يُعرف العراقيون بحبهم للأمثال. ومما يذكره أهل بغداد قديماً أن مقاهي عدة على نهر دجلة كانت تستقطب الناس لوجود كبار السن الذين يجيدون حكاية القصص وضرب الأمثال ويعرفون معانيها وأسبابها. وكان أصحاب تلك المقاهي يحرصون على وجود هؤلاء لجذب الزبائن.
وحالياً يستعين العراقيون بالأمثال في كل مجالسهم للتعبير عن الأوضاع العامة أو حتى الخاصة، و"هي بمثابة توفير للوقت والكثير من الكلام"، وفقاً للباحث البغدادي عمر الأعظمي، الذي يؤكد تفرد المجتمع العراقي بحبه لضرب الأمثال والاستشهاد بها، فضلاً عن كونها أمثالاً مرتبطة بأحداث عراقية جرت خلال القرون الماضية. ويضيف الأعظمي أن "الأمثال كانت في وقت سابق نوعاً من أنواع الانتقاد السياسي والتمرد على الأوضاع من دون أن يتحمل صاحبها مسؤولية اقتياده لدوائر الأمن. وحالياً لا تزال الأمثال حاضرة بين الناس حتى بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، والإعلان عن عهد سياسي جديد".
ومن أبرز تلك الأمثال:
- "حمد شابع فشك وحمود شابع صيت": يستخدم لوصف الشخص الذي يعمل ويجتهد طول النهار بينما يحصل على الثناء والشكر شخص آخر لم يقم بأي مجهود. ويعود أصل القصة إلى قرون ماضية، عندما تعرضت إحدى القبائل إلى هجوم من قطاع الطرق، فقام شاب يدعى حمد بردّ اللصوص وإحباط هجومهم، بينما كان شقيقه الأكبر حمود نائماً. لكن في الصباح الباكر تجاهل الجميع حمد، وأثنوا على شجاعة حمود.
- "دافنينه سوا": وتقال للشخص الذي يعرف كل شيء لكن لا يريد الحديث.
- "ياكلون تمر ويضربونا بالنوة": ويشيع هذا المثل بالحديث عن الانتقادات للطبقة السياسية والفساد المالي المستشري في البلاد.
- "تجيك التهايم وانت نايم": يُضرب هذا المثل على الشخص غير المحظوظ، الذي تلاحقه المشاكل والتهم، دون أن يكون له أي دور في التسبب بها.
- "كل لشة تتعلك من كراعها": وهو تعبير عن صورة الشاة المذبوحة المعلقة من أرجلها. واللشة هي جثة الشاة باللهجة العراقية، وكراعها هي الأرجل. ويقصد فيها أن كل إنسان مسؤول عن عمله، ورغم المعنى الحرفي الغريب للمثل، إلا أنه يمثل حالة من قبول الآخر حتى وإن أتى بفعلٍ غير مقبول.
- "لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي": قصة المثل تعود إلى سيدة وقعت في غرام رجل يدعى "سيد علي" لكنها لم تنجح في الزواج منه، فتزوجت برجل آخر لكن سرعان ما تطلقا، لذلك قيل عنها "لا حظت برجيلها (زوجها) ولا هي أخذت سيد علي". ويستخدم العراقيون هذا المثل لوصف هؤلاء الذين لا يستغلون الفرص في أوقاتها.
- "عصفور كفل زرزور وثنينهم طيارة": الزرزور هو نوع من أنواع الطيور، صغير الحجم، يشبه إلى حدٍ كبير العصفور. ويستخدم المثل لوصف حال اللصوص أو المشاغبين، حين يكفل أحدهم الآخر، لكن في الحقيقة هما يتشابهان في الشر، فلا يمكن الاتكال على كفالة أحدهما للآخر.
"
هم نزل وهم يدبج عالسطح": النزل، هو المستأجر أو الذي يسكن في مكان ليس ملكه، و"يبدج" بمعنى يتحرك ويقفز من مكان إلى آخر، أو كما يقول أهل الشام "يدبك". يقال هذا المثل على من يسكن في غير ملكه بالقفز على سطح البناية. وهو مثل لذم المعتدين على حقوق أو أملاك الغير.
- "البزون يحب خناكه": يطلق العراقيون على القطة اسم "البزون"، ويطلقون هذا المثل على من يتمسك بعلاقة أو وظيفة أو مهنة لا يجني منها غير التعب والإرهاق والخسارة.
- "يركض والعشا خُبّار": "العشا" هو وجبة العشاء، أما الخُبّار، فهو الأزهار الخضراء الصغيرة التي تُعرف أيضاً، باسم "الخبيزة"، ويستخدم المثل لوصف الإنسان الذي يتعب في عمله من دون مردود مالي جيد.
- "من حبّك لاشاك": "لاشاك" باللهجة العراقية هو المزاح أو التودد، لذلك يقال إن من أحبك تقرَّب إليك بالود.
- "مثل السمج ماكول مذموم": "السمج" باللهجة العراقية هو السمك، ويقول العراقيون إنه مأكول ومذموم، كونه لذيذاً لكن رائحته بشعة، بالتالي فإن هذا المثل يُطلق أحياناً على الناس الجيدين لكن لديهم صفة أو أكثر سيئة، أو الشخص الذي يُقدم خدمة لشخص آخر لكنه يتعرض بعد ذلك إلى اللوم.