الاحتلال الإسرائيلي يعتقل مراسل "العربي الجديد" في غزة ضياء الكحلوت

07 ديسمبر 2023
الزميل ضياء الكحلوت (العربي الجديد)
+ الخط -

اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الخميس، مراسل ومدير مكتب "العربي الجديد" في غزة الزميل ضياء الكحلوت من شارع السوق في بيت لاهيا، مع مجموعة من أشقائه وأقاربه وغيرهم من المدنيين.

وكان مراسل صحيفة "العربي الجديد" من ضمن العشرات من المواطنين الفلسطينيين الذين اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي. وتعمّد الاحتلال إجبار الغزّيين على خلع ثيابهم وتفتيشهم وإذلالهم عند اعتقالهم قبل اقتيادهم إلى جهة مجهولة، وفق ما رواه لنا الأهالي هناك. وانتشرت صور ومقاطع مصوّرة تُظهر اعتقال جنود الاحتلال لعشرات الغزّيين بأساليب إجرامية ومهينة.

كما انتشر على مواقع التواصل فيديو آخر، يظهر المعتقلين الفلسطينيين وهم داخل آليات عسكرية إسرائيلية تغادر شارع السوق نحو جهة غير معلومة.

وانقطع تواصل "العربي الجديد" مع مراسلها ظهر أمس، قبل أن تعلم لاحقاً بخبر اعتقاله من عائلته.

وقال رئيس تحرير "العربي الجديد" حسام كنفاني إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يتعمّد اعتقال الصحافيين واستهدافهم واغتيالهم بهدف منعهم من توثيق جرائمه ومجازره في قطاع غزّة". وأضاف كنفاني: "سنقوم بكل الجهود الممكنة، بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق وحرية الصحافيين في العالم، لتحديد مكان وجود زميلنا ضياء وإطلاق سراحه بأسرع وقت".

كما أصدرت "العربي الجديد" بياناً دانت فيه بشدة "الاعتقال المهين للزميل ضياء الكحلوت وغيره من المدنيين"، داعية "المجتمع الدولي والمنظمات الصحافية والهيئات الحقوقية إلى إدانة هذا الاعتداء المتواصل الذي يمارسه جيش الاحتلال ضدّ الصحافيين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والعمل على حمايتهم وإطلاق المعتقلين منهم".

وأبلغت مصادر من العائلة "العربي الجديد"، أن قوات الاحتلال اعتقلت ضياء وأشقائه وأقارب آخرين، ثم طلبت من النساء والأطفال، مغادرة المنزل نحو مستشفى كمال عدوان، ليرموا بعدها قنابل حارقة عليه وعلى منزلَي شقيقَيه، فاحترقت المنازل بالكامل.

وقالت شقيقة ضياء الكحلوت إن القوات الإسرائيلية أجبرته على ترك طفلته من ذوي الإعاقة ندى ثم اعتقلته تحت تهديد السلاح، وجرّدته كحال جميع المعتقلين من الملابس واعتدت عليهم بالضرب المبرح. وأفاد محمد الكحلوت بأن قوات الاحتلال عمدت إلى حرق عدة منازل في منطقة مشروع بيت لاهيا وشنت حملات اعتقال عشوائية بحق من تبقى من السكان فيها، بعد الاعتداء عليهم بالضرب، كما أكد اعتقال إخوته وجميع أبناء عمّه، وبينهم ضياء.

من جهته، قال المرصد الأورومتوسطي: "وثقنا اعتقال صحافيين وأطباء وأكاديميين وكبار سن من مراكز نزوح شمال غزة بعد تعريتهم".

أما لجنة حماية الصحافيين، فعبّرت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني عن "قلقها إزاء التقارير التي تفيد بأن السلطات الإسرائيلية اعتقلت الصحافي ضياء الكحلوت في غزة مع أفراد من عائلته"، ودعت إلى إطلاق سراحه بشكل فوري.

وقال منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة شريف منصور: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد باعتقال مراسل العربي الجديد ضياء الكحلوت في شمال غزة مع أفراد عائلته... يجب على الجيش الإسرائيلي الكشف عن مكان وجوده وإطلاق سراحه على الفور، واتخاذ الخطوات اللازمة لضمان سلامة جميع الصحافيين الذين يغطون هذه الحرب، خصوصاً الموجودين في غزة ويواجهون ضرراً مباشراً".

وأشار بيان اللجنة إلى أن "العربي الجديد واحدة من وسائل الإعلام العربية القليلة التي لا يزال لها وجود فعلي في شمال غزة".

وعبّر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عن قلقه إزاء صور اعتقال الكحلوت وغيره من الفلسطينيين وإجبارهم على خلع ملابسهم ومعاملة قوات الاحتلال الإسرائيلي لهم، وقال إن "الصور التي رأيناها مقلقة للغاية، لأنه لكل شخص الحق الأساسي في الكرامة الإنسانية"، وشدد على "ضرورة نشر المعلومات المتعلقة بمكان وجود الصحافيين في غزة وأسباب اعتقالهم في أسرع وقت ممكن".

ودان المركز القطري للصحافة اعتقال الزميل ضياء الكحلوت، واستنكر "استمرار الاحتلال الإسرائيلي في التنكيل بالصحافيين، سواء من خلال استهدافهم بالقتل مع أُسرهم أو اعتقالهم، فضلاً عن استخدامه كافة الطرق المهينة والوحشية". وشدد المركز، في بيان، على أن "هذه الجرائم المتصاعدة ضدّ الإعلاميين والصحافيين تحتاج إلى وقفة دولية حاسمة لإجبار إسرائيل، صاحبة السجل الأكبر في التاريخ بقتل الصحافيين، على التوقف عن ارتكاب هذه الجرائم ومحاسبتها على ذلك".

كما دانت لجنة دعم الصحافيين الاعتقال التعسفي للصحافي ضياء الكحلوت الذي "يأتي ضمن سياق حملة عسكرية استهدفت بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة. وأكدت اللجنة على أن "إخضاع الكحلوت للتعذيب والمهانة، من خلال تجريده من ملابسه أمام الملأ، يشكل انتهاكاً صارخاً لكرامة الإنسان وللقانون الدولي ويرقى إلى جريمة حرب"، وطالبت بـ"فتح تحقيق فوري وشفاف في هذه الأحداث، للكشف عن الحقيقة وتقديم المسؤولين إلى العدالة".

في سياق متّصل، وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، توجّهت إليه الصحافية دينا أبي صعب بسؤال عن المعتقلين الفلسطينيين في غزة، وبينهم الكحلوت. وجاء في سؤال أبي صعب "شاهدنا اليوم صوراً ومقاطع فيديو تظهر اعتقال العشرات من الفلسطينيين في شمال غزة، ومن بينهم صحافي يُدعى ضياء الكحلوت... هل لديك أي قدرة على معرفة مصير هؤلاء الأشخاص؟ وهل تتعاون إسرائيل معكم في تقديم معلومات عن المعتقلين منذ 7 أكتوبر؟ ولماذا لا تتحدثون عنهم بمستوى الحديث نفسه عن المعتقلين الإسرائيليين؟".

فرد غريفيث بالقول إنه ليس محامياً ليتابع كل اسم بشكل مستقل، مضيفاً: "لقد أظهر لنا إطلاق سراح الرهائن (الإسرائيليين) وكذلك السجناء الفلسطينيين، خلال فترة الهدنة (...) ما هي الإنسانية... نحن، كوكالات إنسانية، لا نفرق من حيث الحاجة بين المعتقلين لدى أي من الجانبين. نريد إطلاق سراح الرهائن. لقد قلنا ذلك في كل مرة، نقول ذلك علناً... إننا نأسف لاحتجاز المدنيين، ونأسف لقتل المدنيين من الطرفين، ونأسف لعدم قدرتنا على العمل بفعالية لصالح هؤلاء، ولا نميز على أساس الجنسية".

وفي حديثه مع برنامج مواكبة على بودكاست "العربي الجديد"، أول أمس، قال ضياء الكحلوت إن "الحرب طويلة ومدمرة في قطاع غزة، وجيش الاحتلال يوسع في هذه الأيام عملياته البرية، والجيش توغل في مناطق جديدة في قطاع غزة، خاصة في مناطق قطاع غزة ومخيم جباليا الذي يضم نصف مليون فلسطيني".

ويأتي اعتقال الزميل ضياء الكحلوت في إطار الانتهاكات المتواصلة التي يمارسها جيش الاحتلال ضدّ الصحافيين منذ السابع من أكتوبر. إذ بحسب أرقام نقابة الصحافيين الفلسطينيين، استشهد حتى اليوم 75 صحافياً وعاملاً في قطاع الإعلام، بينما أصيب قرابة 80 صحافياً بجروح، وفُقد صحافيان اثنان، بينما قصف الاحتلال منازل عائلات 60 صحافياً، ودمر مقار 63 مؤسسة إعلامية، وعطّل عمل 25 إذاعة محلية (24 في غزة وواحدة في الضفة)، وأغلق وقيد عمل 3 وسائل إعلامية.

ومع اعتقال الكحلوت يرتفع عدد الصحافيين الأسرى إلى 44 صحافياً، بينهم 41 في الضفة الغربية وثلاثة في غزة.

المساهمون