اكتشف العلماء الذين يجرون دراسات في الجانب السفلي من أكبر صفيحة جليدية في العالم شرق القارة القطبية الجنوبية، أنتاركتيكا، بحيرة بحجم المدينة، قد تحتوي رواسبها على تاريخ الغطاء الجليدي للقارة منذ نشأتها الأولى، وفقاً لنتائج دراسة جديدة نشرت في 9 مايو/أيار في دورية "جيولوجي".
من شأن هذه النتائج أن تجيب عن أسئلة كثيرة ترددت في الأوساط العلمية لعقود، حول شكل القارة القطبية الجنوبية قبل تجمدها، وكيف أثر تغير المناخ عليها على مدار تاريخها، وكيف يمكن أن يتصرف الغطاء الجليدي مع ارتفاع درجة حرارة العالم. في الدراسة، كشف عن بحيرة أطلق عليها العلماء اسم Lake Snow Eagle بواسطة طائرة بحثية قطبية مزودة بوسائل ثقيلة، وهي التي سميت البحيرة تيمنا باسمها. وأظهرت الصور البحيرة مغطاة بطول ميلين من الجليد، وتقع في واد بعمق ميل في مرتفعات أميرة إليزابيث لاند في أنتاركتيكا، على بعد بضع مئات الأميال من الساحل.
"تظهر هذه الدراسة أول دليل جيوفيزيائي على الإطلاق لتحديد بحيرة كبيرة تحت 3 كيلومترات من الجليد في أنتاركتيكا. وقد تشمل رواسب نهرية أقدم من الغطاء الجليدي نفسه"، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، شواي يان، وهو طالب دراسات عليا في كلية جاكسون لعلوم الأرض في جامعة أوستن في تصريح لـ"العربي الجديد". ويضيف أن الدراسة توضح أيضاً أن هناك طبقة رسوبية في قاع هذه البحيرة يمكن أن تحتوي على سجل رسوبي قيِّم للغاية للبيئة وتغيرات الجليد. يبلغ طول البحيرة المكتشفة حوالي 30 ميلاً وعرضها 9 أميال وعمقها 650 قدماً. ويبلغ عمق الرواسب في قاع البحيرة ألف قدم، وهي واحدة من أكبر البحيرات في القارة القطبية الجنوبية.
ظهرت الإشارة الأولى إلى وجود البحيرة والوادي المضيف، عندما اكتشف العلماء انخفاضاً سلساً على صور الأقمار الصناعية للغطاء الجليدي. لتأكيد وجودها هناك، أمضى الباحثون ثلاث سنوات في إجراء مسوحات منهجية فوق الموقع باستخدام رادار اختراق الجليد وأجهزة الاستشعار التي تقيس التغيرات الدقيقة في جاذبية الأرض والمجال المغناطيسي. وأوضح يان أن عملية جمع البيانات المستخدمة في هذه الدراسة جرت من خلال عمليات المسح الجيوفيزيائي المحمولة جواً، في السنوات الماضية. وأجري الاستطلاع من خلال منصة التعاون الدولي ICECAP2. أضاف يان: "استخدمنا جهاز الرادار لاختراق الجليد لتحديد البحيرة، واستخدمنا الجاذبية المقاسة والمجال الجغرافي المغناطيسي لتقدير سمك الماء والرواسب، وللحصول على فكرة عن جيولوجية الموقع".
ترجح نتائج الدراسة أن يكون لهذه البحيرة سجل كامل لتاريخ الصفيحة الجليدية في شرق القارة القطبية الجنوبية، والتي بدأت منذ أكثر من 34 مليون سنة، بالإضافة إلى نموها وتطورها عبر الدورات الجليدية منذ ذلك الحين. تشير النتائج أيضاً إلى أن الغطاء الجليدي قد تغير بشكل كبير منذ حوالي 10 آلاف عام، على الرغم من أنه ليس لدى العلماء أي فكرة عن سبب حدوث ذلك التغير. ونظراً لكونها قريبة نسبياً من الساحل، يعتقد الباحثون أن بحيرة Lake Snow Eagle قد تحتوي على معلومات حول كيفية نشوء الصفيحة الجليدية في شرق القارة والدور الذي لعبه التيار القطبي الجنوبي، وهو عبارة عن حلقة من المياه الباردة تدور حول القارة والتي يعتقد العلماء أنها مسؤولة عن إبقائها باردة.
وأشار المؤلف الرئيسي في الدراسة إلى أن البحث لا يزال جارياً في منطقة البحيرة، وأنه وفريقه لا يزالون يعملون على هذا الموضوع، مضيفا أن "مشروعي الحالي هو دراسة تطور هذه البحيرة والشبكة الهيدروليكية تحت الجليدية المحيطة بها من خلال الدورات الجليدية، والتي من شأنها أن توفر مرجعاً أفضل للحفر المستقبلي للرواسب".