إطلاق مشروع لتوثيق استشهاد الصحافيين الفلسطينيين في غزة

26 يونيو 2024
من الندوة الافتتاحية التي نظمها مركز تطوير الإعلام في بيرزيت اليوم (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت يطلق مشروعاً بتمويل من "يونسكو" لتوثيق حياة واستشهاد 125 صحافياً فلسطينياً خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، بمشاركة فريق من الصحافيين.
- الفريق يواجه تحديات مثل النزوح وضعف الإنترنت لكنه يستخدم تقنيات صحافية متقدمة لتوثيق ظروف استشهاد الصحافيين، مما يسهم في إدانة الاحتلال الإسرائيلي.
- المشروع يهدف إلى إلقاء الضوء على الانتهاكات ضد الصحافيين وأهمية أنسنة قضاياهم، مع دعوات لتضافر الجهود لترجمة ونشر القصص عالمياً، خاصة في اليوم العالمي للإفلات من العقاب.

أطلق مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت، الأربعاء، مشروعاً عنوانه "الإبادة الصحافية"، يهدف إلى توثيق حياة واستشهاد الصحافيين الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على  قطاع غزة، وإجراء تحقيقات لمواجهة إفلات مرتكبي الجرائم بحق الصحافيين من العقاب.

وعمل الفريق الذي يضم رشا أبو جلال ويحيى اليعقوبي وأحمد أبو قمر، على مدار أشهر، من أجل توثيق قصص استشهاد 125 من الصحافيات والصحافيين الفلسطينيين خلال حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويهدف المشروع المموّل من "يونسكو"، عبر الصندوق العالمي لحماية الصحافيين، إلى توثيق مسيرة حياة وقصص استشهاد الصحافيين في غزة، إضافة إلى ثلاثة تحقيقات استقصائية حول الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الصحافيين الفلسطينيين، ضمّها كتاب أشرف عليه وحرّره صالح مشارقة.

"إبادة" الصحافيين الفلسطينيين

لفت منسق الأبحاث والسياسات في مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت، والمشرف على المشروع، صالح مشارقة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن العمل على المشروع بدأ في منتصف العام الماضي بآلية مختلفة لتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين الفلسطينيين بعدد محدد من التقارير. لكن مع اندلاع حرب الإبادة على غزة، تغيّرت الفكرة برمّتها، وتحولت لتوثيق قصص حيوات شهداء الصحافة في قطاع غزة، في ظلّ العدوان، وظروف وملابسات استشهادهم.

وأفاد مشارقة بأنّ المشروع اعتمد تقنية القصة الصحافية بدل التقرير الإخباري، ممّا يوفر لأي جهة دولية ذات اختصاص، أو مؤسسة حقوقية دولية، أو لجان التحقيق المختلفة، إمكانية الوصول إلى معلومات غير مسبوقة حول ظروف استشهاد 125 صحافياً في غزة، معتبراً أنّه وثيقة إدانة جديدة للاحتلال، تثبت ارتكابه جرائم متعمدة بحق الصحافيين الفلسطينيين.

وأشار مشارقة إلى صعوبات جمّة رافقت إنجاز هذا العمل، من بينها الوصول إلى عائلات الصحافيين الشهداء، في ظل النزوح المتكرر، وتعذر التواصل عبر الهواتف النقالة وغير النقالة، وضعف شبكة الإنترنت، وهو الأمر الذي صعّب أيضاً التواصل مع الفريق المتعاون في غزة.

وقالت الصحافية المشاركة في المشروع من الضفة الغربية، عزيزة نوفل، إنّه خلال مشاركتها في التحقيقات حول انتهاكات الاحتلال بحق الصحافيين الفلسطينيين، تبيّن لها ارتفاع وتيرتها بعد السابع من أكتوبر. وأشارت أيضاً أنّه خلال توثيقها اعتقال الصحافيات في الضفة الغربية، اكتشفت سياسات عقابية جديدة بحقهن، علاوة على التعذيب في السجون، كالتهديد، والحبس المنزلي، وغيرها. وأضافت لـ"العربي الجديد": "الانتهاكات تكثّفت بشكل كبير وغير مسبوق بعد بدء حرب الإبادة على غزة".

وقدّم الصحافي المشارك في المشروع من غزة، أحمد أبو قمر، عبر فيديو مصوّر له من بين ركام المنازل في مخيم جباليا، شهادة أكد فيها صعوبة توثيق قصص وحكايات الصحافيين الشهداء، وآثاره النفسية الصعبة، إضافة إلى صعوبات ميدانية في التنقل، والوصول إلى عائلاتهم وأصدقائهم وجيرانهم من مصادر المعلومات.

من جهتها، بينت الصحافية وعضو فريق التوثيق، رشا أبو جلال، إلى أن عدم ظهورها في بث مباشر من غزة، سببه ضعف شبكة الإنترنت، ممّا يدلّل على الصعوبات التي عاشها ويعايشها فريق توثيق المشروع خلال عمله. كما لفتت إلى أنها كتبت 75 قصة من قصص الكتاب، نزحت خلال توثيقها وصياغتها ستّ مرات، هرباً من قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي.

وأشارت أيضاً إلى أنها كتبت معظم القصص في خيام النزوح، متحدثة عن الصعوبات النفسية التي كانت تعاني منها عند استعادة حكايات الصحافيين الشهداء، خاصة الأصدقاء منهم. كذلك، شدّدت على أهمية المشروع، إذ يؤكد على أننا "لسنا أرقاماً بل تجارب حياة"، فـ"الجثامين التي تحمل دروع الصحافة المخضبة بدمائهم، تحمل كل منها قصة وحكاية، وهو ما وثقه الكتاب".

وأكّد الصحافي يحيى يعقوب من فريق البحث على ما قاله زميلاه، مشدداً على ضرورة فضح جرائم الاحتلال اليومية وغير المسبوقة بحق المدنيين في قطاع غزة عامة، والصحافيين منهم على وجه الخصوص، وتعميمها حول العالم.

أمّا نائب رئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين عمر نزال فأكّد أهمية المشروع الذي "يقدّم صبغة مختلفة في التوثيق، لجهة أنسنة قضايا الشهداء من الصحافيات والصحافيين، الذين سعوا لإيصال ما يحدث على أرض الواقع في قطاع غزة إلى العالم".

من جهتها، شدّدت المتحدثة باسم "يونسكو"، هلا طنوس، على ضرورة تضافر الجهود لجهة استكمال التوثيق، وإطلاق الكتاب بالتزامن مع اليوم العالمي للإفلات من العقاب في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وترجمته إلى عدة لغات.

غزة بروجكت

خلال الأسبوع الحالي أيضاً نشر كونسورتيوم "غزة بروجكت"، الذي جمع طيلة أربعة أشهر عدداً من وسائل الإعلام الدولية، وضمّ 50 صحافياً يمثّلون 13 منظمة، برعاية شبكة فوربيدن ستوريز (قصص محرّمة) الدولية والمتخصّصة في التحقيق، نتائج حالات استشهاد صحافيين فلسطينيين في القطاع.

درس تحقيق "غزة بروجكت" الذي نُشر الثلاثاء في عدة وسائل إعلام، من بينها "دير شبيغل" و"لوموند" وشبكة أريج للصحافة الاستقصائية و"ذا غارديان" و"زي دي إف" وغيرها، حالات الصحافيين الذين استشهدوا أو أصيبوا بجروح بينما كانوا يغطّون العدوان، أو عندما حاولوا تسليط الضوء على الحياة اليومية للفلسطينيين في غزة الذين يعيشون في ظلّ أزمة إنسانية خانقة غير مسبوقة.

وقال مدير لجنة حماية الصحافيين، كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، الذي أجرى الكونسورتيوم مقابلة معه، إنّ "هذه واحدة من أكثر الهجمات الصارخة على حرية الصحافة التي شهدتُها على الإطلاق".

ونفى جيش الاحتلال "الاتهامات الباطلة التي تفيد بأنّه يستهدف الصحافيين" بحسب مصطلحاته. وأضاف في ردّ على أسئلة "غزة بروجكت"، أنّه "لا يتعمّد إيذاء الصحافيين الذين ربما أُصيبوا أثناء غارات جوية أو عمليات تطاول أهدافاً عسكرية". غير أنّ الكونسورتيوم حلّل صوراً وأصوات واردة من قطاع غزة، وتمتدّ على آلاف الساعات، كما حقّق في عشرات الحالات التي استشهد فيها صحافيون أو أُصيبوا.

بحسب الأرقام التي جمعتها شبكة أريج، فقد استشهد 40 صحافياً أو عاملاً في وسائل إعلام، على الأقل، أثناء وجودهم في منازلهم. في المقابل، استشهد أو جُرح 14 شخصاً رعلى الأقل، أو جرى استهدافهم، أثناء ارتدائهم سترات الصحافة في غزة أو في الضفة الغربية أو في جنوب لبنان، كما استشهد أو جُرح 18 صحافياً في غارات بطائرات من دون طيار في غزة.

وأشارت نقابة الصحافيين الفلسطينيين إلى أنّه جرى تدمير حوالى 70 بنية تحتية صحافية جزئياً أو كلياً منذ بداية الحرب. وقالت عضو الأمانة العامة للنقابة، شروق أسعد، لشبكة فوربيدن ستوريز: "لو قُتل 100 أو 140 صحافياً إسرائيلياً أو أوكرانياً، لا أظن أنّ ردّة فعل العالم ستكون مماثلة".

الاحتلال قتل 10% من الصحافيين الفلسطينيين في غزة

على الرغم من أن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة ونقابة الصحافيين الفلسطينيين يفيدان باستشهاد أكثر من 140 صحافياً منذ السابع من أكتوبر، فإن لجنة حماية الصحافيين الدولية وثقت مقتل 103 صحافيين وعاملين في مجال الإعلام من الفلسطينيين. وهذا يجعلها الفترة الأكثر دموية بالنسبة للصحافيين في العالم منذ عام 1992، عندما بدأت لجنة حماية الصحافيين بجمع البيانات.

وأشارت شروق أسعد إلى أن أرقام الشهداء تمثل عشرة في المائة من إجمالي عدد الصحافيين في قطاع غزة. وأكدت أن النقابة تعمل على إعداد ملفات قانونية لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأضافت أن "الصحافيين في كل مكان يجب أن يحظوا بالحماية، بصرف النظر عن البلد الذي يعملون فيه".

كانت منظمة مراسلون بلا حدود رفعت ثلاث شكاوى إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الصحافيين. شملت الشكاوى ملفات أكثر من 20 صحافياً فلسطينياً قتلهم الاحتلال منذ السابع من أكتوبر.

المساهمون