لا يمكن وصف الحالة التي عاشها صناع مسلسل "للموت 2". فمن الحلقة الأولى لهذا المسلسل، خرجت الحبكة عن السياق العام، وتباعدت رؤية المخرج والكاتبة وحتى بطلة العمل ماغي بو غصن.
بو غصن تحولت في الحلقات الأخيرة إلى "البطلة" التي لا تقهر، تُحاكم وتحاسب وتقتل وتروج للمخدرات بطريقة مصطنعة، كأن دورها مقصود أو أقرب إلى مقولة "خالف تُعرف".
كل ذلك حصل بعيداً عن أي مبرر درامي حدثي قادر على إنقاذ المسلسل من الانتقادات التي تعرض لها، والأسئلة المنطقية لردة الفعل. ومن الواضح أن كاتبة "للموت2"، نادين جابر، لم تكلف نفسها عناء دراسة الشخصيات المفترضة في رواية ضعيفة من الأصل. وهي تعتمد على معاناة "سحر" و"وجدان" بعد خروجهما من دار الأيتام، وتحولهما إلى عصابة للنصب على رجال مال وأعمال عن طريق حيلة الحب.
ولا تقف رؤية نادين جابر عند هذا الحد، بل إذا قمنا بتحليل النص والسيناريو المتداول في الجزأين الأول والثاني من "للموت"، سنجد أننا أمام قصة ممجوجة، فقدت الكاتبة السيطرة على مجرياتها. وترك المخرج فيليب أسمر الساحة أمام الممثلين للتعبير بحرية أثناء التصوير، وهذا ما أضعف المشاهد، وأغرق "للموت 2" في وابل من الشتائم طوال الحلقات الماضية، إضافة إلى الصراخ دون مبرر.
اعتمدت جابر على حوارات ضعيفة، مكررة من الجزء الأول، ونسيت الصراع الذي من المفترض أن يؤجج حركة تصحيحية عانى منها المسلسل في الجزء الأول، وحاولت الصعود على ما هو متداول من تفاصيل، يشكل بعضها ضربًا من الخيال، ولا يمكن أن يصبح حقيقة على أرض الواقع.
محمد الأحمد الذي يلعب دور "هادي" في "للموت 2" بدا ضعيفاً جداً، وحواراته معدودة، وكل محاولاته للخروج من أجواء الحصار ظهرت بائسة، وانعدمت رؤية المنتج المنفذ عن المساحة الخاصة بالمسلسل، وتحولت المباراة بين الممثلين أنفسهم إلى نقطة ضعف واحدة، لم تسعف المسلسل، بل أسقطته في فخ الحالات الاجتماعية، بعيداً عن أي بحث يؤكد صواب رؤية الكاتبة، أو المدرسة الواقعية التي بني عليها المسلسل من أصله.
تمارس بطلة المسلسل، ماغي بو غصن، حالة من السيطرة الواضحة على عناصر الجزأين الأول والثاني من المسلسل، هي وحدها وباقي فريق العمل إلى الخارج.
لا يمكن أن يُعوَّل على منصّات عرضت هذا العمل واعتبار ذلك نجاحًا غالبًا ما يؤثر على "الترند" التجاري أو يعلق في أذهان المتابعين لوقت بسيط، وهذا بحد ذاته لا يمكن وصفه بالإنجاز ولا حتى بالنجاح. ثمة مسائل أخرى يُبنى عليها أو يستغلها النجاح، وهذا ما أغفله "للموت 2"، وبالتالي فتح الباب مجدداً أمام الفئة المهمشة والأسئلة التي بالإمكان أن تتقاطع مع "وجدان" و"ريم" أو من هنّ في مثل حالتهما.
كان من الأفضل أن تقوم نادين جابر بأبحاث حول جميع شخصياتها في المسلسل لتقديم مادة جذابة. ولا يقتصر الأمر على "للموت" بل يتعداه، ليشمل كل روايتها أو مسلسلاتها التي تعاني الضعف الواضح منذ البدايات.