يعرض، منذ أشهر، على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC مسلسل "رصيف الغرباء"، قصة طوني شمعون وإخراج إيلي معلوف. المسلسل يحقق أعلى نسبة مشاهدة في لبنان، لكن ذلك لا يعفي المنتج والمخرج معلوف نفسه من الوقوع مرة جديدة في فخ استدراج المشاهد إلى مسلسل لا يلتزم بالشروط التقنية ولا الأداء السليم لبعض الممثلين المشاركين ضمنه. ويفتح الباب والأسئلة حول الشراكة التي يكسبها المنتج مع أصحاب المحطات التلفزيونية في لبنان، وإصرار الطرفين على هذا الإنتاج البسيط، الذي يعيق عملية تطوير أو تصدير الدراما اللبنانية إلى الخارج.
ليس هذا فحسب، الأمر لم يبدأ مع "رصيف الغرباء"، وإمعان إيلي معلوف في عرض وإنتاج مثل هذه الأعمال منذ سنوات، بعدما فتح الباب أمامه المنتج مروان حداد، واعتمد الجميع على تقديم تنازلات لصناعة محتوى درامي أو مسلسل متكامل.
التنازل حوّل الاستخفاف بالعنصر التقني والبشري، إلى تنفيذ أو تصوير المسلسل، وتقسيط أجور المتعاونين من فريق ورش التنفيذ والممثلين، واستغلال حاجة بعضهم للعمل، وعدم الالتزام بالمعايير أو القواعد العامة لمشروع مسلسل يبدأ بحلقات معدودة، ثم يتحول إلى مسلسل طويل تتجاوز حلقاته أحياناً المئة حلقة.
المخرج إيلي معلوف قدم قبل سنتين مسلسلاً مشابهاً في الركاكة بعنوان "موجة غضب"، تأليف زينة عبد الرازق، وفاجأ متابعي هذا النوع بتقديم الجزء الثاني من المسلسل في بداية رمضان الماضي، وهو يقع في دائرة المسلسلات الفاشلة التي تحرز تقدماً في المتابعة من خلال نتائج المتابعة على مواقع التواصل والمحطة نفسها، لكن ذلك لا يحمي معلوف ولا شركاءه في الإنتاج من نقد لاذع يتعرض له أثناء عرض كل حلقة.
كل ذلك، يعيق أي تقدم بإمكان الدراما اللبنانية تحقيقه، بدءًا من النصوص، ومحسوبيات بين بعض الكتّاب اللبنانيين، وبين المنتجين أنفسهم، ما يساهم في تأليف ثلة ضيقة لتقاسم الأدوار والأعمال.
من جهتها، تتجه محطة MTV اللبنانية إلى إنتاج مسلسل جديد، مؤلف من عشرين حلقة، سيعرض ضمن موسم أعياد نهاية السنة الحالية. المحطة دأبت، منذ ثلاث سنوات، على تقديم قصة تتزامن مع مناسبة الميلاد، وأوكلت مهمة السيناريو للكاتبة اللبنانية كلوديا مرشليان، بشراكة تجارية مع مؤسسة عربية، يجري تبادل الخبرات بينها وبين الكاتبة اللبنانية. مرشليان قدمت لموسمين سابقين مسلسلين على الشاشة ذاتها، هما "أم البنات" و"ع اسمك"، من إخراج فيليب أسمر. وشكلت من خلالهما فريق عمل مترابط بين الأبطال، وأصحاب الأدوار الثانوية.
ونهاية هذه السنة، ينفذ الجزء الثالث من القصص التي تطرح مشاكل العلاقات الإنسانية إبان فترة الأعياد، فيما لم يعرف ما إذا كان المخرج فيليب أسمر قد أعطى موافقته للعمل مجدداً في الدراما اللبنانية، بعدما قدّم مسلسلين، نالا قسطهما من النجاح في رمضان الماضي، "عشرين عشرين" و"للموت".
الواضح أن لا مجال لإنقاذ الدراما اللبنانية في الوقت الحالي، وجل ما يترتب على واقع الحال اللبناني المعيش، هو الانتظار للخروج من هذا المأزق، في وقت يفاخر فيه بعض المنتجين اللبنانيين بإنتاج الدراما المشتركة، ونقل صورة مهنية عن هذه الصناعة التي تفتقد لعنصر إساسي وهو تصديرها للخارج.