التنمر الإلكتروني في كوريا الجنوبية: تعليقاتٌ تجرّ المشاهير إلى الانتحار

10 فبراير 2022
نجم البوب الكوري جونغ- هيون أقدم على الانتحار عام 2017 (جانغ يوين- جي/فرانس برس)
+ الخط -

في أسبوع واحد، سجلت كوريا الجنوبية انتحار لاعب كرة الطائرة كيم إن- هيوك والشخصية الشهيرة على موقع "يوتيوب" تشو جانغ- مي، بعد تعرضهما لسيل من الإهانات والتعليقات المسيئة عبر شبكة الإنترنت، في ظاهرة سيطرت على أوساط المشاهير في البلاد خلال الأعوام الأخيرة.

لاعب كرة الطائرة المحترف كيم إن-هيوك وجد ميتاً داخل شقته في مدينة سوون (شمال غرب كوريا الجنوبية)، الأسبوع الماضي، قبل يوم من وفاة تشو جانغ-مي المعروفة على منصات التواصل الاجتماعي باسم بي جاي جامي.

واجه كيم (27 عاماً)، موجات من الإساءات على مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بمظهره وبالتكهنات حول هويته الجنسية. ووفقاً لـ"وكالة يونهاب للأنباء" الكورية الجنوبية، ترك كيم رسالة تعكس "تشاؤمه" إزاء حياته.
وكتب كيم عبر حسابه في "إنستغرام"، العام الماضي: "لم أضع مستحضرات تجميل في حياتي، ولست معجباً بالشبان، ولدي حبيبة، ولم أظهر يوماً في فيلم إباحي"، وأضاف أنه تعب من التعليقات المتسمة بالكراهية تجاهه، وناشد متابعيه "أن يتوقفوا" عن توجيه الرسائل والتعليقات الحاقدة إليه.

أما تشو التي حققت شهرة واسعة على "يوتيوب" وجذبت أيضاً عدداً كبيراً من المتابعين على منصة "تويتش"، فكانت تعاني من الاكتئاب، بعد أكثر من عامين من تعرضها لإهانات جنسية واتهامها بكره الرجال، وفق ما أفاد فرد من عائلتها. وحرّك موتها عن عمر 27 عاماً دعوات لفرض عقوبات شديدة على زملائها من مبتكري المحتوى على "يوتيوب" والمعلقين الذين نشروا شائعات وتعليقات بغيضة بحقها. وجمعت عريضة حول هذا الشأن، عبر الموقع الإلكتروني "بلو هاوس"، أكثر من 150 ألف توقيع بحلول الثلاثاء.

على الرغم من الاحتفاء بثقافة البوب في كوريا الجنوبية والتأثير الواسع الذي حققته في أنحاء العالم كافة أخيراً، فإنّها تخفي مشاكل خطيرة، على رأسها تفشي ظاهرة الهوس بالمشاهير وما يرافقها من ممارسات في الفضاء الرقمي، وألقي باللوم عليها في عدد من حالات الانتحار خلال الأعوام الماضية.

انتحار الممثلة والمغنية سولي، عام 2019، عن عمر 25 عاماً، أثار غضباً واسعاً، ودفع إلى مطالبة وكالات أعمال النجوم بحمايتهم من "القاعدة الجماهيرية السامة"، ومطالبة السلطات أيضاً باتخاذ إجراءات حكومية ضد التنمر على منافذ الإنترنت الشهيرة حيث يمكن للمستخدمين التعليق من دون الكشف عن هويتهم.

دفع انتحار سولي منصتي "نيفر" Naver و"دوم" Daum إلى إقفال التعليقات على القصص الرياضية والترفيهية، لكن الإساءة عبر الإنترنت لا تزال تمثل مشكلة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "يوتيوب" و"إنستغرام" و"فيسبوك".

كانت سولي عضو في فرقة "إف إكس" الغنائية، قبل أن تتركها عام 2015 للتركيز على التمثيل ومسيرتها الخاصة. وعانت قبل قرارها هذا من الإساءة والتنمر الإلكتروني. وفي 2016، تعرضت لموجة من الانتقادات العارمة، بعد انخراطها في فضيحة "لا لحمالات الصدر"، إذ كشفت عبر عدد من الصور على منصة "إنستغرام" عن حلمتي ثدييها، ما أدى إلى تعرضها للإساءة الإلكترونية من المجتمع الكوري المحافظ. وكانت سولي صديقة نجم البوب الكوري جونغ-هيون الذي أقدم على الانتحار عام 2017، نتيجة الاكتئاب والضغط النفسي.

وبعد نحو شهر من انتحار سولي، عثر على صديقتها المقربة المغنية والممثلة غو هارا ميتة داخل منزلها في سيول، عن عمر 28 عاماً، بعد محاولة انتحار سابقة ومعاناة من الإساءات على شبكة الإنترنت والابتزاز الإلكتروني من حبيبها السابق.

ارتفع عدد قضايا التشهير والازدراء عبر الإنترنت سنوياً في كوريا الجنوبية من 13.348 عام 2017 إلى 19.388 عام 2020، لكن معدل الكشف الجنائي انخفض من 73.1 في المائة إلى 65.2 في المائة، خلال الفترة نفسها، وفقاً لبيانات وكالة الشرطة الوطنية. وبموجب القانون، يمكن أن يتعرض من يشهر بشخص آخر على نظام شبكة معلومات، مثل الإنترنت، لعقوبة تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات أو غرامة قيمتها 30 مليون وون (25 ألف دولار أميركي). لكنّ الخبراء قالوا إنّ مثل هذه العقوبات القصوى نادراً ما تطبق.

إلى ذلك، وفي ظاهرة تُعرف باسم الموجة الكورية أو "الهاليو"، حظيت موسيقى الـ"كي-بوب" والمسلسلات التلفزيونية والأفلام الكورية الجنوبية بشعبية متزايدة في أجزاء كثيرة من العالم. وتماشياً مع هذه الشعبية المتزايدة، تحسنت صادرات كوريا الجنوبية من المحتويات والأغذية ومستحضرات التجميل والسلع الاستهلاكية الأخرى.

وأظهرت بيانات حكومية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، أن صادرات صناعة المحتوى لكوريا الجنوبية ارتفعت بنسبة 16.3 في المائة على أساس سنوي عام 2020 رغم جائحة فيروس كورونا، وسط الشعبية العالمية لثقافة الـ"كي-بوب". وبلغ حجم صادرات الصناعة 11.9 مليار دولار عام 2020، مقارنة بـ10.25 مليارات دولار في العام الذي سبقه، وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة الثقافة والرياضة والسياحة الكورية الجنوبية. 

المساهمون