احتفالات عيد الميلاد في مدينة الفحيص

24 ديسمبر 2022
من أجواء الاحتفاء بموسم الأعياد (غادة الشيخ)
+ الخط -

لا تحتاج مدينة الفحيص إلى أن تزين شوارعها وجدرانها وأعمدتها بزينة عيد الميلاد المجيد، حتى تثبت لمن يمر منها بأنها مميزة، فبمجرد أن تجاوزت الدوار الفاصل بين منطقة دابوق في عمّان وأعتاب منطقة بدر، أو أنهيت طريق السلط عودة إلى العاصمة، وقابلتك لافتة الفحيص، ستعلم أنك في مكان مميز جداً.

ربما تعد مدينة الفحيص، صغيرة المساحة، من المناطق الأردنية القليلة التي حافظت على روحها وهويتها. يشبهها في ذلك شارع الخضر في محافظة السلط. وتحاول كل من منطقتي جبل عمّان وجبل اللويبدة أن تستمدا من الفحيص عنادها بألا تتغير وتستسلم لرياح التمدين.

عادة، يختار الصحافيون والمدونون الأردنيون أماكن سياحية للكتابة عنها، أو نشر فيديوهات من شأنها أن تدغدغ شعور المتابع أو القارئ العربي والأجنبي، وتشجعه لزيارة تلك الأماكن، إلا مدينة الفحيص التي لا تصنف أصلاً ضمن قائمة الأماكن السياحية، لكنها لديها موهبة لفتت انتباه كل من يصل إليها.

تتميز بأهلها الذين لم تغرهم، على مر عقود، كل التطورات الإنشائية والعمرانية التي شهدتها مناطق الأردن، فلا الأنفاق ولا الأبراج ولا حتى السيراميك والمطبخ الأميركي استطاعت أن تؤثر بهم، إذ حافظوا على هويتها، سواء بحجرها المائل إلى اللون البرتقالي، وعماراتها، أو حتى في دكاكينها.

وحديثاً، فقط، بدأ أهل الفحيص يوافقون على إقامة أو فتح مشاريع صغيرة فيها من أشخاص خارج المنطقة، إذ طالما ساد الرعب أن يصل إليهم "دخلاء"، من شأنهم أن يغيروا من هوية المنطقة، ويجلبوا معهم أفكاراً قد تزعزع من أصالة المدينة وعراقتها، خصوصاً ذلك الرعب المتعلق بفتح محلات ملابس لماركات عالمية.

تصر الفحيص على أن تلازم الدهشة لكل من يمر منها، يتجلّى ذلك خلال الفترة الحالية في كل عام في الأردن، فتضيف إلى تميزها وتفردها تميزاً بأجواء عيد الميلاد، لتستقبلنا الأضواء الصغيرة المصفوفة على أسلاك الكهرباء وشجرة الميلاد التي دشنتها أخيراً الملكة رانيا.

اعتاد الأردنيون أن تكون ولادة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد من أراضي الفحيص، على الرغم أن محافظة مادبا مثلاً فيها أغلبية للمكون المسيحي الأردني أيضاً.

وغالباً ما تزين الأماكن في الأردن زينة الميلاد في رقعة واحدة فيها، مثل المراكز التجارية التي تختار مساحة واحدة فيها لنصب شجرة العيد، كذلك منازل المسيحيين، وحتى الكنائس، إلا الفحيص التي في كل بضعة أمتار فيها تستقبلنا زينة ميلاد، بدءاً من دوار الفحيص، مروراً بدوار الحصان، ورواق البلقاء، وانتهاء بمقر البلدية الذي يحظى بالزينة الأكبر والأكثر، ففي منتصف المكان نُصبت شجرة الميلاد الرئيسية. وعلى مسرح البلدية تماثيل وأضواء على طول زوايا المسرح، ناهيك عن أصوات أجراس الميلاد وموسيقى الترانيم الكنائسية التي تعم المكان منذ الآن.

حتى روائح كعك العيد بالجوز، والتمر والفستق، بدأت تفوح من أبواب بيوت أهل الفحيص، المحاطة بكم هائل من محلات ومكتبات بيع الزينة التي تنتعش في مثل هذا الوقت من كل عام.

تنتظر الفحيص في كل عام حتى يدرك الأردنيون قيمتها المعنوية، وتحرص بحيلها الذكية، عبر فعاليات احتفالاتها وتعبيرها عن فرحة عيد الميلاد، على أن تذكر الأردنيين بأن في بلدهم مكاناً مختلفاً، يستحق التقدير وجهد المواصلات من أجل الوصول إليه.

المساهمون