تتمتّع النساء بفرص أدنى بكثير من تلك التي يحصل عليها الرجال للاعتراف بهن كصاحبات اكتشافات علمية، رغم كونهن يؤدين عملاً مساوياً لذلك الذي يقوم به نظراؤهن الذكور، ممّا يحرمهن وضع أسمائهن على المقالات العلمية، رغم أهمية ذلك في المسيرة العلمية لكل باحث.
فقد أظهرت دراسة حديثة نشرت نتيجتها مجلة نيتشر أنّ النساء اللواتي يساهمن في البحث العلمي يعانين نقصا في التمثيل مقارنة بزملائهن الذكور في المنشورات المتخصصة. وهذا التمييز يلقي بثقله على المستقبل المهني للباحثات.
على الورق، تنشر النساء أبحاثاً أقلّ من الرجال ويحصلن على عددٍ أقلّ من براءات الاختراع. قد تدفع هذه النتيجة للاعتقاد بأنّ إنتاجية الإناث في هذا المجال أدنى، لأسباب متنوّعة مثل الأمومة أو شغل منصب مرؤوس في المختبر، لكنّ هذه الفرضية دُحضت من خلال أبحاث حديثة.
يحفل التاريخ بأمثلة لعالمات تمّ التقليل من أهمية دورهن المحوري أو حتّى تجاهله.
ومن الأمثلة على ذلك، اكتشاف التركيب الحلزوني للحمض النووي من قبل الفيزيائية البريطانية روزاليند فرانكلين، ممّا ساهم في حصول باحثين آخرين على جائزة نوبل. وثمّة أيضاً الطبيبة الفرنسية مارت غوتييه المشاركة في اكتشاف التثلّث الصبغي 21 (متلازمة داون)، لكنها أُقصيت عن صدارة المشهد عند نشر نتائج البحث.
لأوّل مرة، تمكّن فريق بقيادة الأستاذة الجامعية جوليا لاين، وهي خبيرة اقتصادية في جامعة نيويورك، من تحديد هذه الظاهرة بصورة كميّة. وقالت لاين لوكالة فرانس برس: "لقد تمكّنا من تحديد عدد النساء اللواتي لم يرد ذكرهن في المنشورات العلمية".
لهذا الغرض، حلّل الباحثون المساهمات في ما يقرب من 40 ألف مقال علمي وأكثر من 7 آلاف طلب براءة اختراع، ممّا يقرب من 10 آلاف فريق بحث مع أكثر من 120 ألف عضو متعاون مع عشرين جامعة أميركية وبضع عشرات من المقار الجامعية، على مدار أربع سنوات.
في حين أنّ النساء كنّ يمثلن ما يقرب من نصف أعداد الباحثين (48 %)، إلّا أنّهن بالكاد يمثّلن الثلث (34 %) بين أولئك الذين يرون مساهماتهم تحظى باعتراف في المقالات وبراءات الاختراع.
وخلص معدّو الدراسة إلى أنّ احتمال تسمية المرأة في المقالات أقل بنسبة 13% من الرجال في أيّ مقال علمي.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة بوسطن، المشارك في الدراسة، رافيف مورسيانو غوروف: "إنّها ظاهرة واسعة الانتشار، مع وجود فجوة واسعة ومستمرة في المعاملة بين الجنسين، ويمكن ملاحظتها في جميع التخصصات وعلى كل مستويات المسؤولية".
إلى ذلك، فإنّ هذا الاختلاف في التعامل يكون "أقوى عندما يتعلّق الأمر بتسمية الأشخاص كمشاركين في براءة اختراع صادرة من المختبر، وأيضاً أقوى للدراسات عالية التأثير"، بحسب مورسيانو غوروف.
أكّد معدّو الدراسة أنّ عواقب هذا الوضع تتجاوز مجرد جرح الأنا لدى الباحثات اللواتي يُحرمن من الاعتراف اللازم.
وقالت لاين: "في هذه التخصصات، إذا لم يكن لدى الناس اعتراف أو لم يروا نتيجة إيجابية لحياتهم المهنية، فإنّهم يميلون إلى الاستسلام".
وأضافت: "ترى الخريجات الشابات أنّهن يحظين بتقدير أقل من نظرائهن الذكور، وهذا الحال أيضا بالنسبة لكبار الباحثات".
وجمعت الدراسة المسماة نوعية، بجزء منها شهادات مريرة من نساء تعرضن للتمييز. وقالت إحداهن: "لقد كان ذلك من أسوأ اللحظات في مسيرتي المهنية".
ولفت مورسيانو غوروف إلى أنّ عدم الاستشهاد باسم الباحث "يمكن أن يغير حقّاً مهنة شخصٍ ما"، مشيراً في هذا الصدد إلى أنّ أحد المظالم الرئيسية للعالمات اللواتي تمّت مقابلتهن يتمثّل في عدم وجود معايير واضحة وموضوعية تحكم توقيع المادة العلمية.
لذلك يعتبر معدّو الدراسة أنّه من الضروري، داخل الجامعات ووكالات تمويل الأبحاث، وضع توصيات تسمح بالاعتراف بمساهمة الباحثين في المختبر بقيمتها الحقيقية.
ولاحظت لاين أن "الباحثين غير مدربين على الإدارة، بل على العمل العلمي". لذلك من "الجوهري"، حسب رأيها، "تدريب العلماء على إدارة مجموعة، لا سيما إذا كانت متنوعة".
(فرانس برس)