- دلال أبو آمنة، مغنية فلسطينية شهيرة، تعرضت للاعتقال والمضايقات بسبب منشور على وسائل التواصل، ما يعكس السلوك العام للسلطات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين الناشطين.
- القمع يمتد للمسارح والسينما، مثل تجميد تمويل مسرح "الميدان" وانتقادات للمخرجة سهى عرّاف، وحظر فيلم "جنين... جنين"، ما يعكس ضغوطًا لإسكات الأصوات الفلسطينية وخنق الإبداع الفني.
تستهدف التهديدات بالقتل والاعتقالات والرقابة الذاتية الفنانين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة في عام 1948، ما يجعلهم في بيئة قمعية تخنق الشخصيات والمؤسسات الثقافية الفلسطينية. في هذا السياق، لفتت مجلة +972 الإسرائيلية إن هذا الاضطهاد زاد خلال العدوان على قطاع غزة، وتحدّثت إلى من أكد استخدام الفنانين الفلسطينيين كعبرة لتخويف غيرهم.
وقع كثير من الفنانين الفلسطينيين في مرمى النيران حتى خارج قطاع غزة؛ حيث يشن الاحتلال عدواناً وحشياً، إذ يعانون من خنق حرية التعبير، وهجمات الدولة ومواطنيها اليهود الإسرائيليين في شكل تحريض، وتمييز، وملاحقات قانونية، وتهديدات جسدية. وفي كثير من الأحيان، جاء ذلك نتيجة لمجرد التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أو المعارضة السلمية للهجوم الوحشي الإسرائيلي.
ألقى الاحتلال القبض على إحدى أشهر المغنيات الفلسطينيات، دلال أبو آمنة، بسبب منشور لها على وسائل التواصل الاجتماعي، كتبت فيه "لا غالب إلا الله"، فتصاعدت التهديدات والمضايقات ضدها بسرعة. اتصلت بالشرطة لوضع حد للتهديدات، لكن في مركز الشرطة علمت أنها تخضع إلى تحقيق بسبب هذا المنشور، ثُم قُبِض عليها على الفور، واحتُجزت في زنزانة لمدة ثلاثة أيام مع تقييد يديها وساقيها، قبل إطلاق سراحها وإغلاق الملف من دون اتهام. ولأكثر من شهرين بعد اعتقالها، تجمع المتظاهرون يومياً خارج منزل أبو آمنة في مدينة العفولة الشمالية، ذات الأغلبية اليهودية، بقيادة رئيس البلدية آفي إلكابيتس في كثير من الأحيان، مطالبين بطردها هي وعائلتها.
وقالت لـ+972: "منذ بداية هذه القضية، كانت هناك 85 مظاهرة أمام منزلي. إنهم يحاولون ترهيبنا، أطفالي وزوجي وأنا. نحن نعيش فترة صعبة للغاية. تعرّض زوجي أيضاً للاضطهاد في مكان عمله، حتى أن بعض المتطرفين حاولوا إرسال أشخاص لشراء منزلنا في العفولة. ومن خلال اضطهادي، يهدفون إلى ترهيب جميع الفلسطينيين".
وقالت محامية أبو آمنة، عبير بكر، لـ+972، إن "معاملة الشرطة لدلال أبو آمنة تعكس سلوكهم تجاه أي شخص نشر يدعم غزة عندما بدأت الحرب"، وأضافت: "مثل العشرات الآخرين، واجهت دلال التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، تلتها شكاوى ضدها من قبل الجماعات اليمينية المخصصة لتغطية شؤون الفلسطينيين". وتابعت: "وفرت شهرة دلال وتأثيرها أداة مناسبة للترهيب. من خلال اعتقال شخصية لها عدد كبير من المتابعين، تبعث السلطات برسالة مخيفة مفادها أنه لا يوجد أحد في مأمن. إن استهداف أبو آمنة يوضح كيف تستخدم السلطات الخوف والشهرة كسلاح لإسكات الأصوات الفلسطينية... قوة الفنان تكمن في الاحتجاج الإبداعي من خلال عمله، لكن مناخ الخوف يسبّب رقابة ذاتية شديدة، ما يؤدي إلى فقدان فنانين عدة القدرة على توجيه عجزهم إلى الإبداع، ومن خلال خنق الفنانين، يقوّض هذا الذعر دورهم الأساسي في توجيه العمل والتضامن والمعارضة".
في السنوات الأخيرة، أثرت حملة القمع بشدة على الفنانين الفلسطينيين والمسارح. عام 2015، على سبيل المثال، جمّدت وزارة الثقافة الإسرائيلية تمويل المسرح العربي البارز في حيفا، "الميدان". وتمحور الجدل حول إنتاج المسرح لمسرحية "زمن موازي" التي تدور حول قصة الأسير الفلسطيني وليد دقة، الذي استشهد أخيراً وهو يقضي حكماً بالسجن المؤبد. وبعد الإغلاق المؤقت والضجة العامة، عاد تمويل "الميدان" جزئياً في 2016، وإن كان بمستوى أقل، وأعيد افتتاح المسرح على أمل ألا يمنعه الضغط السياسي من منح صوت للثقافة والهوية الفلسطينية. لكن الضغوط المالية والسياسية المستمرة تسببت في إغلاقه دائماً بعد عامين فقط.
وقد أثرت ضغوط مماثلة على الفنانين الفلسطينيين في صناعة السينما. فعام 2014، واجهت المخرجة الفلسطينية، سهى عرّاف، انتقادات شديدة عندما سجّلت فيلمها "فيلا توما" على أنه "فلسطيني" في مهرجان فينيسيا السينمائي، واضطرت إلى إعادة التمويل الذي تلقته من الهيئات التابعة للاحتلال الإسرائيلي. وقالت في مقال إن "الأفلام ملك لأولئك الذين يصنعونها. إنها لا تنتمي أبداً إلى المؤسسات التي ساعدت في تمويلها، ومن المؤكد أنها لا تنتمي أبداً إلى أي دولة. أعرّف فيلمي بأنه فيلم فلسطيني لأنني فلسطينية بالدرجة الأولى، وقصته تُروى من وجهة نظري، وهي وجهة نظر فلسطينية".
وعام 2021، أيّدت المحكمة العليا الإسرائيلية حظر عرض الفيلم الوثائقي "جنين... جنين"، الذي يستكشف مداهمة جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2002 لمخيم اللاجئين الفلسطينيين وجرائم الحرب التي ارتكبها ضد المدنيين الفلسطينيين. وحُكِم على مخرج الفيلم محمد بكري بدفع تعويضات عن الفيلم بتهمة تشويه الحقيقة. وحُظِر الفيلم بعد وقت قصير من صدوره عام 2002، قبل أن تلغي المحكمة العليا القرار. وعام 2021، أعيد الحظر بعد دعوى قضائية رفعها جندي بدعوى التشهير بادعاءات ملفقة. وقالت عرّاف لـ+972 إنها تعتقد أنه لو حدث الجدل حول فيلمها اليوم، وليس قبل عقد من الزمن، فمن المحتمل أن تواجه السجن بدلاً من إجبارها ببساطة على إعادة تمويل الفيلم. ووصفت الوضع الحالي بأنه "فترة مظلمة"، إذ إن "الفلسطينيين يعانون من الترهيب. هذا يرهب حرية الفكر والتعبير. ومن المرجح أن يتفاقم الوضع".
من الفنانين الفلسطينيين الذين واجهوا أيضاً رد فعل عنيفاً وعواقب قانونية بسبب تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي، الممثلة ميساء عبد الهادي، التي قُبض عليها في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووجهت إليها تهمة التحريض على الإرهاب بعد وضع منشورين على "إنستغرام" تقول الشرطة الإسرائيلية إنهما أعربا عن دعمهما لعملية طوفان الأقصى التي نفذها المقاومون الفلسطينيون في 7 أكتوبر.
بعد اعتقالها، صورت الشرطة الإسرائيلية عبد الهادي مكبلة اليدين تحت علم دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو عمل انتقده كثيرون باعتباره مهيناً ومتعمّداً. وحتى وزير الداخلية الإسرائيلي، موشيه أربيل، بدأ إجراءات لسحب الجنسية الإسرائيلية من عبد الهادي، وأمر هيئة السكان والهجرة بمراجعة القضية. وقال محامي عبد الهادي، محمد دحلة، لـ+972، إن شهرة عبد الهادي جعلتها هدفاً رئيسياً وقوياً، فـ"من الواضح أن الهدف هو قمع المشاهير من أجل إرسال رسالة يتردد صداها على نطاق واسع.
تؤدي هذه الأنواع من الإجراءات ضد المشاهير إلى القمع وتثبيط أي شكل من أشكال الاحتجاج. إنه يؤدي إلى تأثير مروع: تثبيط حرية التعبير بسبب التخويف أو الرقابة أو العقاب التي تمارسها السلطات".