تنتشر مقاطع الأخبار المفبركة على لسان مذيعين معروفين على نطاق واسع عبر الإنترنت، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على غزة. لكن في الحقيقة هؤلاء المذيعون لم يقولوا ما صدر عنهم، بل استخدموا التزييف العميق لإنتاج هذه الفيديوهات.
خلال الأيام الأخيرة انتشر مقطع فيديو حقيقي لمراسلة شبكة "سي أن أن" كلاريسا وارد، وهي تحاول الاحتماء من الصواريخ بالقرب من حدود قطاع غزة، لكن مع تسجيل صوتي مزيف يرافقه. وأكدت "سي أن أن" أن الصوت "ملفق وغير دقيق ويشوه بشكل غير مسؤول حقيقة اللحظة التي غطّتها (سي أن أن) على الهواء".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، جرى تداول مقطع فبركه الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت للمذيعة الأميركية غيل كينغ، للترويج لمنتَج لم تستخدمه أو حتى سمعت عنه من قبل.
كما انتشر في الفترة الأخيرة مقطع مزيف لمذيع "سي أن أن" أندرسون كوبر وهو يشتم دونالد ترامب، بعدما شاركه ترامب وابنه على منصة تروث سوشل المتطرفة و"تويتر".
وتجتذب المقاطع المختلقة التي تضم مذيعين حقيقيين اهتماماً أكبر من المقاطع الحقيقية المنشورة على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمؤسسات الإخبارية.
يمكن لأي شخص تقريباً استخدام برامج الذكاء الاصطناعي السهلة والمتوفرة لإنشاء مقاطع فيديو أو صوت لشخصيات عامة (أو أشخاص عاديين) يفعلون ويقولون أشياء لم يفعلوها أبداً، وهي طريقة تسمى "ديب فيك" (التزييف العميق).
وغالباً ما تنتشر تقنية "ديب فيك" في النكات المصورة لإضحاك الناس، والسيناريو الأكثر تطرفاً هو إمكانية استخدام هذا المحتوى المتلاعب به لنشر معلومات خاطئة أو مضللة تهدف إلى تغيير مسار الانتخابات والاكتتابات العامة الأولية للشركات وغيرها من الأحداث عالية المخاطر.
والتزييف العميق منخفض الكلفة ليس جديداً، لكن يبدو أن البث الإخباري المتلاعب به الذي يعتمد على أصوات ووجوه الصحافيين البارزين هو أسلوب أحدث، وربما أكثر خطورة، تقول "فوربس".
ويقول خبير التزييف العميق هاني فريد إن "مقاطع الفيديو الخاصة بمذيعي الأخبار تُعتبر وسيلة مقنعة لتقديم المعلومات المضللة"، ويضيف: "في كثير من الحالات، يكون المذيعون معروفين للمشاهدين وموثوقين، وحتى لو لم يكن الأمر كذلك، فإن طريقة عرض الأخبار مألوفة وبالتالي أكثر ثقة".
ويضيف فريد أنه "رغم أن النتائج لا تزال غير مثالية، إلا أنها جيدة جداً، خاصة عند مشاهدتها على جهاز محمول وعندما يتحرك المشاهدون بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
ويؤكد أنه "سيتعين علينا أن نكون أكثر جدية بشأن حماية حقوق الأشخاص الذين يتم اختيار صورهم وأصواتهم".
وتمتلك معظم منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية سياسات ضد التزييف العميق. ونقلت مجلة فوربس عن متحدث باسم "تيك توك" أن المنصة "تطلب من المبدعين تصنيف المحتوى الواقعي الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي، إما باستخدام ملصق أو تسمية توضيحية"، وأنها "ستستمر في إزالة المحتوى الذي يمكن أن يضلل الأشخاص أو ينتحل شخصياتهم بشكل ضار".
ونقلت المجلة عن متحدثة باسم "يوتيوب" أنه "لدينا منذ فترة طويلة سياسات معلومات مضللة لحظر المحتوى الذي جرى التلاعب به تقنياً وبطريقة تشكّل خطراً جسيماً بحدوث ضرر فادح".