أولمبياد باريس: هل تقود روسيا حملة التضليل؟

11 يونيو 2024
تميمة أولمبياد باريس 2024 (ديميتار ديلكوف/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مايكروسوفت تكشف عن حملة روسية لنشر معلومات مضللة تستهدف الأولمبياد في باريس، متهمة روسيا بمحاولة زرع الخوف من أعمال عنف وتشويه سمعة فرنسا وإيمانويل ماكرون.
- الحملة شملت إنتاج وثائقية مزيفة بعنوان "سقوط الأولمبياد"، استخدام الذكاء الاصطناعي لتزييف صوت توم كروز، وفبركة فيديوهات وتقارير تروج لمخاوف من أعمال إرهابية وتهم بالفساد للجنة الأولمبية.
- روسيا تنفي مشاركتها في الحملة المضللة، بينما يؤكد كلينت واتس من مايكروسوفت متابعته للحسابات المروجة للمعلومات المضللة ويتوقع تكثيف الحملة مع اقتراب الأولمبياد، مشيراً إلى استخدام متزايد للذكاء الاصطناعي.

نشرت شركة مايكروسوفت تقريراً عن حملة نشر معلومات مضللة حول دورة الألعاب الأولمبية التي تُقام في باريس هذا الصيف، تقودها روسيا وتسعى من خلالها إلى نشر الخوف من احتمالية أن يشهد أولمبياد باريس أعمال عنف. بعد نشر التقرير، نفت روسيا أي مشاركةٍ لها في حملة مُشابهة، واستنكرت "الحملة الإعلامية المُعادية لموسكو". فما الذي احتواه تقرير "مايكروسوفت"؟ وهل الكرملين يقف فعلاً على رأس هذه الحملة؟

التقرير الذي نشرته شركة مايكروسوفت قبل أيّام صدر عن مركز تحليل التهديدات الرقميّة في الشركة، ويُشير إلى تكثيف روسيا "لحملتها التضليليّة الخبيثة ضدّ فرنسا، ورئيسها إيمانويل ماكرون، واللجنة الأولمبية الدولية، ودورة الألعاب الأولمبية التي ستجري هذا الصيف في باريس". ذكر التقرير في بدايته أنّ تاريخ روسيا في استهداف الألعاب الأولمبية "طويل وممتدّ لعقود"، ولكن لاحظ استخدام موسكو لخططٍ وأدواتٍ قديمة ومزجها مع الذكاء الاصطناعي في الحملة الحالية. أمّا هدف روسيا التي توقّع التقرير أن تتكثّف مع اقتراب موعد افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس، فينقسم إلى جزأين: تشويه سُمعة اللجنة الأولمبية الدولية، وخلق مخاوف وتوقعات لاندلاع أعمال عنف في باريس خلال الأولمبياد.

ذكر التقرير أنه من خلال تعقّبه لأكثر من جهة فاعلة وذات نفوذ روسي، لاحظ تحويل عمليّاتهم منذ شهر حزيران/يونيو 2023، مُركّزين على الدورة المقبلة للألعاب الأولمبية.

"سقوط الأولمبياد"

بدأت الحملة بعد انتشار إعلان لسلسلة عنوانها "سقوط الأولمبياد" Olympics has Fallen سيكون بطله الممثل توم كروز، وهي تستنسخ فيلم التشويق الأميركي Olympus Has Fallen الذي مثّل فيه كروز عام 2013 . انتشرت السلسلة (4 حلقات) على أنه وثائقي من إنتاج منصة نتفليكس، واستخدم فيه صوت مزيّف لتوم كروز، مولّد عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع حديث مفبرك يُشير فيه كروز إلى مشاركته في الفيلم ويُسيء إلى لجنة الألعاب الأولمبية.

يتحدّث التقرير عن أن حملة الترويج لهذا الفيلم كانت مُتقنةً لناحية المهارة والجهد مُقارنةً بحملات تأثير أخرى؛ سواء لناحية استخدام مؤثرات صوتية خاصة، أو عبر حملة التسويق الواسعة، أو فبركة إعجاب وسائل إعلام غربية ومشاهير بالفيلم (مثل بي بي سي أو صحيفة نيويورك تايمز). تحتوي الحلقات على معلومات خاطئة عن تهم بالفساد للجنة الدولية للألعاب الأولمبية، أو اختلاق صور تشير إلى أن والد رئيس اللجنة كان جندياً نازياً.

فيديوهات لنشر الخوف من أولمبياد باريس

اختلقت هذه الحملة أيضاً، حسب تقرير "مايكروسوفت" مجموعة من الفيديوهات والتقارير الإعلامية المنسوبة إلى قنوات إعلامية فرنسية دولية، للترويج لوجود مخاوف من حصول عمليات إرهابية في باريس خلال الأولمبياد. يُقدّم التقرير أمثلة عن اختلاق تقرير تلفزيوني لقناة فرانس 24، يزعم أن 24 في المائة من تذاكر الأولمبياد أعيدت بسبب مخاوف الناس من وقوع أعمال إرهابية. كما تمّ اختلاق تقرير إعلامي آخر، زُعم أنه صادر عن شبكة أورو نيوز، يزعم أن الباريسيين يقومون بالتأمين على ممتلكاتهم تحسّبًا من الإرهاب أيضاً. هذا بالإضافة، إلى توليد بيانات صحافية مزيّفة صادرة عن وكالة المخابرات الأميركية، تتوقع حصول عمل إرهابي، وكذلك عن المديرية الفرنسية للأمن الداخلي التي تتحضّر للإعلان عن شيء ما يخصّ الأولمبياد.

يُشير التقرير إلى إقحام فلسطين في هذه الحملة، حيث إن شهراً بعد أحداث السابع من تشرين أول/أكتوبر، انتشرت صورة عبر الإنترنت لرسم غرافيتي على أحد جدران العاصمة باريس، يُهدّد الإسرائيليين الذين سيحضرون الأولمبياد. تبيّن بعد المراجعة أن الصورة مُفبركة ولا وجود لها في الواقع. هذه الفبركة، تطاول منذ أشهر أيضاً مواقع إخبارية وصحافية فرنسية، حيث يتمّ اختلاق الأخبار ونسبها إلى مواقع صحافية فرنسية معروفة.

توقّع التقرير أن تتكثف الحملة في المرحلة المُقبلة، من الآن وحتى افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس في 26 تموز/يوليو. كما توقّع التوجه إلى تقنيات أكثر دقة، والسعي إلى الترويج للمعلومات بلغات أخرى غير الفرنسية، والقيام بإغراق وسائل التواصل الاجتماعي بها.

هل هم فعلاً الروس؟

صحيفة ليبراسيون الفرنسية أجرت لقاءً صحافياً مع العميل السابق في وكالة المخابرات الأميركية والمُحلّل في شركة مايكروسوفت، كلينت واتس، والذي عمل على التقرير. عند سؤاله عن الحسابين الرئيسيين في الترويج للمعلومات المُضلّلة، ذكر أنه يُتابع هذين الحسابين منذ حوالي العشر سنوات وذلك في سياق متابعته لحملات التضليل الروسية. يقول إن الحسابين سبق أن شاركا في الترويج لمعلومات خاطئة بهدف زعزعة الانتخابات الأميركية في عام 2016، والانتخابات الفرنسية في عام 2017.

كان نشاط الحسابين محصوراً في موقعي تويتر (إكس) وفيسبوك في السابق، لكنّه يشير إلى أنهما اليوم حاضران على جميع منصات التواصل الاجتماعي لا سيما "تليغرام". ومن اللافت أنه لا يجزم بمعرفته ما اذا كانت هذه المجموعة تأخذ أوامرها مباشرة من الكرملين، لكن من المؤكد أنها مرتبطة بالروس. أمّا عن استخدام الذكاء الاصطناعي، فيشير إلى أن استخدامه حتى هذه اللحظة لم يكن شديد الحضور؛ إذ جرى استخدامه لتزييف حديث الممثل توم كروز، ولاختلاق فيديو آخر. لكنه يتوقّع الرجوع إليه في الفترة المقبلة لاختلاق ونشر المعلومات المُضلّلة.

المساهمون