة سطيف، نصر الدين معمري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "التأجيل المستمر لمراجعة القوانين التي تضبط مجالات الإعلام والسمعي البصري تدل على تخوف وتردد واضح لدى السلطة التي تبقى مضطرة إلى مراجعة كل القوانين الضابطة للعمل الإعلامي الذي تعزز نظرياً في التعديل الدستوري 2020، خاصة بموجب المادتين 54 و55 من الدستور".

وأضاف أنه "في حالة تواصل مماطلة الحكومة في إعداد هذا القانون يجب على البرلمان التصدي لذلك، عبر تفعيل حقه في المبادرة واقتراح القوانين بالتنسيق مع شركاء السلطة الرابعة، وهو ما يشكل إحراجاً للسلطة قد يدفعها إلى تعجيل التعديل الذي يجب أن يصب في إطار تحرير العمل الإعلامي وسد كل الثغرات على ضوء قانون 2012، وكذا وضع كل الضوابط المتعلقة خاصة بالقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية وضمان شفافية توزيع الإشهار الذي يبقى عامل ضغط خطيرا في يد الجهاز التنفيذي، زيادة على توضيح كل المسائل الخاصة بالإعلام الإلكتروني".

لكن الصحافي والكاتب محمد ايوانوغان، الذي ينشط في مجالات الدفاع عن حرية التعبير والصحافة، يعتبر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التأجيلات المتكررة لقانون الإعلام، وإن اتخذت عنوان الإثراء وتوسيع النقاشات، إلا أنها تعطي مؤشراً واضحاً على عدم رغبة السلطة في تنظيم قطاع الإعلام، والإبقاء على وضع الغموض والفوضى الحالية في المشهد الإعلامي، طالما أن السلطة مستفيدة من ذلك".

ويضيف أن "الوضع الحالي هو أحسن وضع بالنسبة لها، كما أن السلطة لا تبدو قلقة منه، ولا يوجد ما يدعوها إلى الإسراع في تنظيم الإعلام وتأطيره بقوانين واضحة".

المساهمون