أبدى مصريون في محافظة الإسكندرية استياءً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، فور انتشار أخبار وصور إنشاء مقاه أعلى جسر سيدي جابر، وسط المدينة الساحلية، والذي تم إنشاؤه مؤخراً ضمن مشروع سياحي تسبب في حجب مشهد البحر، إلى جانب هدم المباني الأثرية التي تعوق تنفيذ المشروع.
وتداول مواطنون في الإسكندرية صوراً لأعمال الإنشاءات الجديدة على طريق الكورنيش، ممّا جدّد انتقادات متخصصين ومعماريين عن جدوى ما وصفوه بأنه "مشروعات خاصة وليست عامة لصالح أفراد أو جهات وتشوه المظهر العام ولا يستفيد منها أهل المدينة".
وكان إنشاء الجسر، الذي أقيم ضمن مجمع سياحي ترفيهي من منطقة سيدي جابر بوسط المدينة، قد تعرض لانتقادات من المواطنين الذين نظموا احتجاجات وحركوا دعوى قضائية حينها، بدعوى إقامته بالأمر المباشر ومن دون إعلان مسبق أو دراسة الأثر البيئي والنسق الحضاري.
ونشر المغردون تعليقات واعتراضات على صور للمشروع، مؤكدين أن الإسكندرية "صارت محافظة المقاهي، لا عروس البحر"، فيما نظم نشطاء حملة "كفاية تطوير... كفاية كافيهات"، ضدّ ما وصفوه باحتلال المقاهي والمطاعم لطريق الكورنيش الرئيسي بالمدينة بشكل يمنع المواطنين من رؤية البحر، في مخالفة للقانون مستمرة منذ سنوات.
وانتقد علاء حجازي عبر "فيسبوك" إقامة مقاه أعلى الجسر، قائلاً: "الناس اللي بتخطط وتنفذ هذه المشاريع، مش واخده في اعتبارها أنها فوق كوبري، وتعوق حركة السير بثلاثة عوائق، الأول هو تكدس السيارات أول مطلع الكوبري لدخول محلات تيفولي، والثاني هو مدخل كافيهات Drive Thru في الثلث الأول من الكوبري، والثالث هو مخرج كافيهات Drive Thru في الثلث الأخير من الكوبري".
بدوره قال محمد طلعت: "إحنا لو راضعين قهوة وشيشه مش هيبقى عندنا كم الكافيهات دي، إحنا مش ناقصين كافيهات، كفاية بجد عشوائية تخطيط، الإسكندرية تستغيث منكم، كفاية تطوير بقى".
وكتبت رانيا حمزة: "بالله عليكم ترحمونا، الإسكندرية تشوهت تماماً، وخصوصاً بعد التصميم الأخير لما فوق كوبري سيدي جابر".
وكتب علي محمد قاسم: "إسكندرية بلد الكافيهات... ويرجعوا يقولو الشباب قاعد على القهاوي ليه؟ مانتو بتشجعوهم وعمال تعمل لهم قهاوي بدل المصانع وأماكن الإنتاج".
وقال مهاب فتحي: "موضوع انهم يعملوا دريف ثرو على كوبري سيدي جابر ده شيء محير فعلاً بعيداً عن إن إسكندرية مش ناقصة كافيهات بس عامل دريف ثرو على البحر وفوق كوبري".
وهاجمت لالا محمد الفكرة قائلة: "كوبرى وعليه كافيهات... لصالح مين؟ هل قدر علينا ان نكون إسكندرانية ولا نتمتع بشواطئنا... الكافيهات حجبت عنا رؤية البحر... ولا إجباري ندخل الكافيه غصباً لاتمتع برؤية البحر... أين أمشي وأتريض حتى التراك أصبح جراج وموقف للسيارات... الإسكندرانية تاهوا في بلدهم! لن نتعرف عليها بالله عليكم أين الإسكندرية ".
كذلك هاجمت إيمان مرتضى المشروع قائلة: "بجد حقيقي كنا محتاجين فعلاً لمشروع زي ده عندنا نقص كبير في المنطقة دي منكم لله الكافيهات بقيت فوق الكوبري وتحت الكوبري وفوق البحر وان شاء الله تعملوا تحت البحر وتغرقوا.. وهو مفيش حد ينجدنا من أفكارهم الجهنمية دي. إسكندرية اتخنقت خلاص".
ومن جانبها أشارت الدكتورة علا عبد المنعم، المرشدة السياحية والباحثة في التاريخ، في حديثها مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "ازدياد عدد المقاهي والكافيهات أمام الشاطئ لم يكن واضحاً فقط في الأشهر الأخيرة، بل يمكن رصده على مدار السنوات القليلة الماضية، حيث تمتلئ الواجهة البحرية بمئات المقاهي، ممّا يؤثر سلباً على المشهد الجمالي للمدينة، ويقيد حرية التنقل للمارة.
وأضافت الخبيرة السياحية: "واحدة من المشكلات الرئيسية التي يشكو منها الأهالي هي حجب الرؤية للشاطئ الرملي الجميل والبحر الأزرق الفسيح، فالمقاهي التي تقع أمام الشاطئ، ومنها المصممة حديثاً أعلى كوبري سيدي جابر، تقوم بتركيب هياكل وأثاث ضخمة تحجب الرؤية البانورامية، وتحجب الأشعة الشمسية عن المارة والمستجمين، كما يشعر البعض بأن هذه المقاهي تعمل على تحويل الكورنيش من مكان عام مفتوح لمكان محجوز يتطلب دفع رسوم للاستمتاع به".
وطالبت بتنظيم الأنشطة التجارية على الشاطئ وتحديد حد أقصى لعدد المقاهي والكافيهات المسموح بها، مع التأكيد على تنفيذ الجهات الحكومية المنوطة لإجراءات رقابية صارمة لضمان احترام المساحات العامة والحفاظ على جمالية الكورنيش.
وحسب تصريحات محافظ الإسكندرية السابق اللواء محمد سلطان، فإن جسر سيدي جابر، أحد أجزاء مشروع "توليب سي سكوير"، الذي تنفذه الإدارة العامة لنوادي القوات المسلحة، ويتضمن مجمعاً سياحياً داخل الشاطئ، وفندقا يحوي موقف سيارات مُتعدد الطوابق أمام الشاطئ، وجسرا يربط المشروع بالجهة المقابلة، من خلال مسار علوي معزول، بالإضافة إلى نفق يربط المجمع السياحي بمصطفى كامل بالفندق بمنطقة رشدي، وأن هدف المشروع هو جذب استثمارات للإسكندرية، وتحويل منطقة النوادي لمنطقة سياحية، متكاملة، وتحقيق سيولة مرورية.
وسبق أن رفض رئيس لجنة الحفاظ على التراث بالإسكندرية، الدكتور محمد عوض، استكمال أعمال مشروع سيدي جابر دون الأخذ بالاعتبار انتقادات الفنيين والمعماريين والمواطنين، كما لفت إلى أن الصور التي تم نشرها للجسر يتضح فيها جريمة إفساد الذوق العام وعدم التنسيق في عمل جسر بطريق لا يتناسب معه، حسب وصفه.
وأكد عوض، أن الادعاء بأنه منتجع سياحي ضخم تبرير أسوأ، حيث إن المشروع السياحي يجب أن يتناسب مع طبيعة المكان الذي يقام فيه، وليس توظيف المكان وتشويهه وإجبار سكانه على قبوله دون أن تكون طبيعته تتوافق مع المشروع.
بدوره، نشر المهندس وأحد مؤسسي مبادرة "أنقذوا الإسكندرية"، شريف فرج، تعليقات ساخرة على صفحته الشخصية عبر "فيسبوك"، قائلًا إن محافظة الإسكندرية، هي إحدى محافظات جمهورية مصر العربية والعاصمة الثانية، وكان يحدها شمالاً البحر"، وذلك في إسقاط على حجب رؤية البحر عن الطريق. كما قال في منشور آخر: "حولوا شارع عمومي لجراج وقالوا احنا عاملينه للناس وهما عاملينه لفندق سياحي".
وانتقد ما وصفه بالأخطاء الفنية والمعمارية لإقامة جسر في طريق متوازٍ، رغم أن الجسور لا تتناسب إلا مع طبيعة الطرق المتقاطعة، وكذلك انتقد خطأ إنشاء جراح متعدد الطوابق في طريق سيدي جابر.