اتخذ البوتوكس، أساساً، صفة العلاج التجميلي طوال السنوات الماضية، لكن في الواقع وُجد أولاً لأسباب طبية، كتقنية علاجية تساعد في مواجهة أمراض عديدة، ومنها داء الشقيقة. هذا إضافة إلى دوره المعروف مع بداية ظهوره كعلاج لمشكلات في العيون وفي الجهاز البولي وغيرها من المشكلات الصحية. وبالإضافة إلى دوره المعروف كأكثر التقنيات التجميلية شيوعاً اليوم، أثبت فاعلية واضحة في معالجة آلام الرأس في حالات معينة يحددها الطبيب، كما توضح الاختصاصية في التقنيات التجميلية غير الجراحية، الدكتورة ساندرا كوزاك.
تماماً كما يعمل البوتوكس في هدفه التجميلي على ارتخاء العضلات للحد من التجاعيد ولمكافحة علامات التقدم بالسن، كذلك يساعد على مكافحة آلام الرأس لدى من يعانيها، عبر المساهمة في ارتخاء العضلات المتشنجة المسببة لها، سواء كان رجلاً أو امرأة، إذ يمكن أياً كان أن يستفيد منه. وتوضح كوزاك أن البوتوكس لا يُعتمد تلقائياً لمعالجة أيّ آلام في الرأس، بل يُلجأ إليه حصراً في الحالات التي تنتج فيها آلام الرأس من تشنجات في العضلات، ولا بد من تشخيص الحالة أولاً وأسبابها قبل اللجوء إليه للتأكد مما إذا كان مفيداً لها. ووحده الطبيب يحدد ما إذا كانت الحالة يمكن أن تستفيد من البوتوكس على أساس التشخيص العيادي والفحوص. فقد يطلب للمريض أولاً صورة ماسحة ضوئيّة للرأس، ويُبحث عن أسباب آلام الرأس. ويمكن أن يوصف للمريض أيضاً في مرحلة أولى مسكنات خفيفة للألم للتأكد مما إذا كانت مفيدة له. تساعد هذه الخطوات على تحديد ما إذا كانت آلام الرأس من تلك الناتجة من التوتر tension headache أو ناتجة من تشنجات في عضلات العنق. في مثل هذه الحالات يعتبر البوتوكس مفيداً لها وفاعلاً لأنه يساعد على الحد من هذه التشنجات في العضلات. كذلك بالنسبة إلى آلام الرأس الناتجة من الضغط على الأسنان في أثناء النوم. ففي كل هذه الحالات، يعتبر البوتوكس فعالاً لارتخاء العضلات ويسمح بمكافحة المشكلة التي أسبابها مرتبطة بذلك.
ثمة طرق معينة لحقن البوتوكس ومواضع محددة يحقن فيها في الرأس لمعالجة آلام الرأس والاستفادة منه. فبحسب الدكتورة كوزاك، قد يحقن البوتوكس عندها في العنق من الخلف إذا كانت مشكلة آلام الرأس ناتجة من تشنجات في عضلات العنق أو في فروة الرأس. حتى إن آلام الرأس قد تنتج أحياناً من تشنج زائد في عضلة معينة في الجبين، ما يسبب آلام الرأس من نوع tension headache، فيجري العمل على ارتخاء هذه العضلة المتشنجة والمشدودة بشكل زائد. كذلك بالنسبة إلى من يعانون آلام الرأس الناتجة من الضغط على الأسنان، فيحقن البوتوكس في الموضع المعنيّ لارتخاء العضلات المعنية. وتماماً كما بالنسبة إلى الحالات التي يجرى فيها البوتوكس لأهداف تجميلية تجرى الجلسة، ويستفيد فيها المريض من العلاج مباشرةً فتزول آلام الرأس التي يعانيها بسبب التشنجات العضلية. إنما يزول مفعول البوتوكس تدريجياً كما في حال اللجوء إليه لإزالة التجاعيد بعد ما بين 4 و6 أشهر، لتكون هناك حاجة إلى جلسة أخرى، لأن آلام الرأس قد تعاود عندها.
ومع الوقت، يمكن أن يساعد اللجوء إلى البوتوكس بشكل متكرر في تمرين العضل على الارتخاء لتتقلص الحاجة إليه ولا يعود الدماغ يعطي أمراً إلى العضل بالتشنج. عندها من الممكن أن تخف آلام الرأس تلقائياً بعد جلسات متكررة من البوتوكس كما يلاحظ المريض. ووفق ما توضحه الدكتورة كوزاك، يمكن اللجوء إلى البوتوكس لمعالجة آلام الرأس في أي عمر كان، بدءاً من العشرينيات من دون مشكلة، خصوصاً أنّه لا آثار جانبية له أو خطورة.