إليسا في "أنا سكتين"... مجرّد تدوينات ذاتية

30 يونيو 2024
تورّطت في مشاكل قانونية مع شركة وتري (استيفان دانا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خاضت إليسا مغامرة الإنتاج الذاتي بألبوم "أنا سكتين" تحت شركتها E-Records، معبرة عن رحلتها الفنية ورغبتها في الاستقلالية بعد مسيرة طويلة مع روتانا.
- واجهت تحديات كبيرة بما في ذلك نقص الخبرة، خلافات قانونية مع شركة التوزيع، وضجيج حول إطلاق الألبوم وإعلان اعتزال مؤقت، مما رفع التوقعات.
- رغم الأزمات، يسلط الألبوم والوثائقي الضوء على جوانب من مسيرة إليسا وشخصيتها، لكن دون تحقيق نجاح كبير أو تقديم تغييرات جذرية في أسلوبها الفني.

خاضت إليسا الرحلة الإنتاجية الأطول والأكثر تعقيداً في مسيرتها الفنية في ألبومها الأخير "أنا سكتين". الألبوم الأول من إنتاج شركتها الخاصة E-Records، في رحلة تشبه إلى حد كبير فترة بدايتها الفنية بين لحظة تخرجها من برنامج المواهب "استديو الفن" عام 1992 إلى إطلاق ألبومها الأول "بدي دوب" (1998)، بعد فترة طويلة من البحث عن جهة إنتاجية تقتنع بها. وبعد أكثر من 25 عاماً، حافظت بها إليسا على سياستها بطرح ألبوم كل عامين، غابت أربع سنوات قبل الإفراج أخيراً عن "أنا سكتين".

أوضحت السنوات الأخيرة من حياة إليسا عن جوانب جديدة في شخصيتها. أول هذه الجوانب هو افتقارها إلى الاحترافية اللازمة في إنتاج أعمالها الفنية، بعدما ظلت أكثر من 12 عاماً تحت رعاية شركة روتانا، ظهرت المغنية هاويةً ومبتدئةً في صناعة الموسيقى، بسبب عدم قدرتها على طرح ألبومها الأول من إنتاجها الخاص بطريقة طبيعية. وبعيداً عن اتخاذها هذه الخطوة متأخرة سنوات عن العديد من زملائها، مثل عمرو دياب ونانسي عجرم وسميرة سعيد، ممن اتجهوا إلى الإنتاج الذاتي وامتلاك حقوق أعمالهم، فقد فشلت في طرح الألبوم عدة مرات بعد الإعلان عن مواعيده بداية من 2022 إلى 2024.

وإلى جانب الارتباك وعدم القدرة على تحديد موعد الألبوم، خاضت إليسا خلافاً مع شركة وتري للتوزيع، تسبب في حذف أغانيها الجديدة من "يوتيوب"، لعدم قدرتها على فسخ التعاقد مع الشركة قانونياً من أجل التعاقد مع "روتانا" لتوزيع الألبوم، ما جعلها في النهاية تضطر إلى طرح الألبوم فجأةً على منصات الاستماع من دون دعاية ومن دون يوتيوب، كإعلان استسلام أمام التحديات القانونية، التي دلت على عدم تناسب حجم نجوميتها مع حجم خبراتها القانونية والإنتاجية في صناعة الموسيقى.

جاءت خطوة إليسا لإنتاح ألبومها ذاتياً من أجل امتلاك حقوق أغانيها، بعد خلاف مع "روتانا" حول هذا الجانب. ورغم ذلك، لم تنجح إليسا في الحصول على حقوق أغانيها على "يوتيوب" لأنها لم تُوجد فيه من الأساس. وسبق الألبوم ضجيج ودراما من جانب إليسا، بدآ بإعلانها الاعتزال في إحدى الفترات بسبب ما وصفته، حينها، بوجود عصابات في مجال الإنتاج الموسيقي، إضافة إلى عشرات التغريدات التي تحدثت فيها عن تعرضها للظلم من شركة "وتري"، إلى الدراما الأخيرة في عملها الوثائقي على "نتفليكس"؛ It's OK.

استعرضت إليسا في العمل الوثائقي رحلة صعودها باحتفاء، ونظرت من القمة إلى انكساراتها وتحدياتها من البدايات إلى مرحلة الإنتاج الخاص في ألبوم "أنا سكتين"، الذي كان من المفترض أن يكون ذروتها على القمة بطرحه تزامناً مع العمل الوثائقي، على غرار نجمات العالم. ولكن استمراراً لحالة التخبط، انتهى العمل الوثائقي بإعلان تأجيل الألبوم لحين انتهاء الأزمات القانونية، ليفسد الغرض الأساسي من الفيلم ونهايته.

رفع هذا الضجيج سقف التوقعات على ألبوم إليسا "أنا سكتين"، الذي من المفترض أن يكون بداية إنطلاقة جديدة وعلامة فارقة في مسيرتها، ولكن انتهت الدراما بمجرد طرح أغانيه، التي جاءت على نفس منوال أغاني ألبوماتها الأخيرة مع "روتانا"، والتي لم تحظ بالنجاح المعتاد، تحديداً منذ ألبوم "إلى كل اللي بيحبوني" في 2018، الذي تزامن مع فترة تعافيها من السرطان، وكان عنوان الألبوم يشير إلى المرحلة الجديدة التي تعيشها المغنية اللبنانية، بالاكتفاء بمن يحبها شخصياً فقط، من دون بذل مجهود لإرضاء الجمهور فنياً، أو كسب جمهور جديد من خلال الموسيقى.

في هذه المرحلة الجديدة، تهتم إليسا في المقام الأول بكلمات الأغاني وعناوينها وأي أعمال أخرى تعزز صورتها سيدةً قوية، وتتحدث فيها عن صفاتها واختلافها، مع إهمال ملحوظ للعناصر الفنية الأخرى، مثل الألحان والتوزيع الموسيقي والتعاونات الجديدة. وكأن الأغاني أصبحت عبارة عن تدوينات ذاتية، على عكس المرحلة الأولى من مسيرتها، التي كانت مليئة بالتجارب الموسيقية المختلفة بداية من ألبوم "بدي دوب" إلى "أحلى دنيا". وتطور هذا الاهتمام إلى هوس بتمجيد الذات والاستعراض، مثل أغنية "ًصاحبة رأي" في ألبومها الصادر عام 2020، وفي ألبومها الأخير مثل أغنية "أنا سكتين" و"من أول السطر".

يبدو أن إليسا أصبحت أسيرة صورتها الناتجة عن ألقاب "صاحبة رأي" و"ملكة الإحساس"، التي قد تكون السبب في عدم قدرتها على بذل جهد إضافي في أعمالها الموسيقية، بنظرية أن من يحبها سيظل يحبها كما هي ومن يرفضها سيظل يرفضها، ولكن لا وجود لهذه النظرية في صناعة الموسيقى والمنافسة، التي تحتم عليها بذل جهد أكبر من أجل مفاجأة الجمهور موسيقياً، ومخالفة التوقعات، وعمل التعاونات الموسيقية المختلفة، وأخيراً الاستعانة بالخبراء في مجال القانون والإنتاج بدلاً من الاعتماد على خبرتها الشخصية فقط.

تتغنى إليسا في ألبومها "أنا سكتين" بالتناقضات في شخصيتها: جنة وجحيم، حلم وكابوس، ضحك ودموع، مثل ما تتغنى إليسا في عملها الوثائقي بجرأتها وحبها للتغيير ودعم الحرية وقضايا المرأة، وهي الصورة التي تبذل بها جهداً كبيراً من خلال البرامج والتغريدات وعناوين الأغاني، ولكنها لا تنعكس على فنها واختياراتها الحقيقية، فهي ما زالت تحتفظ بأسلوبها القديم في الغناء وتخشى الجرأة والتغيير حتى في أبسط التفاصيل الفنية مثل الأداء الصوتي النمطي لها.

بل تعتذر إليسا أحياناً في حال نُسبت آراء تحررية إليها قد تتسب في ضرر سياسي لها في مصر أو السعودية، وقد تتطرف في التناقض لدرجة الغناء مع سعد لمجرد، المتهم بسلسلة من قضايا الاغتصاب والاعتداء ولم ينتهِ منها بعد، في دويتو "من أول دقيقة"، وتصبح في مقدمة الفنانين الداعمين له، وهي صاحبة أشهر الأغاني حول العنف الزوجي والعنف ضد المرأة مثل "يا مرايتي" و"عكس اللي شايفينها" و"من غير مناسبة".

المساهمون