جريمة إسرائيل المستمرة في غزة هي جريمة جميع الجبهات. جزء منها يُمكن مشاهدته في الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. تطول لائحة المنصات التي أغرقتها إسرائيل بدعايتها. مادة تدريسية مكتملة للراغبين في شرح كلمة "بروباغندا" وفهم آليات تشتيت الرأي العام. دعاية قائمة على فكرة واحدة: "إسرائيل الضحية الأبدية".
حسب معلومات نشرتها صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، خصّصت وزارة الخارجية الإسرائيلية مبلغًا يُقدّر بـ 4.6 ملايين دولار لحملتها الإعلانية في فرنسا. مبلغ يهدف إلى إغراق منصة "يوتيوب" وتطبيقات ألعاب الهواتف الذكية بالإعلانات الداعمة لإسرائيل. لم يقتصر الأمر على إعلان واحد، بل أكثر من جمهور مستهدف، ولكلّ منه الإعلان الذي يُناسب عمره وحالته الاجتماعية.
في اليوم التالي لعملية السابع من أكتوبر، بدأ ظهور الإعلانات الداعمة لإسرائيل على منصة "يوتيوب" في فرنسا. الفيديو الأول تمّ استخدامه لمدة 24 ساعة قبل أن يتوقف بثّه. صوت يتلو نصّاً وفي الخلفية أصوات لأناس خائفة: "حماس أعلنت الحرب على إسرائيل. إسرائيليون، من ضمنهم أطفال ونساء، قُتلوا، وجرحوا وتمّ أسرهم. هذه حرب. إسرائيل ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها من الإرهابيين البرابرة". الفيديو منشور على قناة "يوتيوب" الخاصة بوزارة الخارجية الإسرائيلية، وجد طريقه على قنوات مشاهير المنصة الفرنسيين على سبيل المثال. أمر لا يُمكن لأصحاب القناة التحكّم فيه، وحده توقيت الإعلان في الفيديو الخاص بهم هو ما يُمكن لهم تحديده وفرضه على المنصّة. لا سيما وأن الفيديو لا يحتوي على أي مشاهد دم أو عنف قد تكون مخالفة لسياسات المنصة.
ومن بين مجموع الفيديوهات الدعائية الكثيرة، نجد واحداً يحمل طابعاً طفوليّا؛ ألوان زهرية وألعاب وشخصيات كرتونية، جميعها كفيلة بالإيحاء بأنّها إعلان لبرنامج أطفال. لكنه في الواقع إعلان هادف إلى دعم السردية الإسرائيلية، وموجّه إلى جمهور محدّد هو الأهل. أمّا الرسالة التي يحملها؟ "لدينا رسالة مهمة للأهل: 40 طفلاً تمّ اغتيالهم على يد إرهابيي حماس". الفيديو نفسه أيضاً موجود على القناة الخاصة بوزارة الخارجية الإسرائيلية، وحظي إلى الآن بمليون مشاهدة.
من قواعد وشروط منصة "يوتيوب" منع الإعلانات التي تمسّ الأحداث الكبرى ذات التأثير السياسي أو الاجتماعي... وكل ما يتصل بالأعمال العنفية الجماعية والصراعات. ولكن هذه القاعدة تحمل استثناءً: "لو احتوى الإعلان على محتوى إعلامي محترف فيتمّ تقييم الإرشادات عبر استخدام معايير مختلفة".